احتجاجات السويداء.. بين مؤيد ومعارض ومطالب لم تحقق

السويداء- نورث برس

منذ بدء الاحتجاجات في السويداء، جنوبي سوريا، لم يرغب أبو هشام (51 عاماً) الذي يعمل ناطوراً لأحد الأبنية وسط مدينة السويداء، المشاركة في الاحتجاجات التي لم تكن تبعد عنه سوى بضعة أمتار، فهو يعتقد أنها “لن تغير بواقعنا شيء”.

ويبدو أن الرجل الخمسيني الذي فضل التعريف عن نفسه بلقب “أبو هشام”، يستند حديثه إلى 11 عام خلت، حينما انتفضت كل المدن والمحافظات السورية “ولم يتغير شيء، فهل الآن السويداء ستغير شيء؟”.

ومطلع الشهر الماضي، شهدت السويداء احتجاجات واسعة مناهضة للحكومة على خلفية قرار رفع الدعم عن المواد الأساسية عبر البطاقة الذكية عن آلاف العائلات.

وفي السادس من ذات الشهر، استقدمت القوات الحكومية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مدينة السويداء على خلفية الاحتجاجات.

وبدأت الاحتجاجات في ريف السويداء مع إلغاء قرار رفع الدعم عن آلاف العائلات، ولكن سرعان ما تحولت إلى مطالب لإقامة “دولة مدنية عادلة بدون تمييز حزبي أو طائفي أو عرقي وبدون احتكار للسلطة”.

ويرى البعض أن انتقال الحراك من الريف إلى المدينة والذي كان له “طابع فصائلي وطائفي وحمل شعارات سياسية”، نفَّر بعض الناس من المشاركة فيه.

وقال مسؤول عن صفحة “شركة تناقص” الناشطة على تطبيق “الفيس بوك” والتي كان لها دور في الدعوات المستمرة للاحتجاجات، إن “تحول الحراك من الريف إلى المدينة أفقده أهليته وانصبغ بصبغة فصائلية سياسية ذات مشاريع مشبوهة”.

وأضاف: “حاولنا كثيراً مجاراة الحراك عبر دعمه، لكن اليوم هناك ألف إشارة استفهام، ليس حول المطالبة بالدولة الديمقراطية التي نطمح لها جميعاً بل بكيفية الوصول إليها”.

والتوقيت الذي يوشي بمحاولة لتحييد الناس عن مطالبها المحقة وطرح مسألة البيوع العقارية التي تخص أصحاب العقارات والممتلكات بالوقت الذي يتعذر الكثير من المواطنين عن شراء ربطة الخبز، “يحمل تحييداً واضحاً من قبل منظمي الحراك عن الأشد فقراً والذي يتزايد أعدادهم بشكل يومي”.

احتجاج أمام صرح سلطان باشا الاطرش في بلدة القريّا

“لم يتغير شيء”

ولم يشارك أيمن رضوان (31 عاماً)، من سكان مدينة السويداء ويعمل في مجال الإلكترونيات هو الآخر في الاحتجاجات الأخيرة رغم تأييده لها، “أنا أنتظر إصدار جواز السفر وهاجج من هون وأخاف من تقرير أمني يمنعني من السفر”.

وفي الخامس والعشرين من الشهر الماضي، رفع المحتجون سقف مطالبهم وضمت “إلغاء الموافقات الأمنية للبيوع العقارية والوكالات، وإلغاء الرسوم الجمركية وإقامة دولة قانون ومؤسسات لا دولة فساد واستبداد وفتح ملف الفساد ومحاسبة المسؤولين الفاسدين، وإعادة المال المنهوب إلى خزينة الدولة”.

بالإضافة إلى الكشف عن مصير المعتقلين وعرضهم على القضاء النزيه ومتابعة ملف المفقودين ومعرفة مصيرهم ومنع انتشار ظاهرة المخدرات الدخيلة وضرورة التصدي لها.

ورغم الاعتصامات المتتالية وسط المدينة وأمام دار الطائفة الدرزية وفي صرح وضريح سلطان باشا الأطرش في بلدة القرّيا جنوب السويداء، إلا أن المطالب التي طرحها المحتجون منذ اليوم الأول لم يتحقق أي منها شيء حتى الآن.

وقالت مرح صافي وهو اسم مستعار لسيدة من قرية شقا بريف السويداء الشمالي، “ليس لدي قناعة تامة بالحراك ولم أشارك لأن الجميع لم يشارك فيه”.

وأضافت السيدة وهي والدة طفلين، وتعمل في خياطة الملابس في منزلها، “ليس لدي معلومات كيف تعاملت أجهزة الدولة مع الموضوع، لكن إلى الآن لم يتغير شيء وعلى ما يبدو لم تأخذ الاحتجاجات على محمل الجد وكما جرت العادة لا حياة لمن تنادي”.

“حراك مشكوك فيه”

وفي ظل مطالبة ناشطين في السويداء، بإدارة ذاتية في المنطقة الجنوبية من سوريا، نفى سليمان الكفيري وهو ناشط سياسي في السويداء وعضو في المبادرة الوطنية بجبل العرب وعضو مجلس إدارة في المنظمة العربية لحقوق الإنسان في سورية تحول الحراك إلى حالة فصائلية.

وأشار إلى أن “حراك السويداء وطني وشعبي بامتياز ولم يكن مدفوعاً من قبل أي جهة سياسية أو اجتماعية في المحافظة”.

ولكن محمود عامر (41عاماً) وهو ناشط سياسي كان مشاركاً في الحراك منذ انطلاقته في بلدة نمرة في ريف السويداء الشمالي الشرقي، عارض كلام “الكفيري” وقال إن التحول الكبير بنوع المشاركين بين ريف السويداء والمدينة جعل “الحراك مشكوك بأمر”.

وأضاف: “بينما كان الحراك سلمياً وأهلياً بريف السويداء تحول في المدينة إلى دعوات من قبل فصيل قوات الفهد المتهم بارتكاب عدة انتهاكات، وعناصره يتبعون للأمن العسكري ويحملون بطاقات أمنية من شعبة المخابرات العسكرية”.

احتجاج أمام دار الطائفة الدرزية في الحادي عشر من شهر شباط

وبعد مشاركة فصيل قوات الفهد في الاحتجاجات بمدينة السويداء، طالب محتجون بخروجهم منها وخاصة أن الفصيل أعلن في السابق تبعيته للأمن السوري وهم متهمين بعمليات سرقة وخطف، بحسب سكان في السويداء.

وزاد “عامر” على حديثه، “بينما كنا نشاهد أشخاصاً ينادون بمطالب معيشية حقيقية، أصبحنا نشاهد السيارات المسروقة والأسلحة الفردية وأشخاصاً متهمين بجرائم سرقة وقتل يرددون نفس الهتافات، إضافة لوجود بعض المتسلقين أصحاب الآراء السياسية المتشعبة والمحتمين بفصائل محلية”.

إعداد: عمر زين – تحرير: سوزدار محمد