“شيخ الثورة”.. أكبر مشاركي الرقة في الحراك الشعبي بسوريا يستذكر 11 عاماً

الرقة – نورث برس

رغم طغيان الشيب على لحيته، إلا أن خفقان بداية الحراك الشعبي في سوريا، ما زال ظاهراً في حديث الستيني المعروف بـ “أبو طه شيخ الثورة”، بين سكان الرقة، شمالي سوريا، بينما يتحدث عن روح “الثورة” والحرية ومشاركته فيها.

مرور 11 عاماً على بدء الاحتجاجات ضد الحكومة السورية وتعرضه للاعتقال والتعذيب عدة مرات، لم يغير من مواقف حسون المرندي أو “شيخ الثورة”، فهو لم يكترث للجهات الأمنية بسجنه أو تعذيبه أو قتله وشارك في الحراك الشعبي في الرقة عام 2011.

أبو طه شيخ الثورة (حسون المرندي)

يقول الرجل وهو يستذكر بداية الاحتجاجات، “خرجنا بصدور عارية دون سلاح وبطريقة سلمية وواجهنا الرصاص من الجهات العسكرية”.

وأمس الثلاثاء، شارك “شيخ الثورة” في فعالية أقيمت في مدينته بمناسبة دخول الاحتجاجات عامها الحادي عشر، وقبل ذلك بشهرين شارك أيضاً في احتجاجات ضد التسويات التي أعلنت عنها الحكومة.

 فـ”شيخ الثورة” لا يزال يرفض “نظام الأسد” ويؤمن أن استمرار حراكهم “سيعيد الثورة السورية إلى عهدها الأول”.


لقب “المرندي” بـ”أبو طه شيخ الثورة” لأنه كان من أكبر المشاركين سناً في الحراك الشعبي بالرقة وقاد عدة احتجاجات تطالب بإسقاط الحكومة السورية.

عاصر “شيخ الثورة” جميع الأحداث والاحتجاجات التي انطلقت في المدينة، وقاد أول احتجاج من مسجد الفردوس في الخامس والعشرين من شهر آذار/مارس عام 2011، تحت مسمى “جمعة العزة”.

اعتقالات متكررة

ومع بدء شرارة الاحتجاجات في درعا، تحركت مجموعة من المعارضين السياسيين في الرقة لمواكبة الأحداث الجارية بالبلاد، فكانت الدعوة لأول احتجاج في الرقة في آذار/مارس عام 2011، حدد جامع الفردوس مركزاً للانطلاق.

كان “أبو طه” موظفاً لدى إحدى الدوائر الخدمية في الرقة آنذاك، يتابع الحراك الشعبي في المناطق السورية الأخرى ويتواصل مع بعض الأصدقاء هناك، ويقول لنورث برس: “كنا ننسج أحلام العيش بحرية وعزة للخلاص من حكم ديكتاتوري والعيش بكرامة”.

ولكن وبعد مرور عقد من الحرب، فشلت المعارضة السورية على اختلاف مكوناتها بتوحيد صفوفها وتقديم بديل جدي “للنظام” القائم في سوريا وعلى وقع خسائر ميدانية متتالية، بات صوتها خافتاً وقياداتها مشتتة وتتحرك وفق ما تمليه عليها أجندات داعميها.

ابو طه شيخ الثورة يلقي كلمة أثناء فعالية إحياء ذكرى الثورة السورية الحادية عشر

استمرت الاحتجاجات في الرقة لسبعة أشهر وكان الهتاف الذي يردد هو “الشعب يريد إسقاط النظام”، وكان الخروج لخدمة البلاد، “دون الاتباع لجهة سياسة أو مبتغاً آخر، مستقلين سلميين لا نهدف للتخريب بل للإصلاح”، كما يشير “أبو طه”.

اعتقل “شيخ الثورة”، لأسبوعين في أول مرة عام 2011 خلال شهر أيلول/سبتمبر، على يد الأمن العسكري في الرقة، بتهمة مشاركته في الاحتجاجات، “عدد كبير من عناصر الأمن العسكري داهموا منزلي واقتادوني إلى مركزهم وطلبوا مني خلع ملابسي وأهانوني وضربوني عندما رفضت”.

واعتقل المرة الثانية بداية عام 2012، مدة 37 يوماً لدى الأمن الجنائي في الرقة، “تعرضت فيها لأبشع أنواع التعذيب والإهانات الجسدية والنفسية والكلام الفاحش”، بحسب وصفه.

كان الألم واضحاً في حديث “أبو طه” عما تعرض له من عذاب في السجن، “كانت معاملتهم بشعة جداً، سجنت في زنزانة تحوي عدداً كبيراً من الأشخاص بينهم أطفال ونساء، لأكثر من أسبوعين”.

واعتقل الرجل الستيني أيضاً على يد عناصر “داعش” في النقطة 11 (الملعب البلدي الآن)، في عام 2015، بتهمة التواصل مع فصائل الجيش الحر، وأفرج عنه بوساطة بعض شيوخ العشائر بعد 47 يوماً.

“لم أغادر الرقة أبداً”

لم يغادر “أبو طه” مدينة الرقة لتعلقه بها، رغم معاناته في مسيرته الثورية من اعتقالات وإهانات جسدية ونفسية وتعذيب.

يعتز “شيخ الثورة” بنفسه في مشاركته بـ 17 احتجاج، كان أكبرها احتجاج “الساعة الكبرى” الذي قضى فيه 125 شخصاً بقصف القوات الحكومية على الرقة.

وخرجت الرقّة عن سيطرة الحكومة السورية  في الرابع من شهر آذار/مارس عام 2013، وبقيت عدة شهور تحت إدارة مجالس محلية من أبناء المدينة، إلى أن بدأ تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بالتغلغل داخل المدينة.

فعالية إحياء الذكرى السنوية الحادية عشر في الرقة

ودخل تنظيم “داعش” مدينة الرقة في شهر تموز/يوليو 2013، ليسيطر رويداً رويداً على مفاصل الحياة في المدينة، وأعلن “دولة العراق والشام الإسلامية” فيها، لتندلع بعدها بعام معارك طاحنة بين التنظيم والجيش الحر.

وفي التاسع من شهر كانون الثاني/يناير عام 2014، اشتعلت مدينة الرقة بالمعارك بين تنظيم “داعش” والجيش السوري الحر، استمرت لثلاثة أيام، سيطر “داعش” خلالها على المدينة، خلفت عشرات القتلى من عناصر بين الطرفين.

أجبر الستيني على ترك منزله الذي دمرته الحرب ويسكن الآن بمنزل والده القديم.

يعتبر الرجل أن الحراك الشعبي الأخير في السويداء هو استمرارية الرفض لهذه الحكومة، وأن حراكهم سيعيد الثورة السورية إلى عهدها الأول، “ثورة الشعب ضد الاستبداد والظلم هي فكرة، والفكرة لا تموت”، كما وصف.

إعداد: عمار عبد اللطيف ـ  تحرير: عمر علوش