الإدانات العراقية “الإعلامية” لا توقف التوغل التركي.. بعشيقة نموذجاً
أربيل ـ نورث برس
تكررت العمليات التركية بأسماء “مخالب” في مناطق شمالية متفرقة بإقليم كردستان، بعضها الآخر تركزت في منطقتي شنكال ومخمور في عمق الأراضي العراقية، وجميعها واجهت إدانات عراقية إعلامية، لكن لا جدوى عملية منها حتى اليوم، وفقاً لمراقبين.
وأعلنت تركيا، أمس الاثنين، عن عملية “قفل المخلب”، وذلك بعد سلسلة عمليات “مخلب النمر” و”مخلب النسر1 و2″ التي أطلقهما الجيش التركي في شمال العراق منذ عام 2020، ضد حزب العمال الكردستاني.
في وقت سابق من اليوم الثلاثاء، أعلنت وزارة الخارجية العراقية رفضها للعملية العسكرية التركية شمالي البلاد، وعدتها خرقاً للسيادة ومخالفة لمبدأ حُسن الجوار.
جاء ذلك في بيان بعد أقل من 24 ساعة على هجوم عنيف شنته القوات التركية تحت غطاء جوي بعشرات المروحيات في محيط قضاء العمادية شمالي محافظة دهوك.
كما وجه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، رسالة إلى تركيا عبر تغريدة في صفحته بتوتير، قال إنه “إذا كان هناك خطر يدهمها من الأراضي العراقية فعليها التنسيق مع الحكومة العراقية لإنهاء الخطر، فالقوات الأمنية العراقية قادرة على ذلك”.
وأضاف: “إن تكرر (الهجوم) منها لن نسكت، فالعراق دولة ذات سيادة كاملة”.
وفي موقف رديف، قالت رئاسة الجمهورية العراقية، اليوم، إن العمليات التركية خرق للسيادة العراقية وتهديد للأمن القومي، فيما أشارت إلى أن تكرار هذه العمليات غير مقبول.
ويبلغ طول الشريط الحدودي بين العراق وتركيا أكثر من 350كم، وتربط بين الدولتين الجارتين اتفاقيات وعقود قد تثبط عزم بغداد على ردع العمليات، لذا يبقى في إطار الرد النظري.
ويشير مراقبون إلى وجود أوراق سياسية واقتصادية، بما في ذلك ملف المياه، تمتلكها تركيا للضغط على بغداد في حال اتخذت موقفاً عملياً بشأن عملياتها شمالي البلاد.
وقال المحلل السياسي العراقي مفيد السعيدي لنورث برس، إن العراق لا يستطيع الذهاب إلى ما هو أبعد من المواقف النظرية بسبب قراره المصادر من قبل تركيا.
وأشار “السعيدي”، إلى أن “لتركيا تدخل واضح في العملية السياسية العراقية، وفي العديد من القوى العراقية كتحالف السيادة نموذجاً وتربطهما علاقات، ما يعني صعوبة أن يتخذ العراق كدولة موقفاً عملياً”، على حد قوله.
إضافة إلى ذلك، ثمة اتفاقيات اقتصادية وهذا الثقل الاقتصادي التركي واستثماراته يدفع العراق إلى الصمت تجاه جميع الهجمات التركية وقواعدها المنتشرة في المنطقة.
قواعد توسعية لا تُردع – بعشيقة نموذجاً
وتمكّنت تركيا من توسيع تواجدها، ومد نفوذها إلى مواقع مهمة واستراتيجية داخل أراضي إقليم كردستان العراق.
ويوجد في الإقليم أكثر من 20 قاعدة عسكرية تركية الى جانب عشرات المواقع الاخرى في شمالي محافظتي دهوك وأربيل، بحسب تقارير إعلامية.
وظهر التوتر الأكبر بين أنقرة وبغداد بشأن تواجد هذه القوات عام 2016 بعد عام من دخول أرتال عسكرية تركية من معبر ابراهيم الخليل إلى شمال الموصل، وتمركزت في منطقة بعشيقة في مطلع 2015.
وتزعم تركيا أنها أرسلت قواتها حينها بذريعة محاربة “داعش”، إذ جاءت بالتزامن مع الحملة العراقية ضد التنظيم المتشدد الذي كان يسيطر آنذاك على مناطق عراقية شاسعة في سط وشمال البلاد.
سلسلة مواقف لا جدوى عملية منها
وظهر الموقف الأشد والأبرز، حين صوّت البرلمان العراقي مطلع تشرين الأول/أكتوبر من عام 2016، على قرار يرفض قرار نظيره التركي بتمديد بقاء القوات التركية داخل الأراضي العراقية.
ودعا البرلمان في قراره الحكومة العراقية إلى عد القوات التركية داخل الأراضي العراقية قوات “محتلة ومعادية”، كما طلب بإخراجها بما فيها القوات المنتشرة في بعشيقة من الأراضي العراقية.
وشدد القرار وقتها على ضرورة قيام الجهات القضائية بتحريك دعاوى لمحاسبة المطالبين بدخول القوات التركية أو من يبرر وجودها.
إلا أن القرار العراقي وغيره من الدعوات المتكررة على غرار بيانات الإدانة الإعلامية بعد كل هجوم، بقيت حبراً على ورق دون أن توقف العمليات التركية.
وبغض النظر عن النتائج العسكرية التي تعلنها تركيا من عملياتها، كان ولازال المتضرر الأكبر منها هم المدنيون، لأنه ثبت أن الكثير من الغارات استهدفت أماكن مأهولة وقضى فيها العشرات من الأشخاص خلال السنوات الأخيرة الفائتة.
ضحايا
وفي آخر حصيلة رسمية صادرة عن سلطات إقليم كردستان، أعلن منسق التوصيات الدولية في أربيل ديندار زيباري، في خريف العام الفائت، أن الهجمات والاشتباكات في المناطق الحدودية الشمالية من البلاد أدت إلى تهجير سكان 800 قرية خلال العقود الثلاثة الماضية.
وتعرضت المناطق الشمالية لـ 165 غارة جوية و274 قذيقة مدفعية و6 هجمات برية، منذ مطلع كانون الثاني/يناير وحتى شهر آب/أغسطس من العام الماضي، وفقاً لزيباري.
وتطال الهجمات مناطق حدودية من زاخو غرباً إلى بنجوين شرقاً، إضافة إلى قضاء شنكال ومخمور بمحافظة نينوى.
ومطلع شباط/ فبراير الفائت، نفذ الطيران التركي، أكثر من 15 ضربة جوية استهدفت مواقع عدة في جبل شنكال، وطال بعض تلك الضربات مخيم للاجئين في مخمور، أوقعت عشرات القتلى والجرحى، جلهم مدنيون.