التكافل الاجتماعي في السويداء.. محاولات إنسانية لتخفيف معاناة سكان
السويداء- نورث برس
تستلم مرح أحمد (21 عاماً) وهو اسم مستعار لطالبة سنة رابعة في كلية الهندسة المدنية في جامعة دمشق، 50 ألف ليرة شهرياً من جمعية “الإنسانية تجمعنا” في السويداء، ويساعدها والدها في باقي المصاريف الجامعية.
تقول الطالبة إن والدها موظف حكومي وراتبه الشهري لا يتجاوز مئة وخمسون ألف ليرة ومصاريفها الجامعية باتت عبئاً على عائلتها وهو ما دفعها لتسجيل اسمها في الجمعية لتتلقى مساعدات مالية في سبيل إكمال دراستها.
ومنذ نحو عامين، بدأت الجمعية بدعم الطالبة مادياً وذلك بعد دراسة الوضع المادي لعائلتها.
وخلال الأعوام الماضية وبسبب التدهور الاقتصاد غير المسبوق الذي تشهده سوريا بشكل عام، برز نموذج لمفهوم التكافل الاجتماعي بين سكان السويداء، “كجمعية الإنسانية تجمعنا” و”برنامج التكافل الاجتماعي” و”جمعية فاعل خير بني معروف” وغيرها.
وتعتمد هذه الجمعيات على مساعدات وتبرعات من سكان السويداء، ميسوري الحال ومغتربين خارج البلاد، لتقديم مساعدات لسكان في المحافظة يعانون من أوضاع اقتصادية متردية.
ويقول طارق الحجار، رئيس “جمعية الإنسانية تجمعنا” إن الجمعية تأسست عام 2020 وتقدم مساعدات غذائية ومبالغ مالية لطلاب جامعيين.
ويشير إلى أن تركيزهم الأساسي يكون على الجانب التعليمي وخاصة الجامعي، “لا نريد جيلاً جاهلاً غير متعلم، بناء المجتمع ينطلق من هؤلاء الطلبة لما له من فائدة شخصية ومجتمعية”.
ويتألف مجلس إدارة الجمعية الآنفة الذكر من ثلاثة محاميين وطبيب ومهندس وأستاذ ورجال أعمال، إضافة إلى فريق متطوع مكون من شبان وشابات يقومون بزيارات منازل الطلبة الذين سجلوا أسمائهم في الجمعية لتلقي الدعم وذلك للتأكد من وضعهم المعيشي.
ويشير “الحجار” إلى أن المبالغ التي يتم دفعها للطلاب هي دين غير مسجل، حيث يمكن للطلاب دعم الجمعية بعد تخرجهم وإيجادهم لفرصة عمل.
برنامج خاص بنساء
في حين، يختص “برنامج التكافل الاجتماعي” في السويداء، بدعم النساء وإيجاد فرص عمل لهن تمكنهن من خلاله إعالة عائلاتهن والاعتماد على أنفسهن، إضافة إلى دعم طلاب جامعيين.
وتقول سهاد بدر وهي مسؤولة في هذا البرنامج الذي تأسس عام 2015 بغطاء من الهيئة الروحية الدرزية ويضم ثماني نساء إن توجههم الأساسي مركز على النساء وذلك عبر تقديم فرص عمل لهن من خلال تحضير المؤنة السنوية مقابل راتب ثابت.
وتعمل حوالي 35 سيدة من السويداء في تحضير المؤنة منذ عام 2015 ويبدأ عملهن في نيسان/ أبريل من كل عام ويستمر لغاية نهاية العام.
وتشير “بدر” إلى أن مواد المؤنة يتم شراؤها من التبرعات التي تقدم للبرنامج، ليتم بيع الإنتاج، فيما تحصل النساء اللواتي يحضرنها على راتب يومي يقدر بخمسة آلاف ليرة سورية.
وفي عام 2017، أسس البرنامج، “مطبخ التكافل” وقدم فرصة عمل لسبعة سيدات، حيث تعمل هؤلاء النسوة على تحضير الطعام لسكان بحسب الطلبيات مقابل راتب شهري.
كما أن البرنامج يدعم 300 طالب جامعي من السويداء بمبلغ 40 ألف ليرة سورية شهرياً للطلاب الذين يدرسون في جامعة دمشق، و20 ألف ليرة للطلاب الذين يدرسون في السويداء.
وتؤكد “بدر” أن البرنامج مستقل مالياً وإدارياً، “فمالية البرنامج جميعها هي تبرعات من سكان السويداء في الداخل والمغتربين ومن واردات تشغيل بيع المؤنة وعمل المطبخ”.
لا دعم حكومي
ويؤكد “الحجار” كما “بدر” ورياض الشاعر، مسؤول “جمعية فاعل خير بني معروف” أنهم لم يتلقوا أي دعم حكومي حتى الآن.
ويشير رئيس “جمعية الإنسانية تجمعنا” لنورث برس، إلى أنهم لجانب عدم تلقيهم الدعم من الحكومة، فإنه حتى الترخيص الذي قدموا عليه لمديرية الشؤون الاجتماعية والعمل في المحاصة لم يحصلوا عليه لغاية الآن لا بالقبول أو الرفض.
في حين أن “بدر” ذكرت لنورث برس، أنه لا علاقة للحكومة في برنامج التكافل الاجتماعي وحتى أنهم عمدوا إلى عدم ترخيص البرنامج من مديرية الشؤون الاجتماعية ليخرجوا من حالة الروتين والهيمنة.
وفي هذه الأثناء، يتساءل “الشاعر”: “كيف لحكومة أن تساعد هكذا جمعيات وهي المسؤولة عن تجوعينا”.
ويضيف: “هذه الحكومة لو أنها تحترم شعبها لما سمحت أن نعيش على المساعدات”.
وتساعد “جمعية فاعل خير بني معروف” الحالات الإنسانية من عمليات جراحية ومرضى، فقد تم مساعدة 500 حالة منذ تأسيسها وحتى الآن، وذلك من تبرعات مغتربي السويداء، بحسب “الشاعر”.
ووفقاً لما يذكره “الشاعر” لنورث برس فإنهم الشتاء الماضي، وزعوا حطباً على عائلات في السويداء بقيمة 22مليون ليرة.
كما أن هناك سيارة تابعة للجمعية قامت هذا العام بنقل أثاث 150 عائلة بالمجان أثناء تغييرهم مكان سكنهم، إضافة لنقل مرضى لمشافٍ بالمجان.

وتسعى “جمعية فاعل خير بني معروف”، لإنشاء مزرعة أبقار لتأمين مادة الحليب للعائلات التي تعجز عن تأمينها لأطفالها.
ويشير “الشاعر” إلى أنهم زرعوا هذا العام 90 دونم حمص، على أن يتم بيع الإنتاج وشراء القمح في المقابل وتوزيعه على سكان، لصناعة البرغل والخبز.