بينهم طلبة جامعيون.. عمليات الترحيل القسرية للاجئين السوريين في تركيا مستمرة
إدلب – نورث بلاس
تبددت آمال رؤوف زيدان (35عاماً) وهو نازح مقيم في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، بتحسين ظروفه المعيشية والاقتصادية بعد أن رحّلته السلطات التركية أواخر الشهر الماضي عبر معبر باب الهوى الحدودي.
وبداية الشهر ذاته لجأ الشاب الثلاثيني إلى تركيا، طلباً للعمل بعد أن دفع مبلغ 1500 دولار أميركي، ثمن تكاليف رحلته التي لم تخلو من المخاطر، على حد وصفه.
ولم يكن الشاب على دراية بأن ذهابه إلى دائرة الهجرة مخاطرة كبيرة، وتطمينات أصدقائه له بأن الأمر روتيني دفعه لقصد الدائرة بهدف البصم على بطاقة “الكيملك”.
وتؤوي تركيا نحو 4.5 مليون لاجئ سوري، حسب مصادر رسمية تركية، في حين أشارت مصادر تركية غير رسمية لوجود نحو 5 ملايين لاجئ سوري، بعضهم لم يتم تسجيله.
ترحيل قضى على آماله
ويقول “زيدان”، إن الأمن التركي اعتقله في دائرة الهجرة التابعة لمدينة مرسين أثناء محاولته استخراج بطاقة الحماية المؤقتة ليتم ترحيله إلى إدلب.
والأسبوع الماضي، كشفت إدارة معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا عن أعداد اللاجئين السوريين الذين رحّلتهم تركيا إلى سوريا، خلال شهر نيسان/أبريل الماضي.
ونشرت إدارة المعبر بياناً عبر معرفاتها على مواقع التواصل الاجتماعي، جاء فيه: “عدد اللاجئين السوريين الذين تم ترحيلهم من تركيا إلى الشمال السوري بلغ 1323 شخصاً خلال الشهر الماضي”.
ويضيف “زيدان” أنه بعد اعتقال دام نحو 72 ساعة، “أجبر على التوقيع على قرار العودة الطوعية، وتم ترحيله قسرياً في السادس والعشرين من الشهر الفائت”.
وتنقل خلال فترة اعتقاله “بين العديد من مراكز الترحيل في مدن غازي عنتاب ومرسين وانطاكية والتي تحتوي على مئات الأشخاص الذين رحلتهم تركيا عبر معبري باب السلامة وباب الهوى الحدوديين”.
وأصيب “زيدان” بالإحباط وأزمة نفسية جعلته يقدم على الانتحار عبر تناوله حبوب “الفوستكسين” وذلك بسبب الضائقة المالية التي وقع بها من خلال استدانة مبلغ الرحلة على أمل إيفائه من عمله”، بحسب ما ذهب إليه في حديثه.
ويقول النازح الذي ينحدر من مدينة معرة النعمان جنوب إدلب، إنه غدا عاجزاً عن إعالة أسرته المؤلفة من خمسة أشخاص، “من الصعب أن ترى عائلتك تفتقر لأدنى مقومات الحياة، بينما تقف أمامهم عاجزاً ولا تستطيع تقديم أي شيء لهم”.
وقبل نحو أسبوعين، أعلن الرئيس التركي مشروعاً لإعادة توطين مليون لاجئ سوري من تركيا في ثلاث عشر تجمعاً سكنياً، داخل الأراضي السّورية المحاذية لحدودها الجنوبية بدءاً من أعزاز غرباً إلى سري كانيه شرقاً.
والأربعاء الماضي، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان ، “الآن بدأ توطين الناس في المناطق الآمنة داخل سوريا”.
وأضاف أردوغان خلال كلمة له أمام الكتلة النيابية لحزب العدالة والتنمية، أن “المناطق الأمنة التي تحدثنا عنها، معظم المناطق اكتملت، وبدأ الناس يسكنون هذه المناطق وبدأ العمل فيها من جديد”.
لم يسعفه وضعه الدراسي
وتنفذ السلطات التركية بين فترة وأخرى حملات اعتقال بحق السوريين المخالفين، ومن ثم تنظيم الضبوط اللازمة بحقهم وترحيلهم إلى سوريا.
ولم يكن براء قدور (28عاماً) وهو نازح مقيم في إدلب المدينة، أفضل حالاً من سابقه حين أجبر على التوقيع على ورقة العودة الطوعية بعد أن اعتقله البوليس التركي، أثناء ذهابه لرؤية والدته التي دخلت إلى مشفى غازي عينتاب لإجراء عملية جراحية هناك.
وفي السادس من الشهر الفائت، اعتقلت الأجهزة الأمنية التركية الشاب وهو طالب في فرع الطب البشري في السنة الثالثة، في منطقة الكراجات في مدينة أنطاكيا بحجة عدم امتلاكه لوثيقة “إذن سفر”، ومن ثم احتجازه لمدة 24 ساعة وترحيله إلى إدلب.
ويقول “قدور” إنه وفي حال تخلفه عن الجامعة دون إذن، سيتم فصله لتضيع رحلة دراسته التي استمرت أربع سنوات، مما سيؤدي لضياع مستقبله وطموحاته في استكمال تحصيله العلمي.
ويضيف أن الطلاب في تركيا يتمتعون بحصانة من الترحيل خاصة وأنه يحمل بطاقة جامعية وبطاقة الحماية المؤقتة “التي لم يكترث لها الأمن التركي”، حيث قاموا بمصادرة البطاقتين قبل إجباره على التوقيع على العودة الطوعية.
وحمل “القدور” الحقوقيين السوريين والمنظمات الفاعلة مسؤولية العمل على ملفه قانونياً، لإعادته إلى جامعته واستكمال ما ضاع من محاضرات ومواد، وإلا فسيضع مستقبله الذي سعى جاهداً لتحقيقه في نيل شهادة الطب البشري.