ضرائب تفرضها “تحرير الشام” لتراخيص البناء ترهق سكاناً ونازحين في إدلب
إدلب – نورث برس
توقف رائد الصغير (45 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية شمال إدلب، عن استكمال بناء غرفته الإسمنتية، لعجزه عن دفع ضريبة ترخيص بناء.
وتمنع حكومة الإنقاذ الذراع المدني لهيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) إنشاء أي بناء سكني أو تجاري سواء ضمن الأملاك العامة أو الخاصة، بمناطق سيطرتها شمال غربي سوريا، إلا بعد دفع ضرائب تراخيص البناء ويصفها سكان ونازحون بـ”الإتاوات”.
ومنذ ثلاثة أعوام، يعيش “الصغير” في خيمة قماشية قبل أن يشتري أرضاً بمساحة 150 متراً على أطراف مدينة الدانا شمالي إدلب، ليؤسس عليها بناءً إسمنتياً يقي عائلته، المؤلفة من خمسة أفراد، حر الصيف وبرد الشتاء، على حد تعبيره.
ويقول الرجل الأربعيني لنورث برس، إن المجلس المحلي في المدينة التابع لحكومة الإنقاذ، أبلغه عبر أحد موظفيه، بإيقاف أعمال البناء ومراجعة المجلس.
ويضيف “الصغير”، إنه عندما راجع المجلس المحلي، تفاجئ بأن عليه دفع 400 دولار أميركي كضريبة وتحت مسمى الترخيص لحكومة الإنقاذ، وهذا المبلغ يفوق طاقته، ما أجبره على إيقاف عملية البناء.
“مبالغ كبيرة”
ومطلع العام الماضي، منعت حكومة الإنقاذ، النازحين من بناء منازل إسمنتية شمالي إدلب، بعد أن فرضت عليهم دفع ضريبة ترخيص “تفوق” قدراتهم.
وقالت مصادر محلية لنورث برس حينها، إن “الإنقاذ” فرضت ضريبة قدرها 300 دولار أميركي لقاء فرز الأراضي للبناء عليها، دون الاكتراث لما عانته هذه العائلات من ظروف إنسانية صعبة في ظل العواصف المطرية والسيول التي أغرقت خيامهم.
وحين راجع مصطفى الحمدان (38عاماً) وهو اسم مستعار، لنازح في مخيمات سرمدا شمالي إدلب، المجلس المحلي في المنطقة، طلب منه ترخيص مساحة الأرض التي بنى عليها منزله الصغير حيث يكلفه 450 دولاراً أميركياً.
ويقول” الحمدان” إن الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة، أوقفته عن استكمال إعمار منزله وهو عبارة عن غرفتين مصنوعتين من الطوب لعدم امتلاكه ترخيصاً للبناء.
ويعمل الشاب الثلاثيني في ورشة لتصليح الدراجات النارية ويتقاضى مبلغ 500 ليرة تركية (نحو 135 ألف ليرة سورية)، أسبوعياً تمكنه من إعالة أسرته المؤلفة من خمسة أشخاص بينهم طفل من ذوي الاحتياجات الخاصة.
ولا يخفي “الحمدان” بأنه فكر في متابعة بناء المنزل في الخفاء، إلا أن عناصر الهيئة هددوه بالسجن ودفع غرامة مالية كبيرة، إذا ما تم ضبطه يعمل دون ترخيص.
كما أوقفت القوى الأمنية التابعة للهيئة، محمد القزي (46عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة الدانا شمالي إدلب، عن مرحلة تجهيز الشقة إلا بعد ترخيص البناء الطابقي كاملاً.
يقول “القزي”، إن البناء الذي يسكنه مؤلف من خمسة طوابق، حيث ألزمته حكومة الإنقاذ بترخيص كلها ومن ضمنها شقته، إذ أنه لا يمكن ترخيص شقة واحدة في البناء غير المسجل لديهم.
ويشير إلى أن “البناء معمر قبل تشكيل حكومة الإنقاذ وفي مثل هذه الحالات تعمد الهيئة إلى فرض ضرائب”.
ويضيف أن هذه العملية ستكلفه دفع مبلغ 800 دولار أميركي “وهو مبلغ ضخم لا أستطيع دفعه”.
“غير قانونية”
ويرى نزير المنور وهو محامٍ في مدينة إدلب، تلك الضرائب “غير قانونية أو شرعية”، أن “الإنقاذ” اتبعت سياسة سهلت عليها تراخيص جميع المنازل والأبنية التي شيدت أثناء الحرب السورية حيث أنها تجبر الشخص الذي يقوم بالإعمار حديثاً على دفع تراخيص البناء كاملاً وهو ما يجعله يتنقل بين الشقق طالباً تعويض التراخيص من جيرانه في البناء ذاته.
ويذكر “المنور” لنورث برس أن حكومة الإنقاذ حددت 80 سنتاً لكل متر مربع مراد ترخيصه، كما أنها لا ترخص مساحة أرض أقل من 450 متراً مربعاً، إذ يجبر الشخص على دفع ضرائب العقار كاملاً.