على أعتاب رمضان.. أسعار كاوية في دمشق وموادٌ أساسية يُستغنى عنها
دمشق- نورث برس
في سوق باب سريجة شرق العاصمة دمشق، حيث لا مكان سابقاً للتنفس أو لا مكان لموطئ قدم، تتسوق سها عامر (60 عاماً) استعداداً لشهر رمضان الذي بات على الأبواب.
ولكن هذا رمضان ليس كباقي السنوات، “فالكثير من الأصناف لن تكون موجودة على مائدة رمضان بسبب ارتفاع الأسعار وازديادها يوماً عن يوم دون وجود ضوابط”، تقول السيدة الستينية بينما كانت تقف عند بسطة لبيع التمر.
وتضيف أن التمر أصبح من الكماليات لغالبية الأسر السورية، وخاصة مع وصول سعره لأكثر من 15 ألف ليرة سورية للكيلوغرام الواحد.
وتتألف أسرة “عامر” من أربعة أشخاص وتحتاج كل أسبوع لكيلوغرام من التمر، وهو ما يفوق قدرتها، كما غيرها من العائلات ذات الدخل المحدود.
واكتفت السيدة بعد ساعات من التجول في السوق، بشراء بعض الضروريات كالبرغل والأرز والسكر، وتشير إلى أنها ستصنع بعض المعجنات في منزلها.
فيما استغنت عن السمن العربي واللحمة بكل أنواعها وزيت القلي “وسوف يقتصر الإفطار والسحور على ما يتوفر في المنزل من مكونات ضرورية”، وفقاً لما تقوله لنورث برس.
وتضيف بلهجتها المحلية، “ما عاد نعزم حدا كل واحد ببيته”.
واعتاد سكان دمشق كغيرها من المناطق السورية الاستعداد لشهر رمضان قبل أيام من حلوله، حيث يشترون المواد الأساسية التي يحتاجونها.
“ارتفاع جنوني”
لكن هذا العام كما الفائت، استغنى البعض عن العديد من المواد، فيما قلل آخرون من الكميات التي اعتادوا على شرائها بسبب الارتفاع الكبير للأسعار.
وارتفعت الأسعار بشكل وصفه البعض بـ”الجنوني” خلال أقل من أسبوع، فبعض السلع ارتفعت ألف ليرة سورية وأخرى آلاف الليرات كزيت القلي النباتي، حيث وصل سعر الليتر إلى 18 ألف ليرة سورية.
ويلقي السكان اللوم على التجار مع كل ارتفاع للأسعار، وخصوصاً على أبواب رمضان، ويتهمونهم بـ”الجشع”.
ولكن قيصر علي (66 عاماً) وهو صاحب محل تجاري في منطقة المزة شيخ سعد، يقول إن الارتفاع خارج عن سيطرتهم، “إنها الأسعار التي ترتفع دون قيود ولا رقابة في سوريا عموماً وفي دمشق خصوصاً”.
ويتساءل بنبرة لا تخلو من الاستياء، “لماذا يلومنا المواطن، نحن مواطنون أيضاً ولدينا عائلات ومسؤوليات؟”.
وكان “علي” قد أغلق محله التجاري مدة أسبوع آملاً أن تستقر الأسعار، لكن ما لبثت أن ارتفعت أكثر، فعاد لفتح محله مع رفع الأسعار ووضع هامش للربح في حال ارتفعت أكثر.
ويتفق أصحاب محلات تجارية في دمشق على أن حركة الأسواق هذا العام ليست كما الأعوام السابقة، حيث تشهد ضعفاً في الإقبال على الشراء.
وهذا العام، لم يعتمد أغيد عيسى (30 عاماً) وهو صاحب سوبر ماركت في منطقة جديدة عرطوز بدمشق، على مبدأ العام الفائت بتجهيز محله بكل المستلزمات لشهر، بل اكتفى تجهيزه على أقساط .
ويقول “عيسى” إنهم معتادون بشكل عام على ارتفاع الأسعار قبل قدوم شهر رمضان “ولكن هذا العام بدأ الارتفاع قبل رمضان بحوالي شهر ونصف وبشكل مفاجئ”.
ويضيف: “وهو ما أثر على القدرة الشرائية للناس، فإلى الآن لم نشهد الحركة في السوق التي اعتدنا عليها”.
“قدرة شرائية منعدمة”
وفي السابق وقبل انخفاض قيمة الليرة السورية أمام الدولار، كان السكان يشترون كميات كبيرة من الزيوت والمعلبات والبقوليات، أما الآن يشترون عبوة أو عبوتي زيت وبضع أكيال من المستلزمات، بحسب أصحاب محال تجارية.
وبالعودة إلى العام الماضي، كان سعر الصرف يبلغ 2500 ليرة أمام الدولار، ليصل حالياً إلى نحو أربعة آلاف ليرة، “وكل المواد الأولية مستوردة، فمن الطبيعي أن ترتفع الأسعار ما يقارب 300%”، وفق وجهة نظر علي عيسى وهو اسم مستعار لخبير اقتصادي في دمشق.
ويتوقع الخبير الاقتصادي أن تشهد الأسعار مزيداً من الارتفاع خلال الفترة المقبلة، “والأسواق لن تشهد حركة كما السابق إلا لحالات الضرورة القصوى والحاجيات الضرورية، في ظل القدرة الشرائية المنعدمة والرواتب القليلة”.
وفي مشهد آخر لربة منزل أخرى، السيدة مها العلي (55 عاماً) التي قدمت إلى باب سريجة من غرب العاصمة من منطقة جديدة عرطوز، كي تشتري بأسعار أرخص عن باقي المناطق، تحاول أن تحصر عدد المواد الأولية التي تحتاجها خلال شهر رمضان.
واستغنت “العلي”، عن نفس الأنواع التي استغنت عنها “عامر”، وتقول، “الله يستر ما نستغني عن الخبز”.