دمشق.. مهرجان “رمضان الخير” منفذ جديد “لاستغلال” السكان خلال أيام رمضان والعيد
دمشق – نورث برس
تتفاجأ هنادي حداد (32 عاماً) وهو اسم مستعار لسيدة تسكن في صحنايا جنوب دمشق، بالأسعار المرتفعة لسوق “رمضان الخير” هذا العام، الذي من المفترض أنه يبيع بسعر التكلفة كما هو معتاد في الأعوام الماضية، لكن أسعاره هذا الموسم أقل من السوق بفارق “بسيط جداً”.
وفي الثاني من الشهر الماضي، انطلقت في مدينة المعارض القديمة بدمشق فعاليات مهرجان سوق “رمضان الخير، سوريا بتجمعنا”، الذي تقيمه محافظة دمشق بالتعاون مع غرفة صناعة دمشق وريفها وغرفتي تجارة دمشق وريفها والذي يستمر حتى آخر أيام العيد، بمشاركة 250 شركة صناعية وتجارية وطنية.
ويقدم المشاركون في المهرجان سلسلة متنوعة من المنتجات الغذائية (الكونسروة والمعلبات والحلويات والمعكرونة والمربيات)، إضافة إلى المنظفات بمختلف أنواعها والألبسة النسائية والرجالية والولادية والجلديات والأدوات الكهربائية المنزلية.
ووفقاً للمنظمين، فإن المهرجان يهدف إلى تخفيف الأعباء المعيشية على السكان، في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها البلاد من خلال البيع بشكل مباشر من المنتج إلى المستهلك.

ولكن بمقارنة بسيطة بين أسعار المواد ما بين المهرجان والأسواق فإن الفارق بينهما لا يتجاوز 500 ليرة.
ويباع كيلوغرام الأرز في الأسواق بستة آلاف ليرة سورية، فيما يباع في المهرجان بـ5500 ليرة، فيما يباع الكيلوغرام من السكر في الأسواق بأربعة آلاف، وفي المهرجان 3600 ليرة.
ويبلغ سعر الكيلوغرام من البرغل ستة آلاف ليرة ويباع في المهرجان بـ5500 ليرة، أما الكيلوغرام من التمر يبلغ سعر 14500 في المهرجان ويباع بـ 15 ألف في الأسواق.
“خصومات كاذبة وعروض وهمية”
وتقول “حداد” التي تعمل كممرضة في مشفى حكومي، إنها أرادت توفير بعض المال واعتمدت شراء مواد من المهرجان ولكن “أنفقت بعضه على وسائل النقل، والبعض الآخر على الخصومات الكاذبة والعروض الوهمية”.
وتضيف: “جشع الباعة ومحاولاتهم للحصول على أكبر ربح، يدفعهم للإعلان عن خصومات كاذبة”.
وتشرح ذلك بالقول: “يتم الإعلان عن الخصم بنسب كبيرة تصل لـ 50%، حيث يجتمع الزبائن بشكل كبير في تلك المحال ويبدؤون بالتهافت لشراء الأغراض، رغم عدم اختلاف سعرها عن السوق”.
وتضيف: “هكذا يقع الزبائن في فخ أصحاب المحال الذين يسعون لتحقيق أعلى نسب مبيعات من خلال جمل تسويقية وعروض وإغراءات تشجع الزبون الذي جاء من مناطق بعيدة لتوفير بعض المال”.
وبحسب المتبضعة فإن المعرض شهد تزاحماً غير مسبوق جراء هذه التخفيضات الحكومية “الوهمية” التي تجاهلت الوضع المعيشي المزري الذي يعيشه السكان حالياً.
وتسرد “حداد” موقفاً حصل معها، حيث قرأت إعلاناً لمحل عن تخفيض 30 % عن مواد غذائية وحينما حضرت إلى مهرجان “رمضان الخير” أخبروها بأنه يخص فرعاً آخر، واصفة ذلك بـ “تضليل المستهلكين”.
ولكثير من العروض “الوهمية” في المناسبات المختلفة أهداف عدة أبرزها تصريف المخزون غير الصالح، وفقاً لوجهة نظر “حداد”.
وعبر بعض السكان عن استياءهم ععلى مواقع التواصل الاجتماعي، من ارتفاع أسعار السلع في المحال المتواجدة على أرض المعارض وخاصة الغذائية منها التي تعلن عن خصومات تصل بعضها إلى 50%.
وأشار هؤلاء في تعليقاتهم إلى أن تلك الخصومات وهمية وفيها استغفال للزبائن، حيث يذهب المواطن للمعرض ويتفاجأ بأسعار أخرى غير المعلن عنها بحجة نفاذ الكمية وعودة المنتج لسعره القديم.


“الربح للحكومة والباعة“
ويقول ناظم سليمان (45 عاماً)، وهو اسم مستعار لأحد سكان حي الورد غرب دمشق، إن بعض المسؤولين الحكوميين “الفاسدين” تصل نسبة أرباحهم للملايين الليرات مقابل تأمين أو حجز مكان لصاحب المحل على أرض المعارض، والأخير أيضاً يعوض خسارته بالملايين أيضاً.
ويضيف “سليمان”، وهو معلم في مدرسة حكومية، “لو أن الهدف كان تخفيف العبء والنفقات عن السكان لكنا الآن أمام مشروع اقتصادي ضخم يصب في مصلحة جميع الأطراف، ولكن أي خطوة في بلادنا تتمحور حول فكرة واحدة لا بديل عنها، ألا وهي كيف أستغل الناس؟”.
ويتساءل “سليمان” وهو والد لطفلين، “أين حكومتنا الفاضلة من كل هذه التجاوزات في المهرجان؟ لماذا لا توجد رقابة شديدة لمثل هذه الفعاليات التي تُنظم بهدف وضع أسعار واقعية تتماشى مع ظروف الحرب وتخلصنا من الفساد؟”.
وبتهكم، يزيد على كلامه، “بدل أن تكون هذه المبادرات الخيرية من مهرجانات وأسواق وحملات تطوعية لدعم المحتاجين، أصبحت منافذ جديدة لاستغلالنا وبموافقة حكومية على ما يبدو”.
ولا يقتصر فشل المعنيين في معالجة ضبط ارتفاع الأسعار في المهرجان، فحتى في الأسواق كذلك، “والزبون دائماً يبحث عن السعر المناسب لميزانيته، وقد يغفل عما هو أهم من جودة المنتج، وهذا ما حصل معي”، وفقاً لـ”سليمان”.