انتشار النرجيلة بين الأطفال في كوباني يهدد بمخاطر صحية.. وقرار للحد منها

كوباني – جهاد نبو- فتاح عيسى/ NPA
انتشرت مؤخراً ظاهرة تدخين النرجيلة (الأركيلة بالعامية) بين الأطفال دون السن القانوني، وخاصة في فترة الأعياد، حيث بات مشهد طفل لا يتجاوز عمره /15/ عاماً وهو يدخن النرجيلة في كافتيريا أو حديقة في مدينة كوباني/عين العرب، مشهداً مألوفاً.
 ورغم صدور قرارات وتعميمات بخصوص منع بيع الأطفال تحت سن /18/ عاماً الدخان والمشروبات الكحولية، إلى أن تطبيق هذه القرارات والقوانين لا زال دون المأمول منها.
وأصبحت ظاهرة تدخين النرجيلة بين صغار السن ضمن السلوكيات والنشاطات المسائية لعدد من الأطفال في ظل عدم وجود أماكن يرتادها الأطفال في المدينة، وخاصة الأماكن الترفيهية وأماكن الألعاب الخاصة بهذه الفئة العمرية.
وتوضح المواطنة سمر (60 عاماً) لـ”نورث برس” أنها رأت بأم عينها عدد من الأطفال الذين لا يبلغون /12/ عاماً وهم يدخنون النرجيلة ويشربون “مشروب الطاقة” في حديقة 19 تموز وسط المدينة، دون إيلاء أي اهتمام بنصائح الكبار في السن.
دور الأهل
وتؤكد سمر أن أهالي الأطفال وخاصة الأمهات اللاتي يتركن أبناءهن دون مراقبة هم السبب في انتشار هذه الظاهرة الخطيرة على الأطفال، مشيرة إلى أن مستثمري الحدائق لا يستطيعون منع جميع الأطفال من التدخين وأن مهمة منع الأطفال من التدخين تقع على كاهل الأسرة بالدرجة الأولى.
وكانت دراسة أمريكية نبهت إلى تبعات خطيرة لتدخين النرجيلة على الصحة، حيث كشفت الدراسة التي أجراها باحثون من جامعة كاليفورنيا في لوس أنجلوس، أن جلسة واحدة من تدخين النرجيلة تلحق ضرراً كبيرا بنبض القلب وضغط الدم وتيبس الشرايين.
ويوضح الطبيب شيخو حسن المصطفى الأخصائي في الأمراض القلبية في مدينة كوباني، لـ”نورث برس” أن انتشار ظاهرة التدخين لدى الأطفال وخاصة تدخين النرجيلة أصبح أمراً مقلقاً ومزعجاً، مشيراً إلى أن النرجيلة تتسبب بأمراض التهابات رئوية وأمراض القلب، كما تعتبر سبب رئيسي لسرطان الرئة.
ويضيف شيخو أن الظاهرة تنتشر في المقاهي بشكل خاص والتي تقدم النرجيلة لأطفال صغار، مشيراً إلى أن ضعف المناعة لدى الأطفال يجعل تأثير التدخين مضاعفاً عليهم مقارنة بالتدخين لدى الكبار.
وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت من تدخين النرجيلة موضحة أن التدخين عبر الأنبوب يهدد بمواد سامة تسبب سرطان الرئة ومرض القلب ومتاعب صحية أخرى.
انتشار الظاهرة خلال عيد الفطر 
بدورها تؤكد هدلة حسن الرئيسة المشاركة لهيئة الصحة في إقليم الفرات (تقسيم إداري يضم تل أبيض وعين عيسى وكوباني/عين العرب) أن ظاهرة تدخين النرجيلة بين الأطفال ازدادت خلال أيام عيد الفطر في الحدائق والأماكن العامة وربما داخل المنازل، مشيرة إلى أن ظاهرة تدخين النرجيلة بين الشباب كانت موجودة سابقاً ثم انتقلت لتنتشر بين الأطفال.
وتضيف حسن أن مهمة هيئة الصحة ستكون توعوية بالدرجة الأولى، عبر توضيح أضرار هذه الظاهرة على صحة الأطفال والأهالي على حد سواء، وخاصة أن الأهالي يظنون أن ضرر النرجيلة أقل من ضرر تدخين السجائر، مشيرة إلى أنه على الأهالي مراقبة أطفالهم أثناء توجههم للحدائق للحد من هذه الظاهرة ومنع تطورها.
قرار وغرامة للحد من الظاهرة
وفي السياق وبهدف الحد من هذه الظاهرة، أصدرت هيئة الإدارة المحلية والبلديات قراراً أمس، يمنع بموجبه أصحاب المحلات والمنشآت السياحية ومستثمري الحدائق، بيع المشروبات الكحولية والمعسل والدخان لمن هم دون السن القانوني.
وأوضح الرئيس المشارك لهيئة الإدارة المحلية والبلديات في إقليم الفرات أوجلان عيسو، أن ظاهرة تدخين النرجيلة بين الأطفال من عمر /10/ حتى /18/ سنة هي ظاهرة جديدة، انتشرت بعد ترخيص عدد من المقاهي وافتتاح الحدائق العامة من قبل بعض المستثمرين، مشيراً إلى أن الظاهرة تعتبر مشكلة وجريمة بحق الأطفال.
وأضاف عيسو أن الهيئة أصدرت قراراً يطبق على كامل مدن وبلدات إقليم الفرات، ويمنع بموجبه بيع الدخان والمعسل والنرجيلة والمشروبات لمن هم دون /18/ سنة سواءاً أكانت في الحدائق أو المقاهي أو المحلات تحت طائلة الغرامة المالية وسحب الترخيص في حال تكرار المخالفة.
ويتعرض مستثمرو الحدائق وأصحاب المحلات والمنشآت المخالفة للقرار، لغرامة مالية قدرها /100/ألف ليرة سورية (175 دولار أمريكي)، عن كل طفل يتم بيعه هذه المنتجات، إضافة إلى سحب الترخيص في حال تكرار المخالفة لثلاث مرات.
آلية تطبيق القرار
وفيما يتعلق بآلية تطبيق القرار الجديد وتنفيذه أوضح عيسو أن القرار تم إرساله إلى /21/ بلدية تابعة لإقليم الفرات، حيث سيقوم أعضاء ضابطة البلديات بجولات يومية في جميع الأوقات على الحدائق والمقاهي لمراقبة تنفيذ القرار. 
وتساهم إضافة نكهات الفواكه إلى “معسل” في ازدياد انتشارها وتشجيع الأطفال واليافعين على تدخينها، حيث أصبح تدخين النرجيلة “موضة” لديهم، ويقبلون عليها من باب التسلية برفقة الأصدقاء.
إلى ذلك أوضح محمد ويس أحد مستثمري الحدائق في مدينة كوباني أنهم بدأوا بتنفيذ القرار الخاص بمنع تقديم النرجيلة والدخان للأطفال، مشيراً إلى أن الظاهرة ازدادت خلال موسم العيد في ظل توفر النقود لدى الأطفال، لافتاً إلى أن بعض الأطفال الصغار يجلبون معهم النراجيلة الخاصة بهم من منازلهم وهو الأمر الذي لا يمكنهم منعه كونها حديقة عامة.
مسؤولية الأهل
وأضاف ويس أن بعض الأهالي يطلبون النراجيل ويقدمونها لأطفالهم الذين يدخنونها في ظل وجود أبائهم أو أمهاتهم، وبالتالي فإن الأهالي يتحملون المسؤولية بشكل مباشر في بعض الأحيان، وبشكل غير مباشر أحياناً أخرى.
وفيما يخص تشغيل الأطفال في تقديم النراجيل للزبائن أكد ويس أنه استعان بطفله (ابنه) خلال أيام العيد نظراً للازدحام وكثرة الطلبات عليه، مشيراً إلى أن مهمة الطفل كانت تنحصر في مراقبة النراجيل لمنع سرقتها فقط.
يذكر أن الحديث عن ظاهرة انتشار تدخين النرجيلة بين الأطفال، انتشر مؤخراً بشكل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أحاديث الناس اليومية في المدينة بشكل ملفت، حيث ينتقد الأهالي هذه الظاهرة رغم قلة مراقبتهم لأطفالهم في فترة المراهقة.