“العقد الاجتماعي” يبث أمل العودة في صدور نازحين من مناطق شمال شرقي سوريا

الحسكة/ حلب – نورث برس

يعاني النازحون من “عفرين، رأس العين (سري كانيه)، تل أبيض”، وهي المناطق التي تسيطر عليها تركيا وفصائلها الأمرَّين، الواقع الذي دفعهم للشعور بأن أملهم في ضمان حقهم بالعودة إلى ديارهم يتمثل بنص في العقد الاجتماعي.

وفي بداية شباط / فبراير الجاري، أعلنت لجنة كتابة وصياغة “العقد الاجتماعي” في مناطق الإدارة الذّاتية لشمال وشرق سوريا، أنها أنهت صياغة مسودة العقد الذي يعتبر دستوراً محلياً يُنظم عمل مؤسسات ولجان الإدارة المدنية.

وتتألف لجنة صياغة العقد الاجتماعي من 158 عضواً، وتضم ممثلين عن الإدارة الذاتية والأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع المدني وعاملين في المجال الحقوقي والقضائي وفعاليات اجتماعية وعشائرية.

وقال محمود جميل، القاضي والنّاطق الرّسمي باسم لجنة مُهجري رأس العين (سري كانيه)، إنّ “الاحتلال استولى على الممتلكات والمحال التّجارية، ووطن عائلات المُرتزقة فيها، فنهبوا وسرقوا كل شيء من عفرين وسري كانيه وتل أبيض”.

ورأى “جميل” أنّ “الحياة الآن شبه مُستحيلة، فالنازحون يعانون الأمرين”، على حد تعبيره.

وفي التّاسع من تموز/ يوليو 2021، تأسست لجنة “مهجري سري كانيه”، لمتابعة أوضاع النازحين، وإيصال صوتهم للقوى الفاعلة في الحرب السّورية، والمُشاركة في مؤتمر الأمم المتحدة للأقليات والشّعوب المهددة بالإبادة، حسب “جميل”.

ويطالب النّاطق الرّسمي باسم الجّمعية بـ”تثبيت حق الدّفاع عن النّفس” حسب المواثيق الدّولية، “لتحرير المناطق المذكورة، والمُطالبة برفع الاحتلال عنها، في حال حدوث أي مفاوضات في المستقبل، وتركيز الاهتمام على سكان تلك المناطق من حيث التّمثيل واعتبار مناطقهم مُستقلة بالوزارات والمجالس”.

ويرجع الإقرار الأول بالعقد الاجتماعي إلى الإعلان عن إدارات ذاتية في مناطق إقليم الجزيرة وكوباني وعفرين عام 2014، قبل أنّ يتحول بعد التّعديل إلى ميثاق للإدارة الذّاتية لشمال وشرق سوريا بعد الإعلان عنها في 2018.

اعتراف مُنتظر

وفي ريف حلب الشّمالي، وتحديداً بمخيم سردم، يعيش النّازح حسن عثمان (45 عاماً) من قرية شاديا التّابعة لناحية راجو في عفرين، على أمل أنّ تضع اللجنة القائمة على العقد الاجتماعي، النّازحين في عين الاعتبار.

ويرجوا الخمسيني، أنّ تعترف الأمم المُتحدة رسمياً بمخيمات الشّهباء، “نعاني كل يوم صعوبات جمة فيها”.

ويصر نازحو عفرين على البقاء في المخيمات، ليكونوا قريبين من ديارهم، ويضيف: “عليهم أن يأخذوا ما يحصل من انتهاكات يومية داخل أراضي عفرين بعين الاعتبار”.

وفي منتصف تموز/ يونيو الفائت، عقدت لجنة إعادة صياغة العقد الاجتماعي المكونة من 158 عضواً أولى اجتماعاتها في الحسكة، وانتهت بتشكيل لجنة مُصغرة من 30 عضواً على أنّ ينتهي ميثاق الإدارة خلال شهرين.

وفي الحادي عشر من كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، عقدت اللجنة الموسعة اجتماعها الأول، واستمر لثلاثة أيام، ليتم تعليقها بعد مناقشة وتعديل نحو  30بالمئة من مسودة العقد في حينه.

ويشير رياض مرعي (27عاماً) من نازحي سري كانيه إلى الحسكة، إلى معاناة النازحين الكبيرة، “تشردنا خلال السّنوات الثلاث الماضية في المخيمات ومراكز الإيواء، وسط تقلبات العوامل الجوية بين حر الصّيف وبرد الشّتاء، وأصبنا بأمراضٍ عدة”.

ويلفت الرّجل الانتباه إلى أنّ قلة الدّعم الدّولي وعدم الاعتراف الرّسمي بهم كنازحين ضاعف المعاناة، “نريد من القائمين على صياغة دستورٍ للإدارة الذّاتية أنّ يضعوا بنداً بأننا مهجرون قسراً بسبب الاحتلال”.

ولا يرغب “مرعي” بأي اتفاقيات دولية بين الأطراف تحرمهم “حق العودة”، بل إنّ أي اتفاق مستقبلي لا بد أن “يضمن حق عودة المهجرين ولا يتم تهميشهم، على أنّ يطرح ذلك أمام المجتمع الدّولي واللجان الزّائرة لمناطق شمال شرقي سوريا”، حسبما قال.

ويتألف العقد من سبع أبواب تحتوي 95 مادة، وهو ميثاق ديمقراطي كل باب يتمم الآخر، حسب زلوخ بكر، ممثلة من بين سبعة ممثلين في اللجنة الموسعة لمناقشة العقد الاجتماعي.

هوية مُهددة

وتقول الرّئيسة المشتركة لمجلس مقاطعة عفرين “بكر”، إنّ بنود العقد شفافة ومتكاملة، “نقاشاتنا تركز على المناطق التي تحلها تركيا وفصائلها، فهذا العقد تحقيق لطموحات وآمال مهجري عفرين في الشّهباء”.

وتشير إلى أنّ أهم النقاشات التي طرحت تتعلق بـ”القضية الكردية، وحماية المناطق المحتلة من التّغيير الدّيمغرافي”.

ويرى علاء الدّين جميل علي (40عاماً) وهو من سكان سري كانيه، أنّ الاتفاقيات التي من المحتمل أنّ تحدث، يجب عليها أنّ تضمن عودتهم إلى بيوتهم، وليس ذلك فقط “نريد أنّ تحفظ حقوقنا وأنّ يكون في مدننا إدارة ذاتية ديمقراطية”.

ومنذ مدة والإدارة الذّاتية تحضر لعقد اجتماعي من أجل سكان مناطق شمال شرقي سوريا، على اختلاف أديانهم وقومياتهم، “الجميع يشاركون في هذا العقد”، كما يقول “علي”.

ويضيف: “منذ ثلاث أعوام نعاني التَّحديات والصّعاب من أجل أنّ نعيش ونعلم أطفالنا، لكن إنّ استمر الوضع هكذا ستضيع هويتنا”.

وفي آذار/ مارس 2018، سيطرت تركيا وفصائل مسلحة موالية لها على عفرين، وبالنسبة لسري كانيه، فرضت تركيا سيطرتها عليها في أواخر 2019، في عملية عسكرية على شمال شرقي سوريا.

وفي ظل معاناة نازحي عفرين في المخيمات وقرى ريف حلب الشّمالي، يأتي حصار الحكومة السّورية والقصف التّركي المتكرر، ليزيد الوضع تردياً، وتقول آرين علي (33 عاماً) وهي نازحة من قرية علبيسكي إلى مخيم سردم، “هذا العقد هو أملنا بإمكانية العودة”.

إعداد: جيندار عبدالقادر/ ناريمان حسو – تحرير: آيلا ريّان