إعادة هيكلة الائتلاف السوري المعارض بهدف دمجه بمؤسسات الحكومة السورية
إدلب- نورث برس
شهدت هيكلية الائتلاف السوري المعارض، قبل أيام، عدداً من التغيرات، طالت بنيته وآلية تمثيل أعضائه بالتزامن مع مستجدات في العلاقات السياسية بين الأطراف الإقليمية المؤثرة في الملف السوري.
ومطلع الشهر الجاري، اتّخذ الائتلاف عدة قرارات، وصفها، عبر بيان، بـ”إصلاح وتعديل النظام الداخلي” من بينها فصل 18 عضواً واستبدال أربعة أعضاء بآخرين، لكن مراقبين استبعدوا أن تكون تلك التعديلات ذات جدية.
اللواء المنشق محمد الحاج علي والمقيم في ألمانيا، تساءل عن سبب هذه التعديلات في هذا التوقيت بالذات، على الرغم من المطالبات بإجراء تعديلات حقيقة في مؤسسة الائتلاف منذ سنوات.
وقال الحاج علي لنورث برس: “الدول تتعامل مع الائتلاف بما يتوافق مع مصالحها”.
وأضاف الحاج علي: “تركيا تسيّر الائتلاف حسب مصالحها، حيث لها أجندة معينة في شمالي سوريا، بالتالي من مصلحتها أن تجد مؤسسات شبه رسمية تساندها في تنفيذ سياساتها”.
الدور القطري ـ التركي
من جهته، يرى الباحث والصحفي حسام البرم، وهو مقيم في فرنسا، إن التعديلات الأخيرة في الائتلاف، “تتناغم مع المشروع التركي ـ القطري”.
وبحسب “البرم”، فإنّ “الهدف من هكذا تعديلات هو استخدام المعارضة بشكل فعال والسيطرة على شمالي سوريا بالكامل”.
وأضاف: “السيطرة على المعارضة تعطي الأتراك ورقة تفاوض مع الدول الغربية أما القطريين فهم يسعون للدفع باتجاه الحل في سوريا”.

وأشار البرم خلال حديثه لنورث برس إلى أنّ “الدور القطري ليس بالدور الواضح فهو ساعٍ للحل، ولكن السيطرة التركية واضحة بشكل جلي على مؤسسة الائتلاف، كي يكون أي حل من خلاله”.
ورأى البرم، أنه “في حال أصبح هناك توافق بين تركيا وقطر من جهة وروسيا وإيران والنظام السوري من جهة أخرى، سوف يتم التضحية بمؤسسة الائتلاف من خلال الضغط عليها ودمجها مع مؤسسات النظام السوري”.
تجميد الملف السوري
الوصول إلى حل توافقي، بحسب مراقبين، يخدم مصالح الائتلاف بالدرجة الأولى بعد المستجدات الدولية سيما وأن الحرب في أوكرانيا أدت إلى تراجع نسبي في الاهتمام الدولي وفي مقدمتها روسيا بالملف السوري، مع غياب أي بوادر للحل السياسي في البلاد، بسبب عدم توصل القوى المتداخلة إلى ما يضمن مصالحها المتضاربة.
مدير المركز العربي- الأوربي للدراسات ميسرة البكور، يرى، أن الولايات المتحدة الأميركية لا تريد التصعيد في سوريا، وتخشى من مواجهة مباشرة مع روسيا”.
البكور أضاف لنورث برس: “أميركا كانت واضحة بعدم التنسيق مع النظام السوري وانتقدت الدول التي طبعت معه، والموقف الأميركي متفق مع الإسرائيلي الذي لا يريد التخلص من بشار الأسد في الوقت الحالي”.
واستبعد البكور أن يكون الائتلاف السوري جزءً من الحل متهماً أعضاءه بـ”العمل لمصالحهم الشخصية ومصلحة أحزابهم”، موضحاً أن “الحل إن وجد سوف يُفرض على الائتلاف”.
وبحسب البكور فإن “أميركا تحاول إدخال المكونات الكردية في شمال شرقي سوريا إلى مؤسسات الائتلاف”، ولكنه استبعد حصول ذلك خلال المدى المنظور.
إعادة تشكيل المعارضة
من جانبها، ترى سميرة مبيض عضو اللجنة الدستورية بأن التغييرات التي أجراها الائتلاف تأتي في مساعٍ مستمرة متتابعة منذ عشر سنوات لتدجينه بما يوافق مصالح الدول في كل مرحلة وفي كل بقعة جغرافية من سوريا.
مبيض أوضحت لنورث برس، أن “المساعي اليوم تنحى للهيمنة على ما بقي من مناطق خارج سيطرة نظام الأسد، ومقايضتها بمشاركة هذه التيارات في السلطة تحت أطر المنظومة الشمولية السابقة ذاتها”.
وشددت مبيض، على أن “الدول الإقليمية تعد صاحبة المصلحة الأولى اليوم في الحفاظ على حالة الاستبداد والشمولية في سوريا والتي تترجم بتدجين الائتلاف وهيئة التفاوض واللجنة المصغرة في الدستورية والهيمنة عليهم”.
وأضافت مبيض: “المسار الكارثي مصبه الأخير هو مقايضات سياسية دولية بأدوات سورية تنهي حراك السوريين وتضيع مطالبهم المحقة وتعيد البلد إلى ما قبل مئة عام لتصبح من جديد ضحية تغوّل المصالح على حساب اندثار الهوية والارض السورية”.