نبل والزهراء.. 70 ألف نسمة معرضون للنزوح في حال توغل تركيا بتل رفعت

حلب ـ نورث برس

يتخوف رشيد عساف (47 عاماً)، من سكان مدينة نبل بريف حلب الشمالي من تداعيات شن تركيا عملية عسكرية على مدينة تل رفعت، القريبة من نبل والزهراء، خاصة أن القوات التركية والفصائل الموالية لها “يكنون العداء الشديد لسكان المنطقتين، وإنهم بلا شك سيرتكبون مجازر فظيعة بحق السكان”.

هذه التهديدات تعود بذاكرة “عساف” إلى ذلك اليوم الذي سقط فيه صاروخ أطلقته القوات التركية على منزله الواقع للغرب من مدينته نبل بريف حلب الشمالي.

الصاروخ كان مصدره تركيا، حيث تسبب بمقتل طفله البالغ من العمر حينها ثمانية أعوام وإصابة أحد أفراد عائلته.

ومنذ عام 2018 وإلى اليوم، لا يزال منزل “عساف” المدمر شاهداً على قسوة الحرب ومخاطرها في ظل التهديد التركي المتجدد باجتياح ريف حلب الشمال انطلاقاً من تل رفعت.

يقول “عساف” لنورث برس: “ما حصل في منزلي جريمة لم تعاقب عليها القوات التركية”.

ويضيف: “البلدتان ومنذ بداية الأحداث كانتا عرضة لأقسى الهجمات والقصف العنيف الذي وإن خفت وتيرته قبل عامين لكنه سيتجدد مع اقتراب الأتراك والفصائل المسلحة من محيط نبل والزهراء”.

ويشير إلى أن “هذه القوى التي تكن لنا العداء متواجدة في الأطراف الغربية والغربية الشمالية من البلدتين بمسافة لا تتجاوز 8كم  كما أن تل رفعت لا تبعد عنا سوى 10كم”.

وأمس تباحث وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، مع نظيره التركي مولود جاويش أوغلو، في أنقرة الملف السوري والتهديدات التركية الأخيرة.

وبداية هذا الشهر، جدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، نية بلاده شن عملية عسكرية جديدة “للرد على الهجمات التي تهدد أمن تركيا القومي”، وحدد أردوغان تل رفعت ومنبج هدفاً للعملية.

خطر التهجير

وتقع تل رفعت على بعد 10 كم من البلدتين اللتين تحاذيان الطريق العام الذي يربط مدينة حلب ببلدة أعزاز الحدودية مع تركيا والتي تسيطر عليها المعارضة.

وعام 2013، فرضت فصائل معارضة حصاراً من ثلاث جهات على نبل والزهراء ذواتا الغالبية الشيعية، استمر لثلاثة أعوام وذلك بعد أن سيطرت على غالبية الريف الشمالي لحلب.

وكانت عفرين التي تسيطر عليها حينها وحدات حماية الشعب مصدراً لإمدادات غذائية تصل إلى البلدتين من جهتها.

وعام 2016، تمكن مقاتلون من حزب الله اللبناني وفصائل تابعة لإيران من فك الحصار عن البلدتين بدعم جوي من الطيران الروسي.

ويتخوف حسين حمزة (56 عاماً) وهو من وجهاء نبل والزهراء، من خطر التهديدات التركية.

ويقول لنورث برس: “أكثر من 70 ألف نسمة في نبل والزهراء معرضون لخطر التهجير كما حصل في عفرين بالعام 2018 حين اجتاحت تركيا المنطقة”.

ويضيف: “ندرك تماماً خطط تركيا التي وضعتها منذ البداية وأرادت من خلالها إحداث تغيير ديمغرافي واسع في الشمال السوري طال الكرد بالبداية  والآن سيطالنا على الارجح”.

ويعرب الوجيه عن اعتقاده في أن تركيا تريد إزالة كل مكون يعارض وجودها على حساب مكونات موالية لها.

“مجابهة العدوان”

ويكشف “حمزة”، عن أنه جرى خلال الفترة الماضية تواصل مع أعضاء في الحكومة السورية خاصة في المجال الأمني  والعسكري لتقييم الوضع في المنطقة انطلاقاً من تل رفعت.

ويشير إلى أن جواب القيادات في الحكومة السورية كان “أي عدوان تركي سيجابه بحزم من قبل سوريا وحلفائها”.

وقال الرئيس السوري، بشار الأسد، اليوم الخميس، إنَّ سوريا ستتصدى للغزو التركيّ رسميّاً وشعبياً.

وفي لقاءٍ مع قناة روسيا اليوم، قال الأسد، إنَّ “سوريا ستقاوم أي غزو تركي لأراضيها على الصعيدين الرسمي والشعبي، وأنَّ الجيش السوري كبد نظيره التركي خسائر خلال المواجهة بينهما قبل عامين”.

بدوره يرى الحاج رضا (33 عاماً) وهو قيادي بقوات الدفاع المحلي التابعة لإيران في نبل والزهراء، أن خطورة التهديد التركي بدأت منذ استهداف باص مبيت لعناصر من قوات الدفاع، في محيط عنجارة.

وفي الثالث عشر من الشهر الماضي، قتل عشرة عناصر من أبناء البلدتين وأصيب آخرون في قصف استهدف حافلتهم في محيط  بلدة عنجارة بريف حلب الغربي، وأعلنت هيئة تحرير الشام فيما بعد مسؤوليتها عن تنفيذ الهجوم.

وتلا ذلك استهداف موكب تشييع هؤلاء العناصر داخل البلدتين، واعتبر البعض ذلك الاستهداف، بمثابة إعلان حرب من قبل فصائل المعارضة المسلحة الموالية لتركيا وهيئة تحرير الشام.

ويقول الحاج رضا لنورث برس: “بعد الاستهداف تم رفع الجهوزية القتالية على كافة الجبهات التي يتواجد فيها مقاتلو الدفاع المحلي، بداية من ريف حلب الغربي الى محيط بلدتي نبل والزهراء وصولا لتل رفعت”.

ويشدد على ضرورة مواجهة أي “عدوان تركي، وسيناريو عفرين لن يتكرر في نبل والزهراء، فالمدنيين هنا عانو الأمرين منذ بداية الاحداث السورية من القصف والحصار والخطف والقتل على الهوية على يد الفصائل التي تدعمها تركيا”.

إعداد: جورج سعادة ـ تحرير: سلمان الحرّبي