رابطة سوريات في مصر شاهدٌ على عظمة المرأة السورية

القاهرة – محمد أبو زيد – NPA 
تأسست “رابطة سوريات في مصر“، مع بدايات التدفق السوري إلى القاهرة منذ العام 2013 ولا تقتصر على السوريات فقط بل تقدم الدعم لأي امرأة في مصر بحاجة إلى المساعدة.
وثمة العديد من التجمعات الأهلية النسائية السورية بالداخل والخارج، والتي اتخذت القائمات عليها من دعم وتأهيل السوريات وأبنائهن ومساعدتهن على تجاوز الأزمات والمحن هدفاً خاصاً لهن. 
لكنّ الحال بالنسبة لـ “رابطة سوريات في مصر”، مختلفٌ بعض الشيء؛ فالرابطة التي تأسست في وقت مبكر مع بدايات التدفق السوري إلى القاهرة منذ العام 2013 ويقع مقرها بحي المعادي (جنوب القاهرة، على الضفة الشرقية من نهر النيل) لا تقتصر خدماتها “المجانيّة” على السوريات فحسب، بل إنها تمتد إلى تقديم الدعم لأي امرأة في مصر بحاجة إلى المساعدة بغض النظر عن جنسيتها.
وتتعامل الرابطة مع سوريات في المقام الأول، وتدعمهن في ظروفهن الخاصة في بلد اللجوء، من خلال دورات تدريب من أجل تشغيلهن لتأهيلهن لسوق العمل.
كما تدعم مصريات من أهل البلد المضيف، يعانين من ظروف قاسية وبحاجة إلى دعم ومساندة أيضاً، فضلاً عن جنسيات أخرى تعيش صاحباتها في محيط عمل الرابطة من سودانيات ويمنيات يعشن في مصر بعد أن ضاق بهن الحال في بلادهن، حيث أن مئات من السيدات وجدن ضالتهن لدى الرابطة السورية، بما يؤكد قوة المرأة السورية وعظمتها.
وفي حديث لـ”نورث برس” مع مديرة الرابطة السيدة لطيفة فتحي دغمان، تقول: “هذا التجمع والتنوع يخلق حواراً رائعاً ومهماً بين السيدات من جنسيات مختلفة، يجتمعن مع بعضهن البعض ويتعلمن من بعضهن البعض”.
وتتابع دغمان، “نحن نقدم لهن دورات تدريبية على حرفٍ بعينها؛ من أجل تأهيلهن لسوق العمل وليعملن ويتخصصن في تلك الحرف (الحياكة والنسيج والكوافير وصناعة العطور وحتى الطبخ)، وكذلك ننظم لهن دورات تعليمية مختلفة (الكمبيوتر واللغة الإنجليزية وإدارة الأعمال)، أو أي شيء يردن تعلمه ويدعمهن في عملهن ويساعدهن أيضاً في تعليم أبنائهن وتحسين أوضاع أسرهن”.
وتشير إلى أن الرابطة في الوقت ذاته تنظم دورات تدريبية لأبناء اللاجئات والمصريات اللاتي يترددن عليها، كجزء من الدعم والمساندة التي تقدمها الرابطة للسيدات اللاتي تدربهن وتؤهلهن لسوق العمل بدعم ذاتي.
استفادة
وتوضح السيدة لطيفة أن “مئات السيدات استفدن من الخدمات التي تقدمها الرابطة، إضافة إلى العديد من أبنائهن، ليس فقط فيما يتعلق بالتدريب المهني والتعليم، ولكن أيضاً الدعم النفسي والمساعدة في الاندماج في المجتمع المحلي الجديد؛ على اعتبار أن اللاجئات سواء السوريات أو غيرهن تكون لديهن مخاوف من المجتمع الجديد عليهن، وبعضهن لا يستطعن التأقلم بسهولة، عزز ذلك تنوّع الجنسيات داخل الرابطة، ووجود مصريات أيضاً كن عاملاً رئيساً كحلقة وصل بين المجتمع المحلي وبين السوريات”. 
قوة السوريات
النموذج الذي تضربه “رابطة سوريات في مصر” يشكل دلالة حقيقية على قوة المرأة السورية التي لم تستسلم للأزمات والأوضاع الصعبة التي تواجهها بعد أن اضطرتها الظروف إلى ترك بلدها، فصرن عاملاً رئيساً في تخفيف المعاناة عن أسرهن من خلال مشاركتهن في تحمل أعباء الأسرة، كما أن الكثيرات منهن أيضاً انخرطن في أنشطة داعمة لغيرهن ومساندة لهن.
وتقدر السلطات المصرية نسبة السوريين عموماً في مصر بـ 10 في المئة من إجمالي السوريين في باقي الدول، وأن عدد المسجلين بالمفوضية يقدر بحوالي 137 ألفاً، وأن العدد الإجمالي قد يصل إلى 550 ألفاً، طبقاً لمساعد وزير الخارجية المصري للشؤون العربية، محمد البدري، خلال مؤتمر لوزارة الخارجية بشأن إطلاق خطة الاستجابة الإقليمية للاجئين السوريين وخطة استجابة مصر للاجئين وملتمسي اللجوء من أفريقيا جنوب الصحراء والعراق واليمن وغيرهم، المنعقد قبل أسابيع قليلة. 
لكنّ تقديرات أخرى غير رسمية تشير إلى أن العدد قد يصل لأكثر من ذلك.
أنشطة
السيدة دلال فهد، وهي إحدى المستفيدات السوريات من فعاليات وأنشطة رابطة سوريات، تشير في حديثها لـ”نورث برس” إلى أن استفادتها من أنشطة الرابطة كانت على شقين رئيسيين؛ الأول مرتبط بتعليم الأبناء وتدريبهم (بخاصة دورات اللغة الإنجليزية)، والشق الثاني مرتبط بالدورات التي حصلت عليها شخصياً؛ ما بين دورات حقوقية عرفتها إلى حقوقها كلاجئة وحقوقها كامرأة، فضلاً عن دورة عن حقوق الطفل بالشراكة مع لاجئات أخريات سوريات وغير سوريات، فضلاً عن دورة تدريب مهني في النسيج “تؤهل المرأة لنسج أشياء بالبيت”.
وفي مصر، بزغت العديد من المطاعم السورية، سواء المطاعم القائمة أو المطاعم المنزلية التي تقوم من خلالها بعض السوريات بالطبخ بالمنزل والتسويق لمنتجاتهن عبر الإنترنت، وحققن انتشاراً في بعض المناطق، حتى أن الكثيرات من المصريات قلّدن ذلك النهج ورحن يعلنَّ عن مطابخهن المنزلية وينافسن السوريات في ذلك الإطار. 
تنضم تلك المطابخ إلى عديد من الأنشطة والمهن الأخرى التي انخرطت فيها المرأة السورية بقوة وحجزت لنفسها فيها مكاناً خاصاً.
السيدة السورية هنادي حسن، وهي واحدة من أعضاء رابطة سوريات، وفي حديثها لـ”نورث برس” تقول “إن الرابطة تتيح منتجاتها الشخصية التي تقوم بتصنيعها رفقة زوجها منزلياً، للعرض والبيع داخل مقر الرابطة، وقد تمكنت بالفعل من خلال ذلك من أن تكسب قاعدة زبائن جيدة من المترددين على الرابطة وتثبت قدميها في مجال صناعة العطور على هذا النطاق الضيق، أملاً في التوسع مستقبلاً”.
وثمة العديد من التجمعات الأهلية الرسمية وأخرى ينحصر عملها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقدم الدعم والمساندة للسوريين، ويتبادل فيها السوريون أنفسهم المعلومات والخدمات واستعراض الوظائف والاستفسارات المختلفة وعرض الحالات التي هي بحاجة لمساعدة أو غير ذلك، في نشاط تكافلي اشتهر به السوريون في مصر لدعم بعضهم البعض. 
وتعتبر الرابطة جزءاً من تلك التجمعات الرسمية الهادفة إلى حياة أفضل للسوريين في مصر.