أزمة السكر مستمرة في إدلب واتهامات تطال هيئة تحرير الشام

إدلب نورث برس

بعد رحلة بحث استمرت لساعات ضمن أسواق مدينة إدلب، شمال غربي سوريا،  تمكن مصطفى الموسى (31 عاماً) من شراء كيلوغرام ونصف من مادة السكر بسعر 20 ليرة تركية للكيلوغرام الواحد (5300 ليرة سورية) من محل تجاري في شارع الجلاء وسط المدينة.

ويقول الشاب إنه في كل مرة يضطر للبحث عن السكر لعدة ساعات، لكن لا يحالفه الحظ بتأمين المادة لعائلته في بعض الأحيان.

ومنذ مطلع العام الجاري، فُقدت مادة السكر بشكلٍ شبه كامل من أسواق مدينة إدلب والمناطق الأخرى التي تسيطر عليها هيئة تحرير الشام(جبهة النصرة سابقاً) وسط ارتفاع سعر المادة في حال توفرت.

ويرجع أصحاب محلات تجارية وتجار، أسباب انقطاع المادة، إلى احتكارها من قبل تجار وقيام حكومة الإنقاذ بتصديرها إلى مناطق سيطرة الحكومة السورية والإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا.

ويشير هؤلاء إلى أن فقدان مادة السكر في إدلب، دفع سكاناً لتهريبها من منطقة عفرين الخاضعة لسيطرة تركيا وفصائل معارضة موالية لها إلى إدلب بعدما منعت الهيئة إدخالها عن طريق المعابر الواصلة بين المنطقتين.

ووفقاً لسكان محليين، فإن الهيئة تمنع إدخال مواد كثيرة إلى إدلب مثل المازوت والغاز وبعض أصناف الخضار والسكر، وذلك لإجبار السكان على شراءها من الشركات التابعة لها.

“أعذار غير منطقية”

وأواخر الشهر الماضي، أعلن مدير العلاقات العامة في وزارة الاقتصاد والموارد بحكومة الإنقاذ، حمدو الجاسم،

العمل على إجراءات عبور السكر عبر تركيا (ترانزيت).

وحينها برر الأزمة، “بانتهاء عقود السكر الموقعة مع الجانب التركي منذ مطلع العام الحالي والعوامل الجوية التي أثرت سلباً على النقل البري من تركيا إلى مناطق الشمال السوري” وسط وعود بتوفير المادة في الأسواق في أقرب وقت ممكن وهو ما لم يتحقق حتى الآن.

ولم يلقَ كلام “الجاسم” صدى إيجابياً لدى جمال سويد (43 عاماً) وهو صاحب محل لبيع المواد الغذائية في مدينة إدلب الذي اعتبر أن تلك “الأعذار غير منطقية وأن حكومة الإنقاذ تناقض نفسها”.

ويتساءل: “كيف تقول حكومة الإنقاذ إن المادة غير متوفرة في إدلب بسبب الأزمة العالمية وانتهاء العقود الخاصة بالسكر مع الجانب التركي، وتذكر في ذات الوقت دخول كميات من المادة إلى إدلب، أين تذهب كل تلك الكميات؟”.

ويشير “سويد” إلى أن بعض التجار في السوق يقومون باحتكار السكر بعلم حكومة الإنقاذ.

وفي السادس عشر من شباط / فبراير الماضي، دخلت كميات كبيرة من مادة السكر عبر معبر باب الهوى الحدودي مع تركيا شمال إدلب، لكن أزمة السكر لم تنته وهو ما يدفع السكان للتساؤل، “ماذا فعلت الهيئة بكل تلك الكميات؟”.

حصر الاستيراد بشركات

وارتفع سعر طن السكر في أسواق شمال غربي سوريا، إلى أكثر من 900 دولار أميركي بعد أن كان يتراوح سعره بين 575 دولاراً و600 دولار قبل نحو ثلاثة أشهر.

وجاء هذا الارتفاع بعد أن قامت الهيئة بمنع الشركات الخاصة استيراد السكر إلى إدلب وحصر استيراده من الأراضي التركية بثلاث شركات تتبع لها وذلك في إطار هيمنتها على كافة القطاعات الاقتصادية الهامة في المنطقة.

ويقول رضوان الحلبي وهو اسم مستعار لتاجر من مدينة سرمدا الحدودية مع تركيا شمال إدلب، إن الهيئة تقوم بشراء السكر عبر شركاتها من تركيا بسعر 550 دولاراً للطن الواحد، “لتحصل بذلك على أرباح عالية جداً تصل إلى أكثر من 15 مليون دولار شهرياً”.

ويشير التاجر إلى أن “تحرير الشام” تفرض ضرائب جمركية على كل طنٍ يدخل إلى إدلب من معبر باب الهوى تصل إلى 200 دولار أميركي.

ويؤكد هو الآخر، أن كميات السكر التي تقوم الهيئة بإدخالها إلى إدلب تكفي لتغطية حاجة ثلاث محافظات مثل إدلب، “إلا أن تحرير الشام استغلت الأزمة التي تشهدها مناطق سورية أخرى وتقوم بتهريب المادة إليها”.

ووفقاً لقول التاجر فإن “تحرير الشام” تعتمد على الشركات الخاصة والتجار الذين يتبعون لها بشكلٍ غير مباشر لتهريب السكر إلى مناطق الحكومة والإدارة الذاتية في مدينة منبج.

ويقوم هؤلاء التجار بإخراج السكر من معبر الغزاوية الخاضع لسيطرة الهيئة غرب حلب ليتم نقله إلى مدينة جرابلس ومن هناك يجري إدخاله إلى منبج، وذلك بالتنسيق مع قادة في فصائل الجيش الوطني، تقوم الهيئة بدفع رشاوى لهم أيضاً، بحسب “الحلبي”.

إعداد: براء الشامي – تحرير: سوزدار محمد