نورا ذات الـ 10 سنوات.. ضحيَّة وقود الحرب

إدلب – NPA
على بعد أميال قليلة من سلقين تجلس الطفلة نورا بين إخوتها خجلة من عدسة الكاميرا التي قدمت من أميال بعيدة، لتسلِّط الضوء على حالة، هي إحدى مفرزات سنوات الحرب الثماني.
تجلس ذات الـ 10 سنوات على مقربة من والدها الذي يتكئ على كيس، لم يكن إلا حقيبة نزوح تحمل ما أمكن اصطحابه من منزل، تركه أصحابه، فارين من مكان ذكرياتهم ومن ذات المكان الذي أحرقَ وجه نورا.
تبتعد الطفلة محاولة الالتهاء بشيء ينسيها خجلها حاملة معها ابتسامة تمنع الحروق إظهارها، فتذهب لتهز سرير شقيقها الرضيع، فيما ينظر والدها بحسرة إليها بعد أن أنفق أمواله لعلاجها.
يستقيم الأب، القادم مع عائلته نازحاً من جبل شحشبو، في جلسته، ليحدثنا عن الكارثة التي حلَّت بطفلته قبل عامين فيروي لـ “نورث برس” وقائع بعضها كان غائباً لحظة حدوثها وبعضها الآخر عايشها، وفي كلا الحالتين كان الألم أول ما بدأ يداهم عينيه.
يتحدث الأب بشعور المستسلم عن احتراق وجه طفلته خلال إشعال مدفأة في شتاء ما قبل عامين، “كنا أنا ووالدتها خارجين للعمل في الشتاء قبل نحو عامين، وقام أحد أخوة نورا بمحاولة إشعال مدفأة حطب وسكب الكاز على بقايا الجمر ليشتعل الجمر وينسكب ما تبقى منه على وجه الطفلة”.
“الجيران وأعمام نورا سارعوا إلى إطفاء النيران المشتعلة في وجهها بعد أن هرعوا على صراخ أطفالي”، يسرد الأب مكملاً القصة من خيمة نزوحه في مخيم الصهرية بشمال غربي سوريا.
نقلت الطفلة إلى تركيا لتتلقى العلاج في مشافيها، واستمر علاج نورا لمدة شهرين، فيما جرى ترحيلها بعد انتهاء جلسات العلاج وأخذ بعض الجلد من أطرافها السفلية وتجميل وجهها به.
رحلة المعالجة استمرت داخل الأراضي السورية في مشفى الحكمة، الذي قصفته القوات الحكومية” وخضعت لعلاج يخص الالتهابات ومن ثم حولت إلى مدينة إدلب، وأجرى والد نورا /16/ عملية ليزرية وعمليتين جراحتين للوجه بتكلفة /50/ ألف ليرة سورية لكل جلسة.
العائلة نزحت مؤخراً ضمن أكثر من /550/ ألف شخص نزحوا من مناطق خفض التصعيد نحو شمالي سوريا ومخيمات النزوح المتفرقة ضمن مناطق سيطرة فصائل المعارضة المسلحة وقوات درع الفرات وغصن الزيتون المدعومة من تركيا.
في حين زادت ضغوطات الحياة من أعباء الأب الذي يشعر بنفسه وحيداً برفقة زوجته وأطفاله الصغار، ولم توفر الظروف القدرة على استكمال علاج ابنته التي قال لـ “نورث برس” في ختام اللقاء أن الأطباء أكدوا له عدم وجود علاج لها في البلاد.
يطرق الأب بنظره نحو الأرض ويفصح عن أمنيات بداخله لنقل ابنته من قبل منظمة إنسانية أو سلطات بلد ما لاستكمال علاج ابنته حتى تتمكن من مواجهة مستقبلها كباقي الأطفال، فيما نورا تسارع لتعين والدتها في أعمال منزلية تجري تحت الخيمة.