عوامل تدفع العراق للتركيز على الهول لكن بخطوات خجولة

أربيل- نورث برس

يكاد لا يخلو كل محفل سياسي وأمني عراقي من تسليط الضوء على قضية مخيم الهول بشمال شرقي سوريا، ما يشير إلى عوامل أبرزها الجغرافية والكم، تدفع البلد للتركيز على المخيم وإعادة رعاياه، لكن بنسبة خجولة جداً.

ويوجد في مخيم الهول والذي يعد الأخطر على مستوى العالم، ما لا يقل عن 30 ألفاً من حاملي الجنسية العراقية سواء من اتبعوا تنظيم الدولة الإسلامية “داعش” أو عائلاتهم وأطفالهم وجلهم يُعتبرون ضحايا فكر التنظيم.

وضمنهم حاملو الجنسية العراقية، يوجد في المخيم 23676 طفلاً تحت سن الثامنة عشر، من الجنسية غير السورية، كما يضم نحو 56 ألف شخص منهم 36 ألفاً دون سن الثامنة عشر، وفقاً لتصريح مديرة المخيم همرين حسن لنورث برس الشهر المنصرم.

ويعتبر العراق من أوائل الدول التي باشرت بخطوات إعادة رعاياه من المخيم الذي يحوي عشرات الجنسيات العالمية الأخرى.

والعام الماضي، شكّل العراق لجنة مشتركة من الأمن القومي والعمليات المشتركة ووزارة الهجرة لوضع آلية عودة العراقيين.

وبالفعل تم تشكيل لجنة أمنية منبثقة (دون تحديد توقيتها) لزيارة المخيم واللقاء مع العائلات العراقية بالتنسيق مع قوات سوريا الديمقراطية، وفقاً للمتحدث باسم وزارة الهجرة العراقية علي عباس في تصريح سابق لنورث برس.

وقال “عباس”، إنه تم تسيير أربع رحلات شملت 450 عائلة تم نقلهم إلى مركز الجدعة بمحافظة نينوى للتأهيل النفسي والمجتمعي.

إلا أنه في حال وضع عاملا الجوار والكم بعين الاعتبار، فلا زالت الخطوات العراقية خجولة، إذ لم تتجاوز نسبة الذين استرجعتهم السلطات وأهّلتهم في مجمّع “الجدعة” بمحافظة نينوى غربي البلاد أكثر من 5% من مجموع العراقيين في المخيم.

لكن على الصعيد النظري، يبدو من التصريحات الرسمية ولا سيما الصادرة عن الأمن القومي العراقي، أن بغداد تولي اهتماماً بالغاً بقضية المخيم، فخلال الأسبوع الماضي التقى مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي بثلاثة سفراء دول وبحث معهم ملف الهول وفقاً لبيانات رسمية.

وإلى جانب الكم الهائل من العراقيين في المخيم المجاور لمحافظة نينوى، لعل العامل الجغرافي أكثر ما يدفع بغداد للتفكير في مصير المخيم وشبهته في عدة مناسبات بالقنبلة الموقوتة. وبغير ذلك ربما يكون موقفها يشابه موقف الكثير من الدول البعيدة جغرافياً من المنطقة.

ويوم أمس السبت، رعت الحكومة العراقية وبمشاركة مستشارية الأمن القومي، مؤتمراً في بغداد حول التزامات المجتمع الدولي بشأن مخيم الهول في شمال شرقي سوريا.

وخرجت بتوصية دولية تضمنت تأسيس مجموعة عمل بين الحكومة العراقية والأمم المتحدة، لتفعيل الإطار الدولي للدول الأعضاء، لإعادة النازحين من شمال شرقي سوريا إلى بلدانهم.

ويدعو العراق المجتمع الدولي للوقوف إلى تفكيك مخيم الهول السوري وسحب الدول لرعاياها الموجودين في المخيم، ومحاكمة من هم “إرهابيين” في بلدانهم، لتحقيق أمن مستدام في المنطقة والعالم، جاء ذلك في حديث الأعرجي على هامش المؤتمر.

لكن هذا الزخم من التصريحات المهتمة، يقابله أيضاً دعوات متفرقة لوقف عمليات الإعادة من جانب جهات ترى أن جلب الرعايا هؤلاء يعد خطراً على أمن البلاد.

وكرر النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني في تصريحات إعلامية العام الفائت، أن إعادة هؤلاء ستسهم بضرر كبير في الواقع الأمني بالعراق وخاصة بمحافظة نينوى.

وفي موقف رديف، اعتبرت فيان دخيل النائبة من نفس الحزب، أن الموصل تتعرض لظلم كبير من خلال إرجاع عائلات مرتبطة بتنظيم “داعش”.

لكن السلطات العراقية ترى من وجود رعاياها في المخيم بمثابة قنبلة موقوتة، لذا تدرس إعادتهم وتأهيلهم في مناطقهم قبل فوات الأوان وحدوث ما يشابه أحداث سجن الصناعة في الحسكة التي دارت في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي.

وتعتزم السلطات العراقية إخضاع الأقلية العائدة من العائلات لبرامج تأهيلية بدعم من المنظمات الدولية، وأعيد قسم من هذه العائلات التي خضعت للبرامج التأهيلية إلى مناطقها الأصلية في العراق بالتنسيق مع الوجهاء والجهات المعنية في المناطق داخل العراق.

أما في حال ثبت تورط أحد العائدين بالانتماء لتنظيم “داعش”، فإن الجهات الأمنية والقضاء يتولون مصيره.

ومنذ العام 2019 وحتى نهاية 2021، سلمت الإدارة الذاتية 995 طفلاً وامرأة من عائلات عناصر التنظيم الأجانب، لدولهم بحسب الإحصائيات الرسمية.

إعداد وتحرير: هوزان زبير