مخاوف سكان في إدلب من أن يتم حصر دخول المساعدات عبر دمشق
إدلب – نورث برس
تولد دخول دفعات من المساعدات الإنسانية من مناطق سيطرة الحكومة السورية إلى مناطق هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) في إدلب، مخاوف لدى سكان من أن يتم حصر آلية دخول المساعدات وتوزيعها عبر دمشق مستقبلاً، بدلاً من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا.
ويتهم هؤلاء الحكومة بأنها ستقوم “بسرقة” أكثر من نصف تلك المساعدات قبل وصولها إلى وجهتها، فيما إذا قرر مجلس الأمن حصر دخول المساعدات الأممية كاملة عبر الحكومة.
وفي الثلاثين من الشهر الماضي، دخلت قافلة مساعدات إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، مؤلفة من 14 شاحنة إلى إدلب، قادمة من مناطق سيطرة الحكومة السورية شرق إدلب.
وحينها قالت مصادر خاصة لنورث برس، إن القافلة اتجهت نحو مستودعات إحدى المنظمات الإنسانية في مدينة سرمدا الحدودية مع تركيا شمالي إدلب، وسط تشديد أمني كبير من “تحرير الشام”.
وتعتبر هذه الدفعة هي الثالثة التي تصل إلى إدلب من مناطق سيطرة الحكومة، حيث دخلت في العاشر من كانون الأول/ ديسمبر الماضي، 14 شاحنة مساعدات أممية محمّلة بالمواد الغذائية، من مناطق سيطرة الحكومة إلى مناطق سيطرة الهيئة شمال غربي سوريا.
وفي الثلاثين من آب/ أغسطس الفائت، دخلت ثلاث شاحنات محملة بمساعدات إنسانية تابعة لبرنامج الأغذية العالمي (WFP) من معبر “معارة النعسان- ميزناز” قادمة من مناطق سيطرة الحكومة السورية.
تلاها في اليوم التالي دخول 15 شاحنة مساعدات أممية من المعبر الواقع بين بلدة معارة النعسان شرق إدلب ومناطق سيطرة الحكومة السورية في بلدة ميزناز غرب حلب.
“الجولاني يخدم النظام”
ويرى البعض أن إدخال المساعدات الإنسانية من قبل الأمم المتحدة عبر المناطق التي تسيطر عليها قوات الحكومة السورية إلى إدلب “محاولة لشرعنة الأخير”، وسط تساؤلات حول المكاسب التي تحققها الهيئة من ذلك؟.
وتعليقاً على الموضوع، يقول أحمد رحال وهو خبير عسكري معارض، إن زعيم هيئة تحرير الشام أبو محمد الجولاني يساعد “النظام” وروسيا بإدخال تلك المساعدات إلى إدلب، “وفي هذه الحالة يخدم روسيا والنظام مقابل أن يبقى هو زعيم المنطقة وهو الراعي لكل شيء”.
ويشير أيضاً إلى أن إدخال المساعدات من مناطق الحكومة إلى إدلب، سيدفع “النظام لتقديم ورقة للأمم المتحدة بأنه قادر على استقبال الإغاثة ويقوم بإدخالها حتى إلى المناطق الخارجة عن سيطرته”.
ويضيف: “بهذا الشكل يخدم الجولاني النظام وروسيا ويقدم لهم أكبر خدمة بشرعنة وجودهم ومنع المساعدات من الدخول إلى مناطق شمال غربي سوريا من بوابة أخرى”.
وتوقع “رحال” أن يعتمد مجلس الأمن في الجلسة القادمة، إغلاق معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، لأن “النظام سمح بإدخال المساعدات عن طريقه، وهذه هي اللعبة التي يلعبها النظام”.
ويضيف: “بينما الجولاني لا يهمه إلا مصلحته ولا يبحث عن ثورة ولا محرر، إنما همه الأول والأخير البقاء في المنطقة وأن يبقى عرّابها الوحيد”.
وفي التاسع من تموز/ يوليو الماضي، مدد مجلس الأمن الدولي، آلية دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا إلى شمال غربي سوريا، وذلك على مرحلتين مدة كل منهما ستة أشهر، ودون إضافة أي معابر أخرى.
“نزع سمة الإرهاب”
ويعتقد عمر المنصور (28 عاماً) وهو طالب جامعي في إدلب، أن جميع الأطراف السورية ليس لها أي تأثير أو رأي في السماح للمساعدات الإنسانية أو غيرها بالدخول إلى المنطقة وليس لديها قدرة على منعها.
ويضيف: “الجميع يعلم أن مسألة السماح لهذه المساعدات بالدخول إلى إدلب من مناطق سيطرة النظام هي مسألة توافق دولي بين دول مجلس الأمن وبمباركة روسية”.
ويزيد على ذلك، “الغاية من هذه الخطوة هي تعويم النظام من قبل روسيا وهي خطوة واضحة للعيان ولكن ليس بإمكان الأطراف السورية بمختلف أشكالها ومسمياتها منع ذلك”.
وعن الأهداف التي من الممكن أن يحققها “الجولاني”، من ذلك، يرى “المنصور” أن الهيئة وزعيمها يقومان بتنفيذ الاتفاق الدولي وذلك في محاولة لنزع سمة “الإرهاب” عن الهيئة، وفي نفس الوقت تحميل نتائج هذه الخطوات على الدول الضامنة والتنصل من المسؤولية المترتبة.
ومنتصف العام 2018، صنفت الولايات المتحدة الأميركية الهيئة التي يقودها “الجولاني” وكل فصيل له صلة بها كـ”منظمة إرهابية”.
وكان “الجولاني” قد طالب الولايات المتحدة في أكثر من مناسبة بإزالة اسمه من قائمة “الإرهابيين”.
ولا يتفق علي العلي (31 عاماً)، صحفي من مدينة إدلب، مع سابقيه في أن دخول المساعدات من مناطق الحكومة إلى إدلب يعطي الشرعية “للنظام”.
ويقول الصحفي إن الأمر كله يجري ضمن اتفاق قوى دولية ولم يستطع “النظام” الوصول لهدفه بإغلاق معبر باب الهوى وحصر المساعدات عن طريقه، “فبقي فقط دخولها من مستودعات (WFP) في مناطق سيطرته باتجاه مناطق سيطرة المعارضة السورية وهي كميات صغيرة لا يستطيع التحكم بها النظام والإشراف على توزيعها، لذلك لا تعطيه أي شرعية”، على حد قوله.