سياسيون في سوريا: الفيدرالية أمر واقع في البلاد وحل لضمان حقوق الشعب
درعا- نورث برس
يرى سياسيون سوريون، أن الفيدرالية في سوريا أصبحت قاب قوسين أو أدنى بسبب امتداد سنوات الصراع لأكثر من أحد عشر عاماً في ظل غياب واضح لحل قريب.
ولكن الفيدرالية تصطدم برفض شعبي وخاصة لدى معارضي “نظام الأسد”، حيث يرون أنهم لا يستطيعون التعايش في نظام فيدرالي مع “النظام الحالي”، وفقاً لما يشير إليه هؤلاء.
في حين يرى آخرون أن النظام الفيدرالي هو المخرج والحل الذي يضمن حقوق مكونات الشعب السوري ووحدة البلاد ويستطيع تطبيق هذا النظام بمعزل على الحل الدولي.
ويقول المستشار حسن الحريري، وهو عضو اللجنة المصغرة في وفد المعارضة باللجنة الدستورية، إن “الفيدرالية أصبحت واقعاً في سوريا”.
ويشير إلى أن نظام الفيدرالية “موجود على أرض الواقع”، وخاصة أن الجغرافية السورية “مقسمة إلى ثلاثة أقسام وهي شمال شرقي سوريا وتديرها الإدارة الذاتية، وغربي الفرات وهي مقسمة إلى إدارتين، (ريف حلب خاضع لسيطرة فصائل المعارضة الموالية لتركيا، وإدارة إدلب تحت سيطرة هيئة تحرير الشام، بالإضافة إلى مناطق تخضع لسيطرة الحكومة).

ولكن هذا الوضع يشكل خطراً على سوريا، من وجهة نظر “الحريري”، وذلك لأن “ممثلي هذه الفيدراليات لم يجلسوا ويتفقوا على شكل هذا النظام ووضعه في دستور ناتج عن إرادة الأطراف”.
ومن الممكن أن يساعد النظام الفدرالي على بقاء “نظام الأسد” بفدرالية خاصة به من الناحية الشكلية، “ولكن من الناحية الموضوعية لا ينسجم مع الواقع”، بحسب عضو اللجنة الدستورية.
نظام مركزي
ويختلف نظام اللامركزية عن الفدرالية، ويتمثل الفرق بالسلطات الدستورية الواسعة التي يعمل بها بالنظام الفدرالي للأقاليم.
ويكون لكل إقليم أو ولاية صلاحيات سياسية واسعة محددة بالدستور ولها حكومة محلية وبرلمان محلي وبعض القوانين الخاصة بها، فيما تشترك مع المركز بالوزارات والأمور السيادية مثل الخارجية والعلم والعملة والنشيد وغيرها.
ولكن هذا لا يتوافر بنظام اللامركزية الإدارية الذي ينصب أساساً على إعطاء صلاحيات أوسع للوحدات الإدارية من الناحية الإدارية والمالية بعيداً عن الأمور السياسية.
ويجد “الحريري” أن رفض مشروع الفيدرالية من قبل سوريين “مبرر ومشروع، بسبب عدم وجود عقد اجتماعي ناتج عن رضا وقبول مكونات الشعب السوري بإرادتها، بحيث يتم حمايته دستورياً”.
ولا يختلف رأي مروان مداح، عضو المكتب السياسي لحزب اللواء السوري، والمقيم في بلجيكا، كثيراً عن سابقه، فهو الآخر يرى أن الفيدرالية “مشروع يحمي ويوحد الأرض والشعب”.
ويشير إلى أن هذا المشروع يجب أن يقدم طمأنة للأطراف المتصارعة في سوريا. وأن تكون البلاد على علاقة جيدة مع الجميع ومعايير عليا تحفظ أمن الدول المجاورة مثل تركيا والأردن والخليج وإسرائيل، وطمأنتهم بعدم السماح بالتغول الإيراني على حدود هذه الدول.
وتختلف الفيدرالية عن الشكل المركزي، حيث يقترن الأخير بالاستبداد وهو ما حدث في سوريا، فقد بنيت البلاد على المركزية منذ الاستقلال، “ومع التطبيق المتشدد لها وسيطرة البعث وصلنا إلى أزمة حكم ونظام مثلت بالمركزية”، بحسب ما يلفت إليه “مداح”.
ويؤكد عضو المكتب السياسي لحزب اللواء السوري، أن “الفيدرالية هي الملجأ إلى الوحدة في سوريا”، كما أنها “الحل الأنسب لمنع التوغل الإيراني في البلاد، وخاصة أن خطر إيران لا يقتصر على السويداء وسوريا فحسب بل يمتد إلى الأردن وإسرائيل بالدرجة الأولى ومصر ودول الخليج”.
التشاركية أساس النجاح
ويقول سكرتير الحزب اليساري الديمقراطي الكردي في سوريا، صالح كدو، مخالفاً سابقيه، إن نجاح أي إدارة مرهون “بالعملية التشاركية واحترامها مع أخذ المؤهلات والنزاهة بعين الاعتبار”.
ويشير إلى نجاح تجربة الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، بالرغم أنها تجربة حديثة العهد في منطقة الشرق الأوسط.
ويلفت “كدو” النظر إلى إمكانية تطبيق تجربة الإدارة الذاتية في باقي المناطق السورية على أساس التشارك في توزيع الثروات ووحدة الجغرافية وتوحيد القرار السياسي والعسكري وتحقيق التسوية السياسية الشاملة.
وتشكل الجغرافية السورية ككل، سلة غذائية وتحوي ثروات زراعية ونفطية وموارد بشرية وإذا لم يكن هناك تشارك وتكامل في توزيع هذه الثروات بشكل عادل قد لا تنجح الإدارة الذاتية في بعض المناطق، بحسب سكرتير الحزب اليساري الديمقراطي الكردي في سوريا.
ورغم سيطرة “نظام الأسد” على المناطق التي تسمى بـ”سوريا المفيدة” وخاصة إطلالها على البحر واستفراده بإدارة الموانئ البحرية ومصافي النفط “ولكن بكل الأحوال فهي بحاجة إلى النفط والثروات الزراعية والحيوانية التي تستثمرها شمال شرقي سوريا”، وفقاً لما أفاد به “كدو”.
ويؤكد أنه إذا لم يتم بناء الإدارات الذاتية أو الفيدراليات على أسس التشارك الحقيقي في ثروات البلاد، فإنها “لن تحظى بالنجاح المأمول”.
ويعتقد “كدو” أنه لو توفرت الأرضية المناسبة للتغيير السياسي في سوريا من جانب قوى المعارضة الداخلية والخارجية ومن جانب القوى الإقليمية الفاعلة في الملف السوري “لتوفرت إرادة سياسية دولية للحل”.
ويمكن لتعدد الولاءات الدولية والإقليمية من قبل السوريين أنفسهم، أن تُوصِل الأوضاع إلى فكرة الفيدرالية في جميع المناطق، بحسب قول “كدو”.