الواقع الصحي في هجين قبل وبعد سيطرة "الدولة الإسلامية"

دير الزور – جيندار عبدالقادر – NPA
تعرض الأطباء كسائر المدنيين في بلدة هجين/110/ كم شرقي ديرالزور، للتضييق والمراقبة من قبل تنظيم “الدولة الإسلامية” (داعش)، بفرض قوانينه عليهم من تحديد اختصاص الأطباء وما يجوز القيام به من عدمه أثناء سيطرته على المنطقة.
أطباء النسائية والتوليد كان لهم القدر الأكبر من هذه المضايقات؛ نظراً للقوانين التي فرضها التنظيم، حارماً إياهم من مزاولة مهنتهم والكشف على النساء المرضى في مناطق سيطرته.
وفي جولة لـ”نورث برس” في بلدة هجين, رصدت الواقع الصحي بعد مرور سبعة أشهر من طرد قوات سوريا الديمقراطية مسلحي تنظيم “الدولة الإسلامية”(داعش) منها في منتصف كانون الأول/ديسمبر2018  بعد معارك ضارية أدّت لدمار كبير طال البنية التحتية في المدينة.
قبل الأزمة
أوضح الطبيب محمد عبد الكيصون (56 عاماً) من سكان قرية ببرص التابعة لهجين لـ”نورث برس” بأن الواقع الصحي والطبي في هجين قبل الأزمة السورية كان متطوراً للغاية، “ووصل لمرحلة تضاهي بقية المناطق السورية”.
وبيّن الكيصون بأنه كان هناك العديد من المشافي والمستوصفات المزودة بمختلف الأجهزة الطبية الحديثة مثل الطبقي المحوري والرنين والتصوير الشعاعي والعمليات التنظيرية والاستقصائية، قائلاً “ما كان متوفر في العاصمة دمشق كان أقرب مما هو متوفر هنا في مدينتا والمدن والبلدات المجاورة لنا”.
وغادر الأطباء من أهالي هجين بلدتهم في فترات متفرقة بدأت مع انتهاء سيطرة قوات الحكومة السورية على البلدة مروراً بدخول فصائل المعارضة المسلحة وهيئة تحرير الشام(جبهة النصرة سابقاً)؛ ليغادرها المتبقون أثناء سيطرة التنظيم عليها.
مضايقات
وقام الطبيب الكيصون بتجهيز مشفى خاص على نفقته قبل سيطرة التنظيم على المدينة، إلا أن الأخير بعد سيطرته لم يسمح له بافتتاحه كونه طبيب نسائي والمشفى خاص بالأمراض النسائية، وبسبب رغبة التنظيم في تعيين أمير صحة للإشراف على المشفى.
يقول الكيصون “رفضت الأمر, ما كان علي إلا أن أقوم بإغلاق المشفى الذي كان مجهزاً بمختلف الأجهزة الطبية الحديثة، بلغت تكلفتها نحو//200 مليون ليرة سورية” (حوالي334  ألف دولار), مشيراً إلى أنها تعرضت للسرقة والمشفى أيضاً تعرض للضرر نتيجة المعارك بين قوات سوريا الديمقراطية ومسلحي التنظيم. 
ويردف الكيصون “خلال سيطرة التنظيم تم تسليمي مشفى هجين ولكنني فرضت بعض الشروط ومن بينها أن لا يكون هناك تواجد لعناصر التنظيم فيها”، مشيراً إلى أن المشفى  قدم خدماته لسكان البلدة وريفها بكادر بلغ نحو/90/ ممرضاً وعاملاً في المجال الصحي من هجين وريفها.
بعد التنظيم
أشار الكيصون إلى أن كافة الأطباء الذين “نزحوا وهربوا” نتيجة ممارسات الفصائل العسكرية المختلفة لم يعودوا إليها بعد طرد قوات سوريا الديمقراطية مسلحي التنظيم .
وتعرض المشفى الخاص بالطبيب الكيصون لدمار وسرقة كافة الأجهزة الحديثة التي قام الطبيب بإخفائها في بعض الحفر وطمرها.
يقول الطبيب الكيصون “بعد طرد التنظيم عدّتُ إلى بلدتي وكان المشفى الخاص بي مختلفاً، لا يشبهه كما تركته أثناء نزوحي” مبيناً أنه قام بترميم أجزاء منه بنحو /13/ مليون ليرة سورية(حوالي22  ألف دولار).
ويعمل حاليا في المشفى الخاص /20/ عامل صحة من ممرض وقابلة ومساعد جراح ومخدر؛ ليقوموا بتقديم الخدمات الجراحية النسائية وجراحات وعمليات عامة, إضافة لتوفر قسم حواضن للأطفال.
وكانت هجين مركز الثقل لتنظيم “الدولة الإسلامية” في آخر جيوبه في الريف الشرقي لدير الزور, قبل أن تتمكن قوات سوريا الديمقراطية من  السيطرة عليها.