مكاتب غير مرخصة وجهة حوالات مغتربين سوريين لـ”جشع” شركات التحويل الحكومية
دمشق- نورث برس
يعتمد سليم أحمد (63 عاماً) وهو اسم مستعار لمعلم متقاعد في دمشق، على الحوالة المالية المرسلة له من قبل ابنه المغترب في ألمانيا منذ أكثر من أربع سنوات، عبر وسطاء في البلدين، لإعالة عائلته.
ويقول الرجل إن ابنه يرسل له مئة يورو شهرياً عن طريق وسطاء في ألمانيا، حيث يعطي المبلغ وعمولة تبلغ نسبتها حوالي خمسة في المئة إلى الوسيط، وهو بدوره يقوم بالاتصال بشريكه في سوريا، الذي يقوم بتسليمها له.
ويلجأ سوريون لإرسال الحوالات المالية إلى ذويهم في سوريا عبر السوق السوداء، بسبب فارق سعر الصرف بين مكاتب الصرافة المرخصة والسوق السوداء.
ورغم رفع مصرف سوريا المركزي، أمس الأربعاء، سعر صرف الدولار الأميركي أمام الليرة السورية في نشرته الرسمية من 2512 ليرة إلى 2814 ليرة سورية، إلا أنه يبقى أقل من سعر الصرف في السوق السوداء الذي يصل إلى نحو 3900 ليرة.
وفي الثلاثين من الشهر الماضي، قال علي كنعان، عميد كلية الاقتصاد، لصحيفة “الوطن” شبه الرسمية، إنه من المتوقع أن تصل قيمة الحوالات الواردة من خلال شركات الصرافة المرخصة للعمل رسمياً خلال شهر رمضان فقط، إلى حوالي 420 مليون دولار أميركي.
وتوقع “كنعان” حينها، أن يصل عبر الطرق غير الرسمية (السوق السوداء)، حوالات مالية بقيمة 240 مليون دولار وسطياً خلال شهر رمضان فقط.
“إذ تقدر قيمة الحوالات التي تصل عبر الطرق غير الرسمية بحوالي ثلاثة إلى خمسة ملايين دولار يومياً خارج شهر رمضان، وقيمة الحوالات الرسمية خارج شهر رمضان تقدر بحوالي سبعة ملايين دولار في اليوم”.
“حوالات شهرية”
ويداوم نوار حسو (32 عاماً) وهو اسم مستعار لشاب يعيش في النمسا منذ خمسة أعوام، على إرسال مئة دولاراً أميركي شهرياً لذويه في دمشق، وذلك عبر شركات غير نظامية، “لضمان استلام الحوالة بالدولار وبسعر مقبول”.
وسابقاً كان الشاب يضطر إلى إرسال الحوالات لمكتب صرافة في القامشلي والذي بدوره يُعاود إرسالها إلى دمشق، ما جعله يتكلف المزيد من الأجور.
ويقول “حسو” إنه “من خلال هذه الإجراءات يفقد أهلي ثلث قيمة المبلغ الحقيقي الواصل لهم لصالح المصارف الحكومية أو الشركات المرخصة من قبلها”.
ويرى الشاب أن الطرف الوحيد الذي يستفيد حالياً من التحويلات المالية من الخارج هو شركات التحويل والحكومة السورية، كونها رفعت العمولات الخاصة بالتحويلات بنسبة 30 في المئة، بعد انخفاض قيمة الليرة السورية مقابل الدولار واليورو.
ومؤخراً، بلغ سعر صرف اليورو أكثر من 4200 ليرة سورية، في حين وصل الدولار إلى 3900 ليرة سورية، في السوق السوداء.
وعلى الرغم من خطورة وصعوبة إرسال الحوالات عبر السماسرة والشركات غير المرخصة، إلا أن المغترب يفضل ذلك على أن “تشارك شركات الصرافة الجشعة أهلي في الحوالة التي أرسلها لهم”.
عقوبات
وتفرض الحكومة عقوبات صارمة على من يتعامل بغير الليرة السورية أو يستلم حوالته بغيرها، وتصل العقوبة وفق المرسومين رقم 3 و4، اللذين أصدرهما الرئيس السوري، عام 2020 إلى السجن مع الأشغال الشاقة المؤقتة لمدة لا تقل عن سبع سنوات وغرامة مالية بما يعادل مثلي قيمة المدفوعات، أو المبلغ المتعامل به أو المسدد أو الخدمات أو السلع المعروضة.
والأحد الماضي، أعلنت شركة الهرم للحوالات والصرافة في سوريا، أنها ستحتسب سعر صرف دولار الحوالات المالية الواردة إلى سوريا من الخارج بـ 3400 ليرة سورية، علماً أن سعر صرف الليرة أمام الدولار سجل مساء الأحد 3930 ليرة سورية، أي أن “دولار الحوالات” عبر “الهرم”، أقل بـ 530 ليرة، لكل دولار.
وبداية شهر رمضان، أعلنت شركة الصرافة المُرخصة في مناطق سيطرة الحكومة السورية، عن تخفيض سعر صرف الحوالات المالية التي تأتي من الخارج إلى سوريا حتى انتهاء الشهر.
ويضيف “حسو”، الذي يعمل كموظف استقبال في مطعم بالنمسا، “إنهم يشاركوننا حتى في أموالنا، من المؤسف أن ننتمي لمثل هذه الحكومة، تساوم شعبها حتى في لقمة عيشه”.
وبتهكم يزيد على ذلك، “أما شركات الصرافة، فإنها تسرق تعبنا في النهار وعلناً، وعلى عينك يا تاجر، الاستغلال شغال والحمد الله”.