أربيل- نورث برس
عجزت فئة كبار العمر من اللاجئين السوريين، عن تلبية شروط العمل الصعبة في أربيل، ووجدت نفسها مهمّشةً ضمن نحو نصف مليون لاجئ في إقليم كردستان العراق، رغم قدرة معظمهم على الاندماج والعمل في مجتعماتهم الجديدة.
جعفر عبد الرزاق الشعباني (60 عاماً)، وهو لاجئ سوري من مدينة القامشلي، يجلس يومياً في الحديقة، يسلّي نفسه لتمضية الوقت، تحدث لنورث برس عن صعوبة إيجاد فرصة عمل لرجل في عمره.
وقال إن “ساعات العمل طويلة تتجاوز 12 ساعة، بشكل عام أغلب أرباب العمل يفضلون الشباب الذين لديهم قدرة على تحمّل ضغوط العمل”.
يحاول “الشعباني” تمضية الوقت مع بعض الأصدقاء، يشعر بالحنين إلى سوريا، ويتمنى أن يعود لوطنه، لكن وضع عائلته المشتتة في البلدان الأوروبية يحول دون ذلك.
ويضيف: “أمنيتي العودة إلى سوريا، وأن يلتم شملنا مجدداً، لكن الحرب فرقتنا ولم نحسب هذا الحساب، لم أتخيّل يوماً قضاء سن التقاعد جالساً في الحديقة وحدي بعيداً عن الوطن”.
ويقضي لاجئ سوري آخر يدعى إبراهيم عيسى، (63 عاماً)، وقته في مشاهدة التلفاز، أو شراء حاجيات المنزل.
وينحدر “عيسى” ويقول لنورث برس، لكن مفضلاً عدم الظهور في الفيديو: “منذ مجيئي من سوريا في العام 2017 وحتى الآن أبحث عن فرصة عمل، لكنهم يرفضون كبار العمر، بحجة عجزنا عن تحمّل ساعات العمل الطويلة”.
ويضفي “عيسى” الفكاهة في حديثه بالقول، إن “بعض معارفه نصحوه بصباغة شعره كي يخفي عمره الذي تجاوز الستين لعله يحظى بفرصة عمل. “لكن ما الفائدة كل المحاولات فشلت”.

ويرى “عيسى” أن اللاجئ المسن معاناته أكبر من الشاب، ويشعر أنه على هامش الحياة، إضافة إلى عدم توفَر خدمات الرعاية الطبية والأدوية للمرضى منهم.
وظن المسنُّ أنه بعد سنوات الخدمة في مؤسسة الحبوب في دمشق، سيقضي عمر التقاعد في بلده، إلا أن الحرب رمته في المهجر، على حد تعبيره.
ويتساءل: “لا أدري هل سأبقى أم أعود؟ متى سأرى أولادي وأقاربي الذين تفرّقوا أيضاً؟”.
ولأن المورد المادي الوحيد لعائلة “إبراهيم”، هو مرتّب ابنه فراس، الذي يعمل في توصيل طلبات المطاعم للمنازل، دفع ذلك الأب المسن إلى عدم الاستسلام للعجز فقرر منذ عدة أسابيع بيع الخضروات في أحد الأسواق الشعبية في عينكاوا شمال أربيل.
وقال إن “مرتّب ابني لا يكفي إيجار المنزل وحاجياتنا اليومية، لذلك اشتريت عربة متنقلة، وسأبدأ العمل قريباً”.
وعلى غرار من في عمره، تسببت ظروف الحرب بمجيئ ميخائيل اصطفان من مدينته حماة إلى أربيل مع عائلته.
وكان “اصطفان” بنّاءً محترفاً ولديه خبرة نحو عشرين عاماً في مجال الإعمار. لكن بسبب سنه الذي تجاوز الستين لم يحظ بفرصة تناسبه في أربيل.
ويقضي “اصطفان” وقته مع أصدقائه في أحياء المدينة، يستمع إلى الأخبار، وتارةً يتمشى في الحدائق، فيقول: “لم أعد انتظر شيئاً سوى أن تجمعني الأيام بابنتي المقيمة حالياً في استراليا”.
وشهد العام 2015 تدفقاً هائلاً للاجئين السوريين إلى أوروبا، معظمهم من فئة الشباب، ما شتت شمل العائلة السورية، وأضحى الأبوين في بلد والأولاد في بلد آخر.
ومنذ بداية الحرب في سوريا عام 2011، هاجر ملايين السوريين إلى دول الجوار والبلدان الأوروبية، هرباً من نيران الحرب التي دمّرت أرزاقهم ومنازلهم، وكان لإقليم كردستان نصيب من استقبال عدد كبير من اللاجئين و المهاجرين خلال عقدٍ مضى.