اسطنبول ـ موسكو ـ نورث برس
أثار التقارب الفرنسي الروسي الأخير وعقد الرئيسين الروسي "فلاديمير بوتين" والفرنسي "إيمانويل ماكرون" قمة ثنائية بحثا خلالها تطورات الوضع في إدلب إضافة للتطورات في ليبيا متجاهلين الدور التركي، العديد من التساؤلات عن السبب وراء ذلك.
وذكر الكرملين في بيان، أن "بوتين" أطلع "ماكرون"، في لقاء افتراضي، الجمعة، استمر لمدة ساعتين عبر تقنية الفيديو "الأون لاين"، على الأوضاع في منطقة خفض التصعيد الرابعة في إدلب شمال غربي سوريا، إضافة لدعوتهما لوقف إطلاق النار في ليبيا.
وقال الكرملين في بيان أصدره عقب الاجتماع، إن "كلا الجانبين يتبنيان الموقف المشترك الذي يؤكد على ضرورة محاربة الإرهاب بلا هوادة في سوريا، واتخاذ خطوات تهدف إلى تحسين الأوضاع الإنسانية في البلاد".
سرُّ الانفتاح
وتساءل مطلعون عن السبب الذي دفع بوتين لبحث ملف إدلب مع ماكرون دون دعوة تركيا اللاعب الرئيس في هذا الملف أو حتى في الملف الليبي، إضافة لسر انفتاح فرنسا على روسيا في هذا التوقيت بالذات.
ويرى مراقبون أنه "ليس لفرنسا أي دور مؤثر في إدلب ولكنها تبدي دعمها لروسيا هناك في مقابل دعم موسكو لها في ليبيا، لأن فرنسا تركز كل التركيز على الثقل في ليبيا بسبب المصالح الضخمة لها هناك، وهي بهذا التقارب مع الروس تحاول إضعاف دور تركيا في إفريقيا لا سيما ليبيا".
وقال الكاتب والمحلل السياسي وعضو منصة موسكو السابق نمرود سليمان لـ "نورث برس"، إن "الاختلافات المتكررة بين الدول الأوروبية في قضايا عديدة وبشكل خاص عدم التوافق حول الوضع في ليبيا والذي يؤثر على كل الدول في الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى الخلافات العميقة بين هذه الدول والولايات المتحدة، دفع بالرئيس الفرنسي إلى الانفتاح على موسكو لأنه وصل إلى خيار اللاخيار مستفيداً من تقاطع المصالح الروسية في ليبيا بشكل كبير وفي سوريا أقل من ذلك".
وأضاف "سليمان" أن "ماكرون يظن بتصرفه هذا أنه يوجه رسائل شديدة اللهجة إلى دول الاتحاد الأوروبي وأمريكا، مضافاً إلى ذلك الخسائر السياسية والبرلمانية التي يتعرض لها الرئيس الفرنسي وقرب الانتخابات الفرنسية".
وخلال الاجتماع أبدى الطرفان، وحسب مصادر سياسية مطلعة، "انزعاجهما من التدخل العسكري التركي ودعم حكومة الوفاق الليبية"، كما أكدا على ضرورة "توحيد القوى لمجابهة المشاكل المشتركة".
وأشار "سليمان" إلى أن "بوتين يعلم تماماً أن التدخل التركي بهذه الصورة الواضحة والفاضحة بخرق القانون الدولي ما كان يحصل لولا الضوء الأخضر الأمريكي بل المظلة الأمريكية لأردوغان، كما أن بوتين قارئ جيد للوضع الداخلي الأمريكي وهو يعلم معنى العام الانتخابي للرئاسة الأمريكية، ويعلم أن وضع ترامب مقلق نتيجة لفيروس كورونا من جهة ومقتل جورج فلويد من جهة أخرى وتحطيم التماثيل التاريخية في أمريكا من جهة ثالثة".
أهم أهداف بوتين
كما يعرف بوتين أن "ترامب مسلوب الإرادة في اتخاذ أي قرار يتعلق بالسياسة الخارجية الأمريكية، ونتيجة لما سبق عمل إلى عقد اللقاء مع ماكرون لتحقيق عدد من النتائج"، بحسب "سليمان".
وقال إن من أهم هذه النتائج "العمل على زيادة الشرخ في الاتحاد الأوروبي، وتوجيه رسالة لترامب والأخير في معركة محرجة، ورسالة إلى أردوغان أنه (كفاك لعباً على التناقضات فنحن نعلم أن وضعك الداخلي سيء ونعلم بأنك لم تسعَ إلى تنفيذ اتفاق إدلب الأخير لذا ستدفع ثمن هذه التصرفات الخرقاء)"، بحسب "سليمان".
وبدأت أولى مؤشرات الخلاف الروسي ـ التركي، من خلال الرسائل التي حاولت أنقرة إيصالها لموسكو بأن "انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار بخصوص إدلب من الممكن أن يتحول في أي لحظة لحقيقة"، تلاها تأجيل الاجتماع الذي كان مقرراً بين الطرفين على مستوى الوزراء لبحث ملفي ليبيا وإدلب السورية.
وعقدت تركيا مع روسيا في 5 آذار/ مارس الماضي، اتفاقاً لوقف إطلاق النار في إدلب، إضافة لتسيير دوريات مشتركة على طريق (حلب ـ اللاذقية).
ومؤخراً، أكدت تركيا أن انتهاء اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع روسيا بخصوص إدلب قد يتحول إلى حقيقة في أي وقت، وأن توازن القوى في إدلب مرتبط بـ"خيط هش من القطن"، وأنه لا خيار أمامها سوى زيادة قواتها العسكرية في المنطقة، الأمر الذي رأى فيه مراقبون أنه تلميح لمرحلة مقبلة قد تشهد تطورات متسارعة في منطقة إدلب شمال غربي سوريا.