الظروف الاقتصادية الخانقة تغيّر أولويات الإنفاق لدى السكان شمالي الحسكة

تل تمر – نورث برس

على وقع استمرار الانهيار المتلاحق لقيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية، يجد خالد إبراهيم (55 عاماً)، نفسه مُجبراً لإعالة أسرته المؤلفة من 14 فرداً، والاكتفاء بشراء الضروريات كالخضراوات والسكر والشاي والخبز والحبوب بدلاً من اللحوم وغيرها.

وضمن شارع فلسطين، السوق الرئيسي الهامّ في بلدة تل تمر شمالي الحسكة، شمال شرقي سوريا، يقول الرجل، “سابقاً كنت أشتري اللحوم في الأسبوع مرتين، لكن حالياً بالكاد نشتريها مرة كل شهر، الفاكهة استغنينا عنها نهائياً”.

ويشهد سعر صرف الليرة السورية هبوطاً مستمراً، حيث يصل في السوق السوداء إلى 4000 ليرة مقابل دولار أميركي واحد، الأمر الذي يُشكِّل صعوبات معيشية كبيرة للسكان المحليين أمام شراء مستلزماتهم المنزلية في ظلّ غياب فرص العمل للكثيرين.

وبدت ضربات الأزمة الاقتصادية الراهنة على جيوب سكان البلدة الصغيرة واضحة، هذه البلدة التي تشهد توترات أمنية جرّاء القصف التركي المستمرّ على مشارفها، لتفرض على معظمهم نمطاً جديداً من الإنفاق الحذر، ليقتصر على الأساسيات فقط.

ويشتكي “إبراهيم”، من غلاء جميع المواد في ظل تراجع مردوده المادي من الزراعة والماشية.

ويُشير إلى أنه يعتمد حالياً على بيع رؤوس من أغنامه التي تشهد انخفاضاً في أسعارها، فيقول، “أبيع الرأس منها بـ 100 ألف ليرة وهي لا تسدّ حاجة أسرتي لعدة أيام”.

ووفقاً لأصحاب المحال التجارية ضمن السوق، فإن حركة المتسوّقين تضاءلت كثيراً، لا سيما الحركة الشرائية، معللين ذلك إلى تراجع المواسم الزراعية وتدهور قطاع الثروة الحيوانية في العامين الأخيرين، مما يفرض على شريحة كبيرة تغيّر أولويات الإنفاق لديهم.

ويشير ياسين الدرويش(60 عاماً)، وهو من سكان ريف تل تمر، إلى أن الظروف المناخيّة في العامين الأخيرين ألحق خسائر كبيرة  بمردوده الذي يعتمد على تربية الماشية.

ويقول، “الكثير من الأمور الأساسية لم نعد نستطيع شراءها مثل الفاكهة وغيرها، نعتمد على الخضراوات والسكر والطّحين، كما أن اللباس في الأعياد لم نعد نستطيع شراءه”، ويُضيف، ” بالمختصر أوضاعنا صفر”.

ورغم غياب الدراسات حول تداعيات الأزمة الاقتصادية وتأثيرها على إنفاق العائلات، إلا أن حال السكان يؤكد على تركيزهم على الأساسيات الحياتية ووضع الكماليات الأخرى جانباً في ظل الظروف الراهنة.

وفي محل لبيع الخضراوات والفاكهة، تُوضح مريم الجاسم(45 عاماً)، بأنهم منذ مدة طويلة لم يشتروا ألبسة جديدة، كما أنها لم تعد تقصد زيارة أهلها لتوفيرالمصاريف، بعدما أثرت الظروف المناخية على مردودهم المادي الذي يعتمد على تربية الماشية.

وتقول السيدة الأربعينية، وهي تحمل بضعة أكياس مليئة بالخضار، “فرص العمل قليلة وزوجي مريض، والوضع المادي متدهور فوق ما تتصور”.

وتُشير، وهي من سكان منطقة جبل كزوان (جبل عبدالعزيز)، وأم لسبعة أطفال، إلى أن أولوياتهم في الحياة هي شراء الخضراوات والخبز حالياً.

مُضيفةً، “منذ أكثر من ستة شهور لم نشتري الفروج، والفاكهة لم نشتريها منذ عامين”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد