نازحو عفرين بين صعوبة تأمين العمل والوضع المعيشي المُتردي يعيش في شمالي حلب
ريف حلب الشّمالي – نورث برس
تعمل عيوش ولو (38 عاماً) النّازحة من قريتها عرب ويران التّابعة لبلدة معبطلي في ريف عفرين، إلى مخيم برخودان شمال بلدة فافين شمالي حلب، بتنظيف الحمامات ثلاث مرات يومياً، لتأمين لقمة العيش لطفليها، إذ لم تجد عملاً آخر.
وتقول “ولو” لنورث برس، إنّ المسؤولية أنهكتها، “أحمل نفسي ما يفوق طاقتي، فعملي مُتعب كثيراً وسيء، لكنني مجبرة عليه، فأنا لا أريد أنّ أستجدي أحداً”.
ومنذ خمسة أشهر توفي زوج المرأة متأثراً بنوبة قلبية، وهي الآن المعيل الوحيد لأسرتها، حسبما تفيد وهي تحمل عدتها وتستعد للذهاب لعملها.
وقبل نزوحها كانت السّيدة تعيش على مواسم الزّيتون، وتعمل بزراعة الخضراوات والفواكه، إلا أنّ سيطرة تركيا والفصائل الموالية لها على تلك الأراضي في 2018، قطع مصدر رزق كثير من نازحي عفرين.
وتفيد المعيلة لطفلين أكبرهما (13 عاماً) والأصغر لم يتجاوز العاشرة، أنها بحثت مطولاً عن فرصة عمل، ولكنها لم تجد، لذا لجأت لعملها الحالي، “أتقاضى من إدارة المخيم مبلغاً قدره 150 ألف ليرة سورية، وهذا لا يكفي لسد احتياجاتنا”.
ونظراً للارتفاع الكبير بالأسعار، الذي تشهده المخيمات، إضافة لقلة دعم المُنظمات الإنسانية والإغاثية، وتعرض المنطقة للقصف التّركي بشكل مُتكرر، فضلاً عن عدم توفر فرص العمل، تزداد أوضاع النّازحين سوءاً في المخيم.
وتستذكر الأرملة زوجها، الذي كان يعمل في هيئة الزّراعة قبل وفاته، “كان يحمل عنا كثيراً، ولكننا الآن وحيدون، فأنا لا أستطيع تغطية تكاليف معيشتنا كالسّابق”.

وفي 2018، تأسس مخيم برخودان، ويضم 714 عائلة و2750 فرداً، وهو أحد الخمس مخيمات التي تؤوي نازحي عفرين.
“لا نستطيع شراء اللحم”
ومن جانبه يقضي محمد علو (45 عاماً)، وينحدر من قرية قره كوله التّابعة لناحية بلبل بريف عفرين، وقتاً كبيراً في قطاف النّباتات من الحقول كـ “الخبيزة” ليبيع الكيلوغرام الواحد منها بـ1500 ليرة سورية، لإعالة عائلته المكونة من تسع أفراد .
وتقطن الأسرة في خيمة لا تتعدى مساحتها بضعة أمتار، ولا تستطيع شراء اللحم في كثير من الأوقات لمدة تتجاوز الأربعة أشهر، حسب ما يقوله الرّجل لنورث برس.
ومؤخراً، يتبادل نازحون في مخيمات عفرين، أسطوانات الغاز المتبقية لديهم لإعداد الإفطار في رمضان، ويلجأ آخرون للطبخ باستخدام البوابير أو على نيران الحطب، الذي يجمعونه من الأراضي الزّراعيّة، بسبب تشديد حصار الحكومة السّورية عليهم، حسب نورث برس.
وبجملة عامية يختزل الأربعيني معاناته، وهو يمسك سكيناً ليقتلع أحد النباتات من الأرض “بالزّور عم ندبر حالنا”، في حين يرى أنه قادر على العمل في أي مكان، لكن الفرصة غير موجودة.
وسابقاً عمل الرّجل ببيع الخضار، ويضيف: “إمكاناتي في المخيم ضعيفة لذا لا أستطيع إعادة فتح دكاني هنا”.
“حصار وقصف جعلانا منكوبين”
ولم نتمكن حتى الآن من الحصول على نسب دقيقة عن تفشي ظاهرة البطالة بريف حلب الشمالي حيث يتوزع نازحي عفرين، ولكنها تجاوزت الـ40 بالمئة حسب نازحين.
وتعتبر المنطقة “منكوبة” على حد وصف جمعة كالو الرّئيس المُشارك لمجلس مقاطعة الشّهباء، نظراً للصراع الذي دار بين الفصائل المُسلحة والحكومة السّورية في السنوات السابقة، الأمر الذي تسبب بهجرة رؤوس الأموال، وتوقف كافة المداجن والمعامل وتعرضها للتخريب.
ويشير “كالو” إلى أنّ عمليات القصف المستمرة من قبل الدّولة التّركية والحصار الذي تفرضه الحكومة السّورية على المنطقة، أسفرا عن “قلة المشاريع وعدم القدرة على إنشائها في المنطقة”.
ويقول الرّئيس المُشارك لمجلس المقاطعة، إنّ أي مشروع يتطلب مواد أولية، وهي غير متوفرة، الأمر الذي يصفه بـ” المشكلة الكبيرة”.
وتعاني المخيمات الخمسة (عفرين وبرخدان والعودة وسردم والشهباء) من نقص في دعم المُنظمات الإنسانية ، وبالتالي اعتماد النّازحين على الإمكانات المُتاحة.
ولكن هناك دراسة في المُستقبل القريب، لدعم المنطقة والحد من البطالة، عبر إعادة تفعيل المداجن والورش، مما سيؤمن فرص عمل كثيرة للعائلات، حسب “كالو”.