كوباني- نورث برس
يقطع محمد مُسلم (38 عاماً) أحد سكان قرية تعلك غربي كوباني مسافة 35 كيلو متر يومياً، بالسّيارة التي استأجرها ورفاقه للوصول إلى وظيفتهم في هيئة المالية التّابعة للإدارة الذّاتية لشمال وشرق سوريا، ضمن المدينة.
ويقول الشّاب لنورث برس، إنهم يعانون من الظّروف المناخية في فصلي الصّيف والشّتاء، إضافة لصعوبة تأمين المواصلات وتكلفتها المُرتفعة إذ أنّ سيارة الأجرة تكلفه 25ألف ليرة سورية، فضلاً عن سوء الطّريق غير المعبد.
ولا يتجاوز راتب الشّاب 265 ألف ليرة سورية، ويعمل بالزّراعة كغيره من سكان القرى ليتمكن من تأمين متطلبات الحياة، حسبما يقول.
ويشرح الوضع بجملته العامية: “لو كان في شغل بالقرية ما كنا انجبرنا نروح عالمدينة”، ففرص العمل في قريته تقتصر على التّعليم في المدارس ووظائف البلديات أو العمل في الزّراعة.
معاناة وخطط

ويواجه زميله علي شيخ عيسى (33 عاماً) من سكان قرية القاسمية غربي كوباني، وهو موظف في هيئة الزّراعة، نفس الظّروف.
وتجاوز عدد الموظفين في مؤسسات الإدارة الذّاتية بمناطق شمال شرقي سوريا، 128 ألف موظف، وهو رقم جديد إذا ما قورن بالحكومات والإدارات في الدّول الأخرى، حسب مسؤول في المجلس التنفيذي بإقليم الفرت.
ويتمنى الشّاب أن تتوفر له فرص عمل بمجال دراسته، ضمن قريته وبنفس الرّاتب، “لا معامل وشركات أو دوائر أخرى في الرّيف”.
ولعل أكثر الشّبان الذين يجبرون على الخروج إلى المدينة من أجل العمل، هم خريجو الهندسة والحقوق، لأنه لا فرص ترتبط باختصاصاتهم ضمن قراهم، كما يقول “عيسى” لنورث برس.
ويضيف: “راتبي 256 ألف أدفع منها 50 ألفاً لسيارات الأجرة، وفي كثير من الأحيان ألجأ لإيقاف السّيارات المارة في الطّريق لأصل لوجهتي”.
ويرى محمد شاهين الرّئيس المشارك للمجلس التّنفيذي في إقليم الفرات، أنّ مقياس نجاح أي إدارة يعتمد على مدى تأمين فرص عمل للسكان، ولكن ليس ضمن المؤسسات الرّسمية والإدارية فقط.
ويرجع “شاهين” تفاوت فرص العمل بين الرّيف والمدينة، إلى أنّ مؤسسات الإدارة الذّاتية تتركز في المدن أكثر من الأرياف.
ويقول: “تسعى الإدارة لتأمين فرص عمل لجميع السّكان عبر افتتاح مشاريع اقتصادية واستثمارية كالمعامل والشّركات والمصانع وفق برنامج اقتصادي محدد، وتم الانتهاء من العديد من المشاريع وما يزال العمل عليها جارياً”.
خدمات أقل
ويلفت الرّجل النّظر إلى أنّ ضعف الإمكانيات المادية للإدارة يحول دون تأمين المزيد من فرص العمل لسكان إقليم الفرات، “المشاريع التي نفذت اقتصرت على المداجن ومعمل الأجبان والألبان ومركز تربية الأبقار، وغيرها”.
وتشهد مدينة كوباني نسبة عالية للهجرة، إذ أنّ الشبان يشتكون من قلة فرص العمل، مما يدفعهم للسفر إلى المدن المجاورة، أو الخروج من البلاد إلى الدّول الأجنبية، حسب تقرير نشرته نورث برس.
ومن جانبه يعتبر محمد شيخو (50 عاماً) من سكان ريف كوباني الغربي، أنّ الخدمات في الرّيف “قليلة ” مقارنة مع المدينة، “عدد ساعات التّغذية بالكهرباء أقل، وكذلك المدارس والخدمات المرتبطة بالتّعليم والطّرق”.
ويضيف: “عدد كبير من الطلاب يقطعون مسافات للوصول إلى المدرسة المخصصة لمجموعة قرى”.
ويشير إلى أنّ المرضى يجبرون على الذّهاب للمدينة، لأنه لا يوجد سوى مستوصف واحد بالقرب منهم على بعد سبع كيلو مترات تقريباً، و”لا تتوفر فيه الأدوية المجانية”.
وبالنسبة للمياه فرغم تعاون البلدية ومديرية المياه مؤخراً، لإيصالها للقرى، إلا أنّ “هناك قرى كثيرة بدون ماء حتى الآن”، كما يقول.
ويرى شيخو بوجوب توزيع مراكز المؤسسات على الرّيف وتأمين فرص عمل لسكانه أسوة بالمدينة، التي تتوفر فيها جميع الفرص.