ضيق الحال يجبر شباناً من الشدادي جنوب الحسكة للعمل في تحميل الحجارة
الشدادي – نورث برس
مع صباح كل يوم حينما يتوفر عمل، يخرج حسام الحسن (28 عاماً) من منزله في ريف مدينة الشدادي، جنوب الحسكة، متوجهاً مع عدد من الشبان إلى جبال ناحية مركدة بريف الحسكة الجنوبي لتحميل الحجارة السوداء التي تستعمل للبناء.
ورغم المجهود البدني الكبير، يجني الشاب العشريني ثلاثة آلاف ليرة سورية عن تعبئة كل سيارة بالحجارة.
ويقول “الحسن” وهو معيل أسرة مؤلفة من زوجته وأطفاله الثلاثة ووالديه، إن قلة فرص العمل والظروف المعيشية المتردية تجبره للعمل في هذا العمل “الشاق” وقبول الأجر المتدني.

وفي ريف الشدادي، يعمل شبان في تحميل الحجارة السوداء، حيث يضطرون لقطع مسافة تصل لنحو 40كم للوصول إلى جبال مركدة المتعارف عليها “الحمة” للبدء بعملهم، في ظل تردي وضعهم المعيشي وضعف قدرتهم الشرائية.
ويجهد البعض بحفر أطراف الحجارة المنغمسة في الأرض بواسطة معول، فيما يقوم آخرون بنقلها إلى السيارة.
وتحتوي جبال مركدة، على الصخر الأسود وهناك العديد من السيارات التي تقوم بنقل الحجر الأسود من هذه الجبال إلى الشدادي وريفها لاستعمالها في البناء، حيث يتعاقد أصحاب السيارات “القلابات” مع عاملين لتحميل الحجارة.
ويجد “الحسن” نفسه محظوظاً عندما يكون هناك أكثر من نقلة للحجارة في يوم واحد، “ولكن غالبية الأحيان نتوقف عن العمل لعدة أيام لعدم وجود طلبيات”.
ويشير إلى أن الأجرة التي يحصل عليها “قليلة جداً”، وهو ما دفعه في إحدى المرات للمطالبة بالزيادة من صاحب السيارة الذي يعمل معه، إلا أن طلبه قوبل بالرفض، “فهناك كثير من العمال مستعدين للعمل بهذا الأجر”، وفقاً لما نقله “الحسن” عن صاحب السيارة.
ويرى العاملون في هذا المجال أن أجور تعبئة السيارة الواحدة يجب أن تكون ستة آلاف ليرة أو أكثر لكل عامل، حتى يستطيع تأمين شيء بسيط من متطلبات عائلاته، بحسب تعبيرهم.
وبينما يتصبب العرق من جبينه تحت أشعة الشمس، يشارف “الحسن” وأقرانه على تعبئة السيارة، ولكن تدني الأجرة يضعهم أمام تحديات وخاصة أن أسعار المواد الغذائية “باهظة”.
وبينما كان العمال ينهمكون في العمل، يقول محمد إبراهيم، صاحب سيارة نقل حجارة، إنه يحصل على أربعين ألف ليرة سورية، على كل نقلة حجر ويقسم هذا المبلغ ما بين مازوت للسيارة وأعطال وأجرة عمال.
وعند الاستفسار عن إمكانية زيادة أجرة العمال، علق صاحب السيارة بالقول: “نقلة الحجر الواحدة لا تستغرق من العمال سوى ساعة واحدة أو أكثر بقليل، وفي غالبية الأحيان يكون لدينا العديد من النقلات فحينها يحصل العمال على ستة آلاف ليرة أو أكثر”.

ويزيد على ذلك أن “أجور العمال تزيد على حسب ضغط العمل والطلبيات على الحجارة السوداء أثناء حركة البناء”.
ولا تختلف معاناة بشار الحسين (26 عاماً) عن سابقيه، وهو أيضاً يعمل في تحميل الحجارة السوداء ويقول: “هذا العمل متعب وشاق جداً ورغم أنني صائم لكن أحاول تأمين لقمة العيش”.
ويضيف، بينما تظهر عليه علامات الوهن والتعب، “نعمل لساعات طويلة، ولا نستطيع النوم بشكل كافٍ، إذ نبقى متعبين نتيجة الجهد الناجم عن العمل”.
وغالباً ما يعاني العاملون في هذا المجال من آلام عضلية وتشققات في الأيدي بسبب طبيعة العمل. وخلال السنوات الماضية، دفعت قلة فرص العمل، شباناً في الشدادي للهجرة إلى الدول المجاورة أو الأوروبية.
ويشير “الحسين” هو الآخر إلى أن ضيق الحال دفع به إلى العمل في هذا المجال، “لا أملك عملاً آخر في ظل تفشي البطالة وعدم توفر فرص العمل”.