محاصيل زراعية في إدلب بلا أسمدة وضرائب “تحرير الشام” تتسبب بارتفاع أسعارها
إدلب – نورث برس
يتوقع معتصم العلي (43 عاماً) وهو مزارع من قرية الغفر بمنطقة سهل الروج غربي إدلب، أن يكون إنتاج أرضه في الموسم الحالي أقل من الكمية التي كانت تنتجها في المواسم السابقة، بسبب عدم رشها بالأسمدة.
وهذا العام، عزف “العلي” ومزارعون آخرون في إدلب، عن رش أراضيهم بالأسمدة بسبب ارتفاع أسعارها، التي زادت لضعف ما كانت عليه العام الفائت، وحاول آخرون تقليل الكميات إلى ما دون النصف تجنباً للتكاليف العالية.
ويرجع مزارعون وتجار سبب الارتفاع إلى الضرائب الجمركية التي تفرضها هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) على الأسمدة المستوردة من تركيا واحتكار استيرادها من خلال تجار تابعين لها.
وتُستورد الأسمدة التي تباع في أسواق إدلب من معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا، بعد أن أغلقت كافة المعابر مع مناطق سيطرة الحكومة السورية منذ نحو ثلاث سنوات.
ووفقاً لمصادر خاصة في معبر باب الهوى لنورث برس، فإن الهيئة تفرض ضريبة جمركية تبلغ قيمتها 20 دولاراً على كل طن سماد يدخل إلى مناطق سيطرتها في إدلب.
وأشارت ذات المصادر إلى أن “تحرير الشام” تحتكر إدخال الأسمدة بالعديد من التجار التابعين لها فقط، في حين تمنع الشركات الخاصة من إدخالها، “حيث تتحكم الهيئة بأسعار الأسمدة وتضع السعر الذي تريده نظراً لغياب المنافسين”.
ويصل سعر كيس السماد نوع يوريا (50كغ) إلى نحو 50 دولاراً (190 ألف ليرة سورية)، بينما كان العام الفائت لا يتجاوز سعره الـ 25 دولاراً.

ويقول “العلي” إن كل دونم يحتاج لكيس سماد في شهري شباط/ فبراير وآذار/ مارس، وذلك من أجل ضمان كميات إنتاج أفضل وجودة أعلى، “ولكن عجزُنا عن تأمينها سيحول دون ذلك هذا العام”.
ويضيف: “أحتاج لمبلغ 1500 دولار أميركي ثمن سماد فقط وهذا رقم كبير لا يمكنني تحمله”.
وهذا العام، قام المزارع بزراعة نحو 30 دونماً من القمح والكمون وحبة البركة، على أمل تعويض الخسائر التي لحقت به العام الفائت نتيجة قلة الأمطار والتكلفة العالية التي نتجت عن ارتفاع سعر مادة المازوت.
ولكن يبدو أنه سيتكبد خسائر أخرى هذا العام، خاصة وأنه لا يملك المبلغ الكافي لشراء الأسمدة ولا ينوي الاستدانة بسبب الديون التي تراكمت عليه، وفقاً لما يذكره لنورث برس.
وعلى خلاف سابقه، قام سامح الناصر (37 عاماً) وهو مزارع نازح من ريف حماة الشرقي إلى قرية البالعة بسهل الروج، بتخفيض كميات السماد التي كان يرشها على محاصيله الزراعية في كل عام إلى ما دون النصف.
ويقول “الناصر” إن الدونم الواحد من محصول حبة البركة يحتاج لكيس سماد يوريا في شهر آذار/ مارس، إلا أن العام الحالي، قرر رش هذا الكيس على أكثر من ثلاث دونمات، وذلك في محاولة منه للتقليل من تكاليف الزراعة.
ويشير إلى أن مهنة الزراعة “باتت خاسرة وبالكاد يخرج المزارع في نهاية العام برأس ماله هذا إن حالفه الحظ ولم يخرج خاسراً”.
ويعبر “الناصر” عن استيائه من تدهور الواقع الزراعي في إدلب عاماً تلو الآخر، ويشير إلى أن سياسة حكومة الإنقاذ، الجناح المدني لهيئة تحرير الشام، تفاقم الوضع سوءاً، “يعملون على فرض الضرائب على الأسمدة والأدوية ويرفعون أسعار المحروقات بين الحين والآخر”.
ويضيف: “في حال استمر الوضع على هذا الحال سنكون مضطرين للعزوف عن هذه المهنة بشكل كامل”.