صناديق الاقتراع اللبنانية تستعد لاستقبال الناخبين “بين فاقدٍ للأمل وعاقده”

أربيل- نورث برس

استعداداً لانتخابات تشريعية هي الأولى بعد انفجار بيروت، تخبئ لافتات وصور تحت عبارات “انتخبوا مرشحكم”، جدراناً وعواميد في لبنان الذي أنهكه الانهيار الاقتصادي والصراعات السياسية منذ ما لا يقل عن ثلاثة أعوام.

وبين فاقدٍ للأمل وعاقده، يرى لبنانيون أن أكثر ما يهمهم، بغض النظر عن الجهة التي ستفوز في البرلمان، هو “حل الأزمات التي يمر بها لبنان ولم يذهب ضحيتها سوى الشعب المغلوب على أمره”.

وسيصوت اللبنانيون، الأحد الخامس عشر من أيار/ مايو الجاري، لانتخاب برلمان جديد لأول مرة منذ انتفاضة تشرين الأول/ أكتوبر 2019 التي طالبت بسقوط نظام سياسي عمره قرن من الزمان.

وفي حين يصعب التكهن بفعالية المرشحين الجدد الذي يظهرون معارضتهم للمحاصصة الطائفية التي تسببت بأزمات لعقود، على حد تعبيرهم، يبدو أن الطريق إلى التغيير السياسي مليء بالتحديات، فيما إذا كانت انتخابات هذا العام ستؤدي إلى تركيبة سياسية جديدة أم لا.

“شد عصب طائفي”

الصحفي اللبناني، زياد أبو غزالة، يقول لنورث برس، عبر تطبيق الواتس آب، إنه “ما من برامج اقتصادية قوية لدى المرشحين، بل نرى أن الحملات اقتصرت على شد العصب الطائفي، فتحاول التستر على الإخفاقات على الصعيدين السياسي والإنساني”.

وأشار إلى أن هذه الانتخابات هي الأولى بعد انفجار بيروت الكبير، في الرابع من آب/ أغسطس 2020، والذي شكل كارثة في لبنان، ودمر أحياء كاملة وقتل المئات.

وقال الصحفي اللبناني: “يصعب التكهن بأن تكون نتيجة الانتخابات مفصلية أو يكون لها دور في تغيير الواقع المرزي في لبنان”.

وأعاد السبب في ذلك إلى أن الأزمة، من وجهة نظره، “تجاوز البعد المحلي إلى أبعاد إقليمية في ظل التدخلات الخارجية من قبل إيران وتركيا  والولايات الأميركية وغيرها من الدول”.

وبالنسبة لحال اللاجئين السوريين، “وهم تحت كنف دولة منهارة اقتصادياً وترتفع فيها أصوات تطالب بعودتهم”، يتوقع الصحفي أن تعقب عملية الانتخابات تسوية في هذا الملف إذ أن أغلب التوجهات تذهب إلى إيجاد حل جذري للملف وهو عودتهم إلى بلادهم.

اقتصاد منهار

وتمنع السلطات اللبنانية تجوّل اللاجئين السوريين منعاً باتاً، بدءاً من مساء اليوم السبت وحتى صباح يوم الاثنين المقبل، وسط تفاوت في التوقيت بين بلدة وأخرى. ووردت عبارة “إلا لحالات الضرورة” في تعميمٍ واحدٍ فحسب.

وفيما رأت جهات حقوقية هذا الإجراء “عنصرياً”، تنفي السلطات ذلك وتشدد على أنّه “يهدف إلى تفادي الاكتظاظ ووقوع أيّ خلافات أو مشاكل”.

ووفقاً للأمم المتحدة، أدى التدهور المالي إلى فقر ما يقرب من ثلاثة أرباع السكان. أدت الأزمة المصرفية إلى تبخر مدخرات حياة العديد من اللبنانيين.

وصوّت عشرات الآلاف من الشتات اللبناني في نهاية الأسبوع الماضي وكانت نسبة المشاركة أعلى بشكل واضح من انتخابات 2018.

ويشهد الاقتصاد اللبناني انهياراً، حيث فقدت العملة المحلية كل قيمتها تقريبًا في السنوات الأخيرة. وخرجت أسعار المواد الغذائية عن السيطرة وسط سوء الخدمات العامة، وفي ظل كل ذلك وأكثر ستجري البلاد الانتخابات.

نموذج تقاسم السلطة

وفي ظل كل ما سبق ذكره، وبلهجته اللبنانية، يقول أحمد علي، وهو من سكان بعلبك، لنورث برس، وذلك في تسجيل صوتي عبر تطبيق واتس آب: “ياعمي بلدنا تراجع كتير كتير لورا، كل لي بدنا أنو يرجع متل ماكان”.

لكن “علي” فقد الأمل في ظل وجود خلافات أكثر من عشرة طوائف، كل منها تبحث عن مصالحها الضيقة وليس مصلحة الشعب بالعموم وهو السبب الذي أفقد المواطن أمله بالحكومة والانتخابات وكل شيء يتعلق بالسلطة، بحسب الشاب.

ولعل أبرز التحديات التي تواجه المرشحين الجدد وأمل التغيير، هو نموذج تقاسم السلطة في لبنان، والذي ساعد في وضع حد للحرب الأهلية في لبنان منذ سنوات.

وصُمم النموذج لضمان تمثيل السنة والشيعة والمسيحيين، لكنه بالمقابل جمّد الأحزاب الطائفية في مكانها. وما ظهر هو نظام تقسيم الدوائر السياسية، وسمح للأحزاب الطائفية بالاستيلاء على السلطة والتمسك بها.

ولم تصبح الأمور أسهل منذ عام 2018. فبعد احتجاجات تشرين الأول/ أكتوبر 2019، انقسمت المعارضة إلى مجموعات مختلفة، ولم تتمكن من تشكيل قوائم مشتركة.

لذا فإن احتمال حدوث تغيير هيكلي فعلي “منخفض للغاية”، وفقاً لمحليين. وعلى الرغم من ذلك، يأمل الناس أن يتمكن أكبر عدد ممكن من المرشحين المعارضين من الفوز بمقعد في البرلمان.

بينما يفكر “علي” بأن يدلي بصوته يوم غدٍ على أمل أن “تتغير الوجوه ويجي حدا في ضمير”، لكنه يتراجع عن الفكرة لأنه على يقين أن المرشح الفائز “يذهب هو إلى السلطة والمصالح ويبقى الشعب يشحد”، على حد وصفه.

ومثله الكثير من اللبنانيين سيكونون في صف النسبة التي لن تصوت، بحسب اعتقاده، “لكن هذا لا يعني أني لا أتمنى الخير والأمان لبلدي. هذا هو حلم كل لبناني”.

وهناك 128 مقعدًا برلمانيًا مطروحًا “للتنافس” من قبل جميع الأحزاب التقليدية مع قادتها المألوفين، بما في ذلك التيار الوطني الحر، وحركة أمل، وحزب الله، والقوات اللبنانية، والحزب التقدمي الاشتراكي الدرزي، فيما أعلن رئيس الوزراء السابق سعد الحريري، المقاطعة.

والتزم لبنان بنظام توزيع السلطة الذي يسعى إلى تمثيل مختلف الطوائف الدينية في البلاد منذ عام 1943 ليكون نظام الحكم يسري بنظام المحاصصة.

إعداد وتحرير: هوزان زبير