مخاوف من مقايضة بين مناطق في إدلب وأخرى في الشمال السوري

إدلب نورث برس

يتابع مؤيد سميسم (43 عاماً)، وهو من سكان مدينة بنش 5 كم شرقي إدلب، بقلق، نشرات الأخبار التي تتداول الأنباء والتصاريح عن تهديدات تركيا بشن عملية عسكرية في شمال شرقي سوريا.

ويفسر الرجل الأربعيني قلقه بأنه اعتاد على أن تكون هناك “عملية تسليم” لمناطق في إدلب للحكومة السورية عند كل عملية عسكرية تخوضها تركيا في شمال شرقي سوريا.

ويخشى “سميسم” من النزوح إلى الخيام على الحدود السورية التركية بعد أن تسيطر قوات “النظام السوري” على مدينته التي تبعد عنها أقل من عشر كيلو مترات.

وخلال الأيام الماضية، صرح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عزم بلاده شن عملية عسكرية جديدة ضد مناطق في الشمال السوري بهدف “إنشاء منطقة آمنة لإعادة اللاجئين السوريين في تركيا إليها”.

وأثارت تلك التصريحات مخاوف سكان  ونازحين وخاصة في ريفي إدلب الجنوبي والشرقي من عملية عسكرية جديدة قد تشهدها المنطقة وتؤدي إلى قضم أجزاء أخرى من المناطق المتبقية في إدلب، وذلك بالاتفاق مع القوات التركية.

ويتخوف هؤلاء من قيام القوات التركية بتسليم أجزاء من هذه المناطق للقوات الحكومية مقابل حصولها على مناطق جديدة شمال شرقي سوريا أو مكاسب في صفقات تجارية أو أسلحة كما فعلت سابقاً.

 ويتوقع ناشطون سوريون أن تسيطر القوات الحكومية حال اتفاقها مع تركيا على منطقة جبل الزاوية جنوبي إدلب بالدرجة الأولى ومدينة جسر الشغور غربي إدلب بهدف السيطرة على الطريق الدولي حلب – اللاذقية المعروف بـ M4.

وتأوي المناطق الواقعة جنوب الطريق الدولي وجسر الشغور غربي إدلب، أكثر من نصف مليون مدني، بينهم آلاف النازحين، حسب تقارير صحفية.

“تركيا لا يهمها سوى مصالحها”

وكان “سميسم” عاد إلى منزله في بنش قبل نحو عام ونصف وذلك بعد انتهاء العمليات العسكرية التي شهدتها المنطقة والتي تمكنت حينها الحكومة من السيطرة على مدينة سراقب المجاورة، إضافةً إلى عشرات المناطق الأخرى.

يشير الرجل كما جميع من التقت بهم نورث برس من سكان ونازحين في إدلب، إلى أن ذلك تم مقابل سيطرة القوات التركية على مناطق مختلفة في شرق الفرات، وأدى ذلك حينها إلى نزوح ملايين السكان من منازلهم في أرياف إدلب وحلب وحماة.

وتزداد مخاوف سكان في شمال غربي سوريا في ظل تصعيد عسكري تشهده جبهات إدلب بعد إعلان الرئيس التركي نيته شن عملية عسكرية في الشمال السوري.

يقول “سميسم” باستياء: “تركيا لا تهمها سوى مصالحها، ساهم دخولها إلى إدلب والمناطق المجاورة بخسارة كبيرة منيت بها الثورة السورية، قوات النظام سيطرت على مناطق لم تكن تحلم بالسيطرة عليها لولا تسليم تركيا لها وتحول الفصائل إلى ألعوبة بيدها”.

وكانت القوات الحكومية وبدعم روسي أطلقت عملية عسكرية لها في أرياف إدلب وحماة وحلب شمال غربي سوريا في نيسان/ أبريل من العام 2019 واستمرت حتى شباط/ فبراير 2020.

وانتهت العملية حينها بسيطرتها على كامل ريف حماة الشمالي الذي كان يعتبر خط الدفاع الأول عن إدلب، إضافةً إلى مساحات واسعة من ريفي إدلب الجنوبي والشرقي وريف حلب الغربي، وذلك على الرغم من انتشار عشرات النقاط التركية في تلك المناطق.

وتسببت العمليات العسكرية تلك بنزوح أكثر من مليون ونصف المليون مدني نحو الحدود التركية.

“شريكة في قتل السوريين”

وفي مدينة أريحا جنوبي إدلب، يعبر هاشم الخطيب (38 عاماً) هو الآخر عن مخاوفه من النزوح  مجدداً إلى الخيام على الحدود السورية التركية وذلك بعد أقل من عامين من عودته إلى منزله في المدينة بعد الهدوء النسبي الذي شهدته المنطقة.

يقول الرجل الثلاثيني، إنه بات لا يثق بالنقاط التركية ولا فصائل المعارضة الموالية لها، “فسكوت تركيا ونقاطها الـ50 المنتشرة في إدلب يؤكد أنها شريكة في قتل السوريين وأن همها الأول والأخير مصالحها”.

والسبت الماضي، جدد الرئيس التّركي، تهديداته بعملية عسكرية جديدة شمالي سوريا، وقال إنهم يقومون بخطوات لازمة في المنطقة “ولا نريد أن يزعجنا أحد”.

ويقول بهاء سليمان (32 عاماً)، إن السياسة التركية علمتهم “أنه حتى الخطوط الحمراء قابلة للبيع والشراء وكل شيء قابل للتفاوض تحت الطاولة أو حتى فوقها”، في إشارة منه إلى ما خسرته المعارضة من مناطق في إدلب مقابل سيطرة تركيا على أخرى شرقي الفرات.

وكان “سليمان” قد نزح من منزله في بلدة قمحانة بريف حماة منتصف عام 2012 باتجاه ريف إدلب خوفاً من اعتقاله من قبل القوات الحكومية.

وفي إدلب نتيجة العمليات العسكرية المتكررة اضطر للنزوح داخلياً أكثر من أربع مرات من وإلى مناطق مختلفة حتى استقر في مدينة سرمين شرقي إدلب، “أصبحت لدي عقدة من أي عملية عسكرية تقوم بها تركيا في شمال غربي سوريا أو شرقها”.

ويضيف “سليمان” أن السنوات الماضية، “علمتنا أن الوعود التركية بالحماية والضمانات ماهي إلا وعود مرحلية لا يؤخذ بها، وجميع هذه الوعود كانت تختفي عند أول منعطف ميداني أو سياسي أو مكسب قومي تركي”.

إعداد: بهاء النوباني- تحرير: سوزدار محمد