مخاوف سكان ريف حلب الشمالي من عملية عسكرية تركية

ريف حلب الشمالي- نورث برس

ينعم أحمد زعرور ( 44عاماً) وأسرته في بلدة مسقان بريف حلب الشمالي بالاستقرار بعد أن تحسنت أوضاعه المالية قليلاً، لكنه يخشى من النزوح مجدداً والعيش في خيمة وبظروف أشد قسوة مما عاشها سابقاً، بسبب تهديدات تركيا بالقيام بعملية عسكرية في تل رفعت.

ولا تبعد تل رفعت عن بلدة مسقان سوى 7 كم، ومن المحتمل أن أي اشتباك أو قصف على المدينة سيطال البلدة ويدمر منزل “زعرور” ومشروعه الزراعي، كما باقي ممتلكات السكان.

ولوح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في الأول من الشهر الجاري مجدداً، بشن عملية عسكرية جديدة على الحدود الشمالية السورية لإقامة ما سماها بـ”المنطقة الآمنة” بعمق 30 كم.  وحدد تل رفعت ومنبج هدفاً للعملية.

وكان “زعرور”  قد اضطر بعد دمار منزله، إثر المعارك التي شهدتها منطقته عام 2016 بين القوات الحكومية وفصائل المعارضة، للهروب برفقة أسرته بواسطة جرار زراعي تحت وابل من الرصاص والقذائف والتوجه إلى مخيم قرب الحدود التركية في إدلب.

يقول: “عانيت الأمرين حين خرجت من منزلي، قضيت أكثر من أربع سنوات في منزلٍ متهالك في منطقة أطمة بالقرب من الحدود السورية التركية”.

وقبل سنتين، عاد الرجل إلى مسقط رأسه، وقام بترميم  منزله واشترى مولدة وألواح طاقة شمسية لمشروعه الزراعي بعد أن استدان مبالغ مالية وباع جراره الزراعي ومصاغ زوجته.

وكل تلك الجهود قد تصبح في “مهب الريح”، على حد تعبيره، إذا ما اشتعلت الحرب في المنطقة.

“موجة نزوح أخرى”

وفي 2012، سيطرت فصائل المعارضة المسلحة السورية على معظم ريف حلب الشمالي ودارت معارك طاحنة بينها وبين القوات الحكومية، أدت إلى موجة نزوح كبيرة من المنطقة، فضلاً عن دمار لحق بالبنية التحتية.

وكانت الحكومة السورية قد أعلنت في شباط/ فبراير عام 2020، سيطرتها على الطريق الدولي الواصل بين حلب ودمشق، لتدخل إلى قرى وبلدات أبرزها حريتان وعندان وكفر حمرة شمال غربي حلب.

وبعد الانتهاء من عمليات التمشيط، عادت عائلات من سكان عدة قرى وبلدات بريف حلب الشمالي مثل مسقان وكفر ناصح وكفر نايا ودير جمال وحردتنين وتلجبين وحيان ووبيانون وغيرها إلى منازلهم في هذه البلدات وغيرها على أمل الاستقرار فيها بعد رحلةٍ شاقة من النزوح.

وأغلب السكان كابدوا العناء لترميم منازلهم المدمرة والمتضررة وعادوا للعمل بمزارعهم ومحالهم التجارية.

ويعتقد السكان أن كل هذه الخطوات التي قاموا بها باتت تحت التهديد والوعيد التركي الذي تزداد مؤشراته مع تداول أنباء عن توافد المزيد من الحشود العسكرية التابعة للمعارضة الموالية لأنقرة إلى خطوط التماس القريبة من قراهم وبلداتهم.

وتزداد مخاوف السكان من موجة نزوح أخرى مع ارتفاع حدة القصف التركي وفصائل المعارضة الموالية، على قرى بالمنطقة وخاصة التي تقع على خطوط التماس

“سنتعرض للتصفية”

ليست مخاوف يوسف حنورة (36  عاماً) من أهالي قرية حردتنين بأقل من مخاوف سابقه، فهو يرى أنه “ليس الكرد وحدهم المستهدفون في العملية العسكرية التركية في حال حدوثها، بل كل مكونات ريف حلب الشمالي هي ضمن دائرة الخطر والاستهداف”.

يقول الرجل الثلاثيني: “في حال شنت تركيا والمعارضة هجومها، وهذا ما لا نتمناه، سنتعرض للموت أو الاعتقال أو التصفية على يد عناصر المعارضة بحجة دعمنا للحكومة وإجراء صفقة معها كما نُتهم دوماً”.

ويرى سكان المنطقة أن الحرب التي تلوح بها أنقرة، هدفها تدمير ما حققه الناس من مكتسبات بسيطة وحالة الأمن النسبي التي عاشوها في الفترة الماضية.

ولا يختلف هؤلاء على أن عودة الفصائل الموالية لتركيا إلى مناطقهم تعني عودة السرقات والخطف وفرض الإتاوات، كما يحدث حالياً في عفرين ومناطق أخرى في سوريا تسيطر عليها تركيا والفصائل.

ويعتقد عثمان عبد القادر (58 عاماً)، وهو من سكان بلدة تل جبين أن تركيا لن تقف عند حدود تل رفعت، “بل تطمح لتوسيع حدودها إلى حلب”.

ويضيف: “كل مناطقنا ضمن مخططاتها التوسعية، ونخشى من العودة لزمن قطع الطرقات وفصل الريف عن المدينة، كما حدث في بداية الحرب حيث كان الوصول لحلب التي لا تبعد عن بلدتنا سوى  20كم يتطلب 18 ساعة”.

إعداد: جورج سعادة – تحرير: سوزدار محمد