مع اقتراب الحصاد.. مزارعون غرب حماة قلقون أن تلتهم نيران القصف قوت عائلاتهم
حماة – نورث برس
يتخوف فؤاد عبد اللطيف (42 عاماً) وهو مزارع من بلدة زيزون بناحية الزيارة شمال سهل الغاب غرب حماة، من تكرار “مأساة” السنوات الفائتة واحتراق محصوله من القمح والشعير جراء القصف المتبادل بين فصائل المعارضة وقوات الحكومة السورية.
وهذا العام، زرع “عبداللطيف” 22 دونماً من محصول القمح في أرضه الواقعة غرب زيزون التي تبعد عن الحواجز الحكومية نحو ثلاثة كيلومترات فقط.
ويصف “عبد اللطيف” ذلك بـ”مجازفة” وخاصة أنه غير ضامن أن لا تلتهم نيران القصف قوت عائلته التي تسكن في مخيم بالقرب من مدينة سلقين شمال غرب إدلب.
وتعتبر منطقة سهل الغاب في أقصى الريف الشمالي الغربي من حماة، إحدى أهم المناطق الزراعية التي لا تزال تحت سيطرة عدة فصائل تابعة للمعارضة السورية، أبرزها “جيش النصر” التابع “للجبهة الوطنية للتحرير”.
وتعد معظم الأراضي الزراعية في تلك المنطقة قريبة من مناطق سيطرة القوات الحكومية، وتشهد قصفاً متبادلاً بين الأخيرة وبين الفصائل.
وفي مثل هذه الأوقات من كل عام ومع اقتراب موسم حصاد محاصيل القمح والشعير وحبة البركة، تزداد مخاوف مزارعي المنطقة من احتراق محاصيلهم جراء القصف الذي ترتفع وتيرته قبل حصاد موسمهم.
ووفقاً لشاهدات مزارعين في المنطقة، فإن عناصر القوات الحكومية “تتعمد” أحياناً استهداف المحاصيل الزراعية بهدف حرقها ومنع المزارعين من الاقتراب منها.
خسائر
والعام الماضي، تسبب القصف باحتراق كامل المساحة المزروعة للمزارع “عبد اللطيف”، وتجاوزت خسائره حاجز الأربعة آلاف دولار أميركي، وفقاً لما ذكره لنورث برس.
ورغم ذلك، غامر المزارع هذا العام وزرع أرضه بعد استدانة ثمن مستلزمات الزراعة، آملاً أن يجني موسمه ويسدد الديون التي تراكمت عليه وتقدر بنحو 1500 دولار.
وفي محاولة ذاتية منه لمنع النيران، حال نشوبها، من التهام أرضه كاملة، يعمل رامي العلي (49 عاماً) وهو من مزارع من قرية المنصورة بسهل الغاب، على تقسيم أرضه التي تبلغ مساحتها نحو 36 دونماً إلى عدة أقسام من خلال حرث أجزاء صغيرة منها لتشكيل عازل طبيعي.

ويرى المزارع الأربعيني أن ما يقوم به اليوم سوف يساعد في تخفيف امتداد النيران وإخمادها قبل وصولها إلى الأرض كاملة في حال تعرضت للقصف.
لكنه ذلك لن يكون مجدياً في أوقات القصف المكثف، بحسب قوله.
والعام الفائت، التهمت نيران القصف نحو 40 دونماً من القمح والشعير أمام ناظري “العلي” دون أن يتمكن من فعل شيء، وذلك بعد أن جرى استهدافها “بشكلٍ متعمد” من قبل حواجز القوات الحكومية المتمركزة في قرية الحاكورة المجاورة.
يتذكر “العلي” جيداً ما حدث حينها، حيث كان يتواجد عناصر من فصائل المعارضة في المنصورة وقامت القوات الحكومية بقصف مكثف مستهدفة محاصيل القمح والشعير في المنطقة بالرشاشات الثقيلة والمدفعية.
وأدى ذلك لنشوب حرائق ضخمة التهمت حينها أكثر من 400 دونماً أمام أعين أصحابها الذين كانوا ينتظرون لعام كامل أن يجنوا ثمار تعبهم، وفقاً لـ” العلي”.
“إتاوات”
وتغيب المواقف التركية حول التصعيد الذي تشهده إدلب، خاصة أن تركيا هي إحدى الدول الضامنة لاتفاق خفض التصعيد، كما أنها جزء من اتفاق وقف إطلاق النار المبرم مع روسيا في آذار/ مارس 2020.
ويقول “العلي” إن النقطة التركية في بلدة قسطون المجاورة لقريته “يقتصر دورها على مراقبة ما يحدث دون اتخاذ أي إجراءات”.
وخلال العام الفائت، قام مزارعون في سهل الغاب بإجراء اتفاقات فردية مع عناصر الحواجز الحكومية المجاورة لأراضيهم من أجل السماح لهم بجني محاصيلهم دون أن يجري استهدافهم أو استهداف محاصيلهم، وذلك مقابل “إتاوات” وفقاً لما أكده مؤيد الحمادي (38 عاماً) وهو مزارع في بلدة قسطون.
وتراوحت تلك المبالغ بين 10 و15 ألف ليرة سورية عن كل دونم، بحسب “الحمادي”.
ولتفادي ما حصل خلال السنوات السابق، يقترح “الحمادي”، إجراء اتفاق تهدئة مع الحواجز الحكومية المتمركزة على طول خطوط التماس خلال فترة الحصاد وذلك بالتنسيق بين النقاط التركية المنتشرة في المنطقة والقوات الروسية المتواجدة في عدة نقاط بسهل الغاب.
ولكن مصدراً عسكرياً في الجبهة الوطنية للتحرير، قال إنهم خلال السنوات التي سبقت سيطرة “النظام السوري” على ريف حماة الشمالي كانوا يجرون “اتفاق تهدئة” قبل فترة الحصاد، “لكن في كل عام كان النظام يخرق الاتفاق”.
وأشار إلى أن المنطقة لن تستفيد شيئاً في حال أعادوا إجراء اتفاق مع “النظام” لأنهم “لم ولن يلتزموا به”.