بالبصيرة لا بالبصر استطاع أن يتغلب على صعوبات الحياة والاندماج بالمجتمع

الرقة ـ أحمد الحسن ـ NPA
“رغم فقدي لبصري سأعمل على تشجيع ذوي الاحتياجات الخاصة ليندمجوا بالمجتمع”.
بهذه الكلمات بدأ عيسى الشيخ عضو مكتب ذوي الاحتياجات الخاصة التابع للجنة الشؤون الاجتماعية والعمل في مجلس الرقة المدني حديثه مع “نورث برس”.
ولد عيسى الشيخ في مدينة الرقة عام 1991 فاقدا للبصر من عائلة متوسطة الدخل، أخذت بيده ليتعلم ويندمج بالمجتمع دون أن يشعر بالنقص.
يقول في حديثه لـ”نورث برس”: وفرت لي عائلتي البيئة المناسبة التي عوضتني عن فقدي لبصري”.
درس عيسى لغة “البريل” وهي لغة الأحرف النافرة الخاصة بالمكفوفين، حيث استطاع الحصول على الشهادة الإعدادية ثم الثانوي والتي أهلتهُ لدخول فرع الحقوق في جامعة حلب.
عيسى الشيخ والذي لم يستطع متابعة دراسته بسبب ظروف الحرب القاسية التي مرت بها المنطقة، يقول “حصلت على الشهادة الثانوية ودرست الحقوق في جامعة حلب ولكن سيطرة تنظيم “الدولة الإسلامية” على الرقة حال دون إتمامي دراستي”.
وبعد سيطرة قوات سوريا الديمقراطية على مدينة الرقة 2017 توجه عيسى إلى مجلس الرقة المدني الذي تبنى مقترحاته حول ذوي الاحتياجات الخاصة فكان بذلك بصيص الأمل لأصحاب الإعاقات في مدينة الرقة.
يوضح الشيخ “تبنى مجلس الرقة المدني مقترحاتي حول ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال مشاريع سوف تتبلور قريباً واقعاً يعيشونه”.
عمل عيسى ضمن فريق خاص على جمع إحصائيات لأصحاب الإعاقات في مدينة الرقة والتي قُسمت إلى قسمين كما بيّن بقوله “لدينا أكثر من /500/ إعاقة في مدينة الرقة /200/ من تلك الإعاقات قابلة للتغيير وهم من الفئة العمرية التي تتراوح بين تولد 2000 و2014 حيث يستطيع هؤلاء الاندماج بغية التغيير”.
تغيير نظرة المجتمع للمعاقين كانت الغاية التي يسعى ورائها الشيخ بقوله “نعمل على أن يكون تدخلنا إيجابي في حياة المعاقين من خلال زيادة الوعي لديهم ودمجهم بسوق العمل والأهم تغيير النظرة السلبية للمجتمع تُجاههم”.
ويتابع: إظهار الإمكانيات التي يمتلكها ذوي الاحتياجات الخاصة وتقبل المجتمع لهم والنظر إليهم كأشخاص منتجين كانت الغاية من تأسيس مكتب ذويي الاحتياجات الخاصة “لا نريد أن ينظر الناس إلى أصاحب الإعاقات نظرة الشفقة بل يجب أن نأخذ بيدهم ليفرضوا احترامهم على الجميع وأنهم جزء فعال في المجتمع لا يمكن الاستغناء عنه”.
وقد استطاع عيسى أن يوصل رسالته إلى العالم والتي بينها بقوله “الهدف من عملي هو إيصال رسالتي إلى المجتمع بأنَّ هؤلاء الأشخاص الذين فقدو إحدى وظائفهم الحسية أو الجسدية هم أشخاص قادرين على العطاء وعلى المساهمة في بناء مجتمعهم”.
ويكمل، “كما أنَّ هؤلاء الأشخاص كانوا مهمشين طيلة السنوات السابقة لذلك يجب أن يبذل بعض الجهد ليتمكنوا من إعالة أنفسهم دون الحاجة إلى أحد”.
شكل عيسى علاقات اجتماعية طيبة مع جميع زملائه في العمل والذين يعتبرونه قدوة في الكفاح وإثبات الوجود.
وقد بين أسامة الخلف أحد موظفي المجلس المدني لـ”نورث برس” علاقته بعيسى قائلا “إنّه من أكثر الشباب مرحاً وإلماماً بعمله بالإضافة إلى كونه صديق الجميع وصاحب الكلمة الطيبة”.
لم تشكل الإعاقة البصرية عائقاً أمام شخص تصالح مع واقعهِ وحفظ ملامح المكان الذي يعمل فيه فهو يعمل كأي موظف أخر دون أن يشعر بالحاجة إلى غيره بل جعل من نفسه قدوةً يلجئ إليها أقرانه من ذوي الاحتياجات الخاصة في خطوة للاندماج في مجتمع سادته نظرة الشفقة تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة.