تعديلات الائتلاف.. انسحابات وسيناريوهات ترسمها مصالح دول تهيمن على المعارضة

إدلب- نورث برس

أثارت التعديلات الأخيرة التي شهدتها مؤسسة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، أبرز مكونات المعارضة السورية في الخارج، ضجة كبيرة، في أوساط المعارضة رافقها انسحابات كتل وشخصيات.

فيما قلل متابعون للشأن السوري أن تكون هذه التعديلات ذات جدية، خاصةً في ظل بقاء المتنفذين الذين يسيطرون على قرارات الائتلاف السيادية وعلى رأسهم مجموعة (G4+1) كما يسميها بعض المعارضين.

ومطلع الشهر الجاري، اتخذ الائتلاف عدداً من القرارات، فيما سماها بالإصلاح وتعديل النظام الداخلي، من بينها فصل 18 عضواً واستبدال أربعة أعضاء بآخرين.

وفي ذات اليوم صدر القرار رقم (5) المعدل والذي يقضي باستبدال ممثلين لأربع مجالس محلية بناء على توصيات هذه المجالس حسب قول الائتلاف.

والخميس الماضي، صوت أعضاء الهيئة العامة على إنهاء عضوية أربعة مكونات من الائتلاف وهي حركة العمل الوطني، والكتلة الوطنية المؤسسة، والحراك الثوري، والحركة الكردية المستقلة، وصوتوا على إبقاء كل من هشام مروة ونصر الحريري كأعضاء مستقلين.

ووافق أعضاء الهيئة العامة على زيادة تمثيل رابطة المستقلين الكُرد السوريين داخل الهيئة العامة من مقعد واحد إلى ثلاثة مقاعد.

“سيناريو يحقق مصالحها”

تقول سميرة مبيض وهي عضو باللجنة الدستورية السورية عن كتلة المجتمع المدني، إن التغييرات التي طرأت داخل الائتلاف “لا تخرج عن سياق المسار الذي تعمل عليه الدول الإقليمية التي تهيمن على المعارضة، والتي تدفع نحو سيناريو محدد لمستقبل سوريا يحقق مصالحها”.

وتضيف “مبيض” لنورث برس، أن “هذه الدول تعمل على مناطق نفوذ تابعة لكل من هذه الدول داخل الأراضي السورية”.

وبالتالي فإن تشكيلة الائتلاف “تعكس وتترجم وتسعى إلى تحقيق مصالح الدول في كل مرحلة من مراحل الصراع السوري، وهذه مهمته طالما هو قائم”، بحسب ما ذهبت إليه “مبيض”.

واليوم، هناك مساع لتقاسم الوصاية على سوريا بين تركيا ودول الخليج، (السعودية، قطر والإمارات)، وبالتالي تطبيق سيناريو الاجتياح السياسي والثقافي والانتداب المقنّع لمنع انطلاق نموذج جديد من الحكم في سوريا، بحسب السياسية السورية.

وتقول “مبيض”، إن هذا التصور المطروح بتشكيلة الائتلاف المُستحدثة لا يختلف عن ما سبقه من طروحات تستخدم فيها سوريا “كأرض محروقة لتصفية الصراعات الايديولوجية وكمخزن للأسلحة وكمصب لنفايات التطرف والتشدد والتلوث مترافقاً بنهب ثرواتها ومواردها وإذلال شعبها وتهجيره وفق مصالح هذه الدول”.

واعتبرت السياسية المعارضة، الائتلاف، بمختلف نسخه، “أداة غير سورية، تتبدل حصص الدول بها وفق المرحلة، إنهاء هذا الكيان وتحييده عن تقرير مصير السوريين موازٍ لضرورة إنهاء نظام الأسد فبينهما شعب مُهدد باندثار هويته ووطنه”.

وأعربت مبيض عن اعتقادها في أنه “لا يمكن للائتلاف التخلص من التبعية للدول، لأنه تأسس بناء على محاصصات دولية وتيارات ايديولوجية”.

وأشارت إلى أن الائتلاف “سيخدم هذه الأجندات طالما هو قائم ومرتبط بشكل مباشر بالتمويل والارتهان السياسي بهذه الدول التي يستقوي بها على السوريين لتنفيذ مصالح هذه الدول بعيداً عن مصالحهم السوريين واستقرارهم”.

انسحابات شهدها الائتلاف

في قراءة بالانسحابات التي شهدها الائتلاف منذ تأسيسه في الحادي عشر من تشرين الثاني عام 2012، يحضر هنا سؤال هام، هل سيشهد الائتلاف انسحابات جديدة؟! على وقع الضجة الكبيرة التي أثارتها القرارات الجديدة؟.

ففي حزيران/ يونيو عام 2013، انسحبت الهيئة العامة للثورة السورية من الائتلاف وهي أحد أهم مكوناته بسبب تعيين أشخاص لا يمثلونها، بحسب بيان نشرته الهيئة حينها.

كما شكل انسحاب رئيس الحكومة المنشق عن حكومة دمشق الدكتور رياض حجاب في كانون الثاني/ يناير عام 2014 رسالة قوية جداً للائتلاف كونه أرفع شخصية انشقت عن الحكومة السورية.

وقال حجاب آنذاك، إن الانسحاب من الائتلاف بات ضرورة بوصفه احتجاجاً واضحاً يهدف إلى تقوية الائتلاف وتمتين تماسكه والعودة به إلى المسار الصحيح.

وفي التاريخ السابق نفسه، انسحب المجلس الوطني السوري، أول تشكيلات المعارضة السورية والمؤسس للائتلاف، بسبب مشاركة الائتلاف في اجتماعات جنيف.

واستمرت هذه الانسحابات في العام 2017 عندما انسحب خالد خوجة وسهير الأتاسي.

وفي حزيران/ يونيو من العام الماضي، أعلن رئيس تيار سوريا الغد المعارض فؤاد حميرة انسحابه من الائتلاف.

ويقول وليد إبراهيم رئيس حزب النهضة التركماني السوري المستقيل من الائتلاف، لنورث برس، إن الانسحابات التي جرت سابقاً بشكل جماعي وفردي كانت بسبب خلافات سياسية مع من هم متصدرين المشهد السياسي بالائتلاف.

وأضاف “إبراهيم” أنهم “انسحبوا بسبب انحراف المسار السياسي. ولكن حقيقة أجهل سببه الأساسي مثلي مثل الكثيرين، ونرى نتائجها الآن مع تحكم مجموعة صغيرة بكل الائتلاف وسيطرتها على القرار السياسي والكتلة المالية”.

 وأشار إلى أن ما حدث سابقاً من انسحابات لم تسلط الضوء إلى ما يجري ضمن مؤسسة الائتلاف من مخالفات وتجاوزات للأنظمة والقوانين الموجودة والمعمول بها.

ولكن ما حصل اليوم عند ما تم فصل الأعضاء ١٨، لم يحدث مثل هذا من قبل من تجاوز واضح وصريح للقوانين، بحسب “إبراهيم”.

وأضاف وليد إبراهيم رئيس حزب النهضة التركماني السوري: “لا يمكننا ربط ما يحدث اليوم بما حدث سابقا من استقالات وإقالات فالمستقيل كان يخرج بصمت وإن خرج ببيان كان لا يدخل بصلب أسباب الاستقالة”.

إعداد: إحسان محمد: تحرير: فنصة تمو