دمشق – شذى سليمان – NPA
"لم أكن سعيدة في عفرين، وشعرت بنفسي أننا مغتصبون لأرض غيرنا".
بدأت أم هيثم حديثها مجيبة على سؤال حول أسباب عودتها من عفرين، التي يقطنها مئات آلاف الأشخاص ممن وفدوا إليها مع سيطرة فصائل "غصن الزيتون" المدعومة من تركيا.
أم هيثم سيدة من أهالي الغوطة الشرقية نزحت مع أولادها عقب سيطرة القوات الحكومية على الغوطة الشرقية في آذار/ مارس من العام 2018، نتيجة عملية عسكرية وتسويات مع الحكومة بضمانة روسية.
سوء المعاملة
تترقب أم هيثم عودة زوجها المفقود في معتقلات المخابرات الحكومية منذ أشهر طويلة، في الوقت الذي تمارس فيه دور الأبوين، معربة عن حاجتها للدعم والمساندة في رعاية أولادها ضمن الوضع الجديد للغوطة الشرقية.
لم يكن بيتها الذي عادت إليه كما تركته حين غادرت الغوطة الشرقية في صفقة التسوية والنزوح التي جرت بين فصائل المعارضة المسلحة وقوات الحكومة السورية والقوات الروسية.
تتحدث أم هيثم لـ"نورث برس" عن عدم قدرة والدها على حماية منزلها من النهب والفوضى، فيما حاولت هي إعادة إعماره ونجحت بذلك رغم تهدم وتحطم معظم أجزائه، في ترقب عودة أولادها لمقاعد الدراسة.
عودتها إلى الغوطة الشرقية كانت من عفرين، التي نزحت إليها عقب سيطرة القوات التركية وفصائل "غصن الزيتون" على المنطقة في شمال غربي سوريا، ولفتت أم هيثم إلى أنه "على طريق دمشق اعتقل عدد ممن كان يرافقني في طريق العودة إلى الغوطة".
سبب عودتي كان شعوري مع عشرات العوائل الأخرى أننا "نغتصب أرض غيرنا رغم دفعنا لآجار المنزل، لذا قررت العودة مع آخرين رغم معرفتنا بالمخاطرة".
وتصف الوضع في عفرين أنه "لم يكن جيداً وفق التوقعات" مضيفة: "سوء المعاملة من قبل فصائل المعارضة هو ما زاد إصراري على العودة مع عدم ارتياحي للإقامة فيها".
النزوح والمخاوف
تعود أم هيثم بذاكرتها لمرحلة ما قبل النزوح من الغوطة الشرقية نحو شمالي سوريا، واصفة آلامها ومخاوفها من دخول القوات الحكومية السورية إلى المنطقة حينها.
وقالت أم هيثم: "أنا أم مسؤولة عن أربعة أطفال أكبرهم ابنتي البالغة من العمر /16/عاماً، وزوجي معتقل منذ خمس سنوات ولا أعرف عنه شيئاً، وشكّل غيابه قسوة تضاهي قسوة الحرب علينا".
وأردفت: "خرجت من الغوطة الشرقية بعد تعرضها للقصف إلى منطقة في ريف دمشق قرب نهر بردى، لأفقد أمي نتيجة إصابتها برصاص قناص عند حاجز المليحة شرق العاصمة دمشق".
وأشارت لاتخاذها قرار العودة وتفضيل الموت في منزلها على ما تعانيه من ظروف مأساوية في كل انتقال من مكان لآخر، إلا أن اشتداد القصف في الربع الأول من العام 2018، دفعها للخروج مع بقية سكان الغوطة نحو إدلب وشمالي سوريا.
وتقول عندما اشتد القصف خرجنا نحو إدلب وأوصيت أبي بحراسة البيت ولكن لم يتمكن من حراس الوصية ولم تبقَ أم هيثم في عفرين طويلاً بل عادت بعد أن اتخذت قرارها النهائي، مشيرة في كل حرقة تلفظها، أن الظروف تكون أقوى من طاقتها في غياب شريكها في هذه الحياة، وأن الكثيرات يشاركنها الوجع ذاته في الغوطة وعموم الأراضي السورية.