نازحون من تل أبيض يفتقدون أجواء رمضان في مخيم شمال الرقة
عين عيسى- نورث برس
أمام باب خيمته في مخيم تل السمن شمال الرقة، يجلس محمد عيسى وهو نازح من منطقة تل أبيض، ويعود بذاكرته إلى سنوات مضت، مقارناً بينها وبين الواقع اليوم، حيث كانت “الحياة أجمل وشهر رمضان كان له بهجة”.
يقول النازح الذي ينحدر من قرية الحجازية 16 كم جنوب غرب تل أبيض بلهجته المحلية، “بالقرية كنا مكيفين وخير الله كان كتير، سمن عربي وخضراوات، لكن اليوم ما في شي ناكلو”.
وفي المخيم الذي يضم أكثر من ستة آلاف نازح من تل أبيض وريفها موزعين على 1200 عائلة، يفتقد النازحون أجواء شهر رمضان التي كانوا يعيشونها في مناطقهم قبل حياة النزوح.

واختلف كل شيء بعد النزوح، حيث استبدلت المنازل بخيم من النايلون، والطعام باتوا يعتمدون على محتويات السلال الغذائية بعدما اعتادوا على تناول كافة أصناف الخضراوات والفواكه واللحوم والحلويات.
أما الملابس، فمنهم من لا زال يرتدي ذات البدلة منذ نزوحه، بعدما اعتاد على شراء ملابس جديدة في كل عيد.
ويتحسر الرجل السبعيني على حالهم قبل النزوح، “من عادتنا في القرية خلال شهر رمضان أن ندعو بعضنا البعض لتناول الإفطار كل يوم في بيت، اليوم يحتار الشخص منا كيف يؤمن طعام الإفطار لعائلته”.
ويضيف: “في السابق كانت الأسرة كلها تجتمع في شهر رمضان، المغتربون يعودون لقضاء رمضان مع العائلة لكن اليوم العائلة الواحدة تتشتت بين الدول، ولا يجمعها سوى الهاتف المحمول”.
ويزيد على ذلك، “كان لرمضان أجواء مختلفة، نفتقدها اليوم، قدوم رمضان أصبح عبئاً، خاصة أننا نصوم نهاره في الخيم وسط أجواء حارة مليئة بالغبار”.
ويقضي نازحو تل أبيض كما سري كانيه (رأس العين) للعام الثالث على التوالي شهر رمضان خارج منازلهم منذ أن نزحوا منها بسبب العملية العسكرية التي شنتها تركيا برفقة فصائل المعارضة الموالية لها ضد المنطقتين في تشرين الأول/ أكتوبر 2019.
وفي ذات المخيم، لم يكن حال عفراء علي (40 عاماً) أفضل من سابقها، فهي الأخرى تجد أن شهر رمضان “لم يعد له أي معنى” في ظل معاناة النزوح التي تعيشها مع تحول أمل العودة لتلك المنطقة إلى “حلم صعب التحقق”.
وتقول السيدة الأربعينية، إن الأجواء الرمضانية “غائبة ولا بهجة لها، فقط نصوم ونتناول الإفطار دون أن يتغير شيء في حالنا”.
وتشير إلى أنهم في كل عام يأملون أن يمارسوا طقوسهم المعتادة خلال شهر رمضان، “إلا أن ذلك لا يتحقق، ما زلنا في المخيم نكافح لتأمين قوت يومنا، نفكر فقط بكيفية تأمين وجبتي الإفطار والسحور”.
ومع اقتراب حلول عيد الفطر، تعجز “علي” كما معظم النازحين في المخيم عن شراء ملابس وحلوى، فالظروف المعيشية المتردية تضعها أمام تحديدات تثقل كاهلها، وفقاً لما تذكره لنورث برس.

وتشكو “علي” من غلاء أسعار المواد التي تضاعفت مع حلول شهر رمضان، “لا نتمكن أحياناً من شراء خضراوات فيكون إفطارنا الخبز والشاي فقط”، وسط “شح” المساعدات الإنسانية التي تقدمها المنظمات العاملة في المخيم.
وتشاطرها شيرين حسو (33 عاماً)، وهي أم لستة أطفال، الرأي، في أن غلاء الأسعار والنزوح أفقدهم فرحة رمضان والعيد.
وتقول السيدة الثلاثينية، بينما كانت تقف بالقرب من خيمتها، إن غلاء الأسعار يجبرها على عدم شراء ملابس وحلوى العيد لأطفالها، وهذا ما لم تعتد عليه قبل نزوحها من مسقط رأسها.