بعد جرف منازلهم.. نازحون بريف سري كانيه يصفون العملية بـ”الرسالة الانتقامية”

الحسكة – نورث برس

مع كل فرصة تتاح له، يمسك عزيز كور (49 عاماً) هاتفه ويتمعن في الصور التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لعمليات جرف منزله ومنازل أقربائه، متحسراً على ما آل إليها حالها، إذ لم يعد لها أثر.

وفي الواحد والعشرين من الشهر الجاري، والمصادف ليوم عيد نوروز، قام فصيل موالٍ لتركيا بجرف 12 منزلاً مع اقتلاع نحو ثلاثة آلاف شجرة مثمرة تعود ملكيتها لنازحي قرية عين حصان 2 كم غربي مدينة سري كانيه.

وبعدها بيوم، قالت “لجنة مهجري سري كانيه”، عبر صفحتها الرسمية “فيسبوك”، إن “فرقة الحمزة التابعة لحركة ثائرون، جرفت منازل لسكان قرية عين حصان، بإيعاز من الدولة التركية، بهدف تحويلها إلى قاعدة عسكرية”. 

عمليات جرف منازل في قرية عين حسان – صفحة لجنة مهجري سري كانيه

ولجنة مهجري سري كانيه، معنية بتسليط الضوء على معاناة نازحي سري كانيه في الداخل والخارج ونقل معاناتهم لمراكز القرار في العالم وقد أسست العام الماضي.

ويتفق نازحو القرية الذين نزحوا إثر الهجوم التركي على منطقة سري كانيه، على أن جرف منازلهم واقتلاع بساتينهم  في يوم عيد نوروز، هي رسالة انتقام لأن احتفاليات العيد كانت تقام في قريتهم كل عام.

ويتساءل “كور” وهو نازح من القرية إلى مخيم الطلائع شرقي مدينة الحسكة، عن “السبب الذي دفع الفصائل إلى اقتلاع أشجارهم إن لم يكن انتقاماً، كنا نملك ألفي شجرة زيتون و500 شجر عنب وفاكهة، ما ذنبها ليقوموا باقتلاعها؟”.

“فعل شنيع”

وجرت العادة، قبل السيطرة التركية على سري كانيه، على أن يجتمع معظم سكان المدينة وريفها في قرية عين حصان للاحتفال بعيد نوروز، خلال السنوات العشرين الأخيرة، بحسب نازحين من القرية.

ومنذ تشرين الأول/ أكتوبر عام 2019، تخضع منطقتا سري كانيه وتل أبيض لسيطرة القوات التركية وفصائل المعارضة الموالية لها، بعد هجوم تسبب في نزوح نحو 300 ألف شخص عن ديارهم، غالبيتهم يعيشون في مخيمات ومراكز إيواء في الحسكة وريفها، وفق تقارير حقوقية.

 وقامت تركيا باستقدام الآلاف من عائلات عناصر فصائل المعارضة وتوطينهم في المنطقتين.

وبالعودة إلى قرية عين حصان، تعود ملكية المنازل التي تم تجريفها لكل من أحمد محمد، علي محمد ، عبدالقادر محمد، محمود محمد، عدنان محمد، عزيز محمد، عزيز مصطفى، فرهاد عزيز مصطفى، علي عزيز مصطفى، علي مصطفى، مظلوم علي مصطفى، ودوغان علي مصطفى، وجميعهم من عائلة حموكور.

أفراد من عائلة “حموكر” الذين نزحوا إلى الحسكة، أكدوا لنورث برس أنهم سبق وحصلوا على مقاطع فيديو وصور لعمليات سرقة منازلهم وخلع الأبواب وحرق منازلهم من قبل الفصائل الموالية لتركيا التي تسيطر على القرية.

ويصف “كور”، تجريف منزله “بفعل شنيع” ويضيف بنبرة لا تخلو من الغضب، “في البداية وصلتنا معلومات أن الفصائل سرقوا ممتلكاتنا حتى الأبواب والنوافذ وسور المزارع، ثم قاموا بجرف المنازل”.

“الإسلام يقبل ذلك؟”

وأمام خيمته في مخيم الطلائع، يجلس خليل برازي (60 عاماً)، باحثاً عن القليل من الدفء، بعد أن فقد منزله في قرية عين حصان.

يقول “برازي” وهو من سكان مدينة كوباني وعاش منذ أكثر من عشرين عاماً في عين حصان، “خلال العشرين السنة الماضية كنا نحتفل بعيد نوروز في القرية، كان مكاناً مميزاً بالنسبة لكرد المنطقة”.

ويضيف الرجل الذي عمل مزارعاً خلال السنوات التي قضاها في سري كانيه، “ما شاهدناه من عمليات جرف في عين حصان، أمر يحزن كل الكرد ومحزن للغاية، لكن لماذا فعلوا هذا؟”.

عمليات جرف منازل في قرية عين حسان – صفحة لجنة مهجري سري كانيه

ويرفض النازحون العودة إلى ديارهم في ظل السيطرة التركية خوفاً من الاعتقال والقتل وعدم الثقة بالفصائل المسلحة رغم محاولة السلطات التركية عبر الائتلاف السوري المعارض الذي يتخذ من تركيا مقراً له، بالعمل على إعادتهم.

وترى زليخة محمد قدو (58 عاماً)، وهي نازحة من عين حصان وتسكن في مخيم الطلائع، أنه كان الأجدر بجيرانها الذين ما يزالون في القرية أن “يمنعوا تجريف منزلها”.

وتشير حركة يداي “قدو” المتشابكة إلى قلة الحيلة بعد نزوحهم من القرية، وتقول في ذهول: “لم نتوقع يوماً أن يحصل هذا وأن يقبل الجار أن يدمر منزل جيرانه وتقتلع أشجاره… هل يقبل الإسلام هذا التصرف؟”.

إعداد: جيندار عبد القادر – تحرير: عدنان حمو