“أهداف تركية” بحتة وراء الهيكلية الجديدة للائتلاف السوري
أربيل- نورث برس
كشف سياسيون سوريون “ما وراء” المتغيرات التي حصلت في جسد “الائتلاف السوري المعارض”، مشددين على أنها خطة تركية ذات أهداف متعددة أبرزها تحقيق نوع من الشرعية الإدارية تتناسب والرغبة التركية في المناطق التي سيطرت عليها بالشمال السوري.
وجاء حديث الساسة، تعليقاً على خطوات قام بها الائتلاف خلال الأسبوعين الماضيين، وأطلق عليها اسم “الإصلاح” في هيكليته وأعضاء مكوّنات منه، بينما قوبلت برفض وتشكيك من الجهات المستبعدة منه.
وأثارت التعديلات الأخيرة التي شهدتها المؤسسة ضجة كبيرة في الأوساط المعارضة ورافقها انسحابات كتل وشخصيات.
وقال الرئيس المشارك لمجلس سوريا الديمقراطية، رياض درار، في حديثٍ هاتفي لنورث برس، “أضيف إلى دور المكونات الجديد، في ما يسمى الإصلاح على حساب من تم إقصائهم، أعضاء جدد من الكرد والتركمان بعد أن حافظ الأخيرون على عددهم وأُضيف إليهم ما يسمى رابطة الكرد المستقلين”.
والغرض من ذلك بحسب درار هو استخدامهم لاحقاً من قبل تركيا في جغرافية الشمال السوري، ورسم الشكل الديمغرافي في حال تم التوصل إلى اتفاق ما مع حكومة دمشق.
خلافات ومصير القسم المستبعد
وقال الرئيس المشارك لـ”مسد” إن “ثمة خلافات عنيفة في جسد الائتلاف ، وقد ظهر جلياً بين عبد الرحمن مصطفى وهو الرجل الأقوى والمسيطر الائتلاف والمدعوم من تركيا بشكل كبير، مع نصر الحريري أدى إلى التصادم بينهما، إضافة إلى آخرين كأحمد رمضان، حول عقود واتفاقات”.
وأشار إلى أن الكثيرين في الائتلاف يصعب عليهم إظهار اعتراضاتهم بسبب وجودهم في الداخل التركي وعدم قدرتهم على التنفس.
وبخصوص مصير القسم المستبعد من الائتلاف، يعتقد درار أنه “لا أحد يمكن التحرك بدون إذنٍ أو إشارة من الجانب التركي، وربما يتوقف القسم المستبعد عند حدود البيانات لأن الجميع تحت السيطرة التركية، أو من الممكن أن نشهد بعض الترضيات لأعضاء تتم الوساطة لاستمرارهم وبقائهم”.
ومطلع هذا الشهر، اتخذ الائتلاف عدداً من القرارات، فيما سماها بالإصلاح وتعديل النظام الداخلي، من بينها فصل 18 عضواً واستبدال أربعة أعضاء بآخرين.
ومن المرجح أن يلتزم العديد من المفصولين الصمت، لأن “مهمتهم انتهت وهم أصلاً لا ثقل لهم”، وفقاً لدرار.
وأَضاف الرئيس المشارك لمسد: “(..) سيعود من هم مقيمين في الخارج إلى مأواهم وسينشغل من لهم أعمال بأعمالهم، في النهاية لا يوجد منهم من يغار على ثورته ولا هم حزبيون ليعودوا إلى أحزابهم، معارضة الصدفة هذه لن تشكل عبأ على من بقي صدفة أيضاً”.
لكن من الممكن أيضاً أن “يتم استيعاب قوى جديدة ضمن الإطار حتى يقال هناك توسع وشمل لقوى جديدة”.
التأثير على الحوار الكردي
أما بالنسبة لتأثير المتغيرات تلك على الحوار الكردي الكردي، قال درار إن المسافة ستبقى متوفقة في هذا الشأن مالم يكن هناك قوة ضغط أميركية على الأطراف وربما تميل الكفة لصالح المجلس الوطني الكردي المدعوم من تركيا وأربيل.
لكن بحسب درار، “هذا ليس مخيف في حال وضع المجلس الكردي أمامه هدف بناء مشتركات في الإدارة الذاتية والمشاركة على مستوى المسؤولية، والعمل كمجلس سوري لا غير وفي خدمة الحل السوري لا أقل، وهذا هو الأمر الأهم في حال جرى استكمال هذا الحوار”.
وذكّر درار بالنقاط المشتركة التي توصلت إليها الأطراف الكردية سابقاً، لكن الموقف التركي المؤثر على المجلس الوطني هو “السبب في قطع الحوار”.
وأشار درار إلى مدى التدخل الخارجي في جسم الائتلاف السوري، بالقول إن “الاستزلام للدول هو من طبيعة المؤتلفين، لأن كل قسم يبيع لمن جاء به يوماً”.
وأضاف: “الآن تستتب الساحة لتركيا لأن التقارب التركي الخليجي المحتمل وربما المصري، يساهم في أن تستبعد تركيا أذرع هذه الدول في الائتلاف لتبقى هي المسيطرة على مسار العمل لصالحها في سوريا”.
وفي السياق، قال الكاتب والسياسي علي الأمين السويد، إن ما جرى من متغيرات في الائتلاف “يثبت وبشكل فاضح هيمنة تركيا المطلقة على قراره” بالرغم من نسب هذه المتغيرات لرئيسه سالم المسلط.
وكشف الأمين وهو معارض سوري، نموذجاً في ذلك، بالقول: “لدرجة أن أحد المفصولين اتصل هاتفياً بالمسلط ليستفسر عن سبب فصله، وكان رد المسلط إنه (لا يعرف)”.
وبحسب الأمين، “ما جرى أمر طبيعي لأن الائتلاف أصبح مجرد فصيل سياسي مرتزق لا يعمل إلا وفقاً للمصالح التركية”.
أربعة أهداف تركية
وبالنظر إلى الهيكلية الجديدة للائتلاف، يعتقد الأمين، أن تركيا تريد رسم خطط لخدمة توجهاتها السياسية على صعيد المنطقة.
والخميس الماضي، صوت أعضاء الهيئة العامة على إنهاء عضوية أربعة مكونات من الائتلاف وهي حركة العمل الوطني، والكتلة الوطنية المؤسسة، والحراك الثوري، والحركة الكردية المستقلة، وصوتوا على إبقاء كل من هشام مروة ونصر الحريري كأعضاء مستقلين.
وأشار الأمين إلى أن “تركيا تريد من زيادة العنصر التركماني داخل الائتلاف وتمكين قراره السياسي، ليبدو أن قرار الائتلاف نابع منه نفسه وليس تعليمات تركية حسب ما هو فاضح”.
أما بالنسبة لاختيار البدلاء من النازحين والمستوطنين، قال الأمين إن “تركيا تحوّل بذلك مسار الائتلاف من اهتمامها بالقضية السورية وأهداف الثورة وتغيير النظام في دمشق، إلى العمل كإدارة عملية في المناطق التي احتلتها لتكون تابعاً لها شأنها شأن قبرص التركية، بذلك يكون العناصر الجدد صقور في تلك المناطق لخدمة المصلحة التركية”.
وثمة هدف ثالث بحسب السياسي وهو قطع الطريق على الحوار وأي تفاهم ممكن بين الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا والمجلس الوطني الكردي المنتمي للائتلاف “فتركيا تخشى من أي تقارب سوري سوري، كي لا تقع في حرج دبلوماسي”.
ويوجد في الخطوات الأخيرة للائتلاف “إشارة” إلى السعودية والإمارات بأنه من الممكن التخلي عن جماعة الإخوان المسلمين في أي لحظة، وفقاً للكاتب السياسي.
ويرى الأمين أن الائتلاف السوري لم يحظَ باعتراف دولي حقيقي منذ تشكله في الربع الأخير من 2012، ولم تدعمه في بداية تكوينه سوى دولة قطر الراعي المالي له.
ويضيف: “ثم ذهب إلى الحظن التركي، وراح يطبق سياسات تتوافق مع الإرادة التركية كل ما طلبته مثل الحوار والمفاوضات مع النظام والحضور الشكلي في أستانا وسوشي وحتى اللجنة الدستورية، كلها بأوامر تركية وروسية وإيرانية”.
ويقول: “تسعى تركيا لحصر عمل الائتلاف في التمثيل الصوّري للمناطق التي احتلتها، لتجعل منه القناة الشرعية لتستحوذ عبرها على إدارة تلك المناطق حسب رغبتها.”