درعا.. رواتب حكومية لا تكفي أجور مواصلات ومعلمون ومعلمات يقدمون استقالتهم

درعا- نورث برس

تنتظر جمانة السلامة وهو اسم مستعار لمعلمة لغة عربية في مدرسة بنيين درعا البلد، الموافقة على طلب استقالتها التي تقدمت بها مؤخراً بهدف التفرغ للدروس الخصوصية.

تقول المعلمة إن راتبها الحكومي، “لم يعد يكفي لشراء قطعة ملابس واحدة”، وهو ما دفعها لطلب الاستقالة.

وبحسب مصدر في مديرية التربية بدرعا، فإن أكثر من 20% من نسبة المعلمين في المحافظة، قدموا استقالتهم منذ بداية العام الجاري.

ومؤخراً ووفقاً لعاملين في القطاع التعليمي في درعا، يقدم معلمون ومعلمات طلب استقالة بسبب تدني رواتبهم وارتفاع أسعار كافة المواد الغذائية والأساسية، في ظل تردي الوضع المعيشي.

وتستمر الأسعار في سوريا في الارتفاع مع انخفاض جديد تسجله قيمة الليرة السورية هذه الأيام، إذ بلغ سعر صرف الدولار الأميركي الواحد في أسواق درعا، الأربعاء، 3750.

ومنذ أكثر من عام، بدأت “السلامة” بإعطاء الدروس الخصوصية في منزلها، بعد الانتهاء من دوامها في المدرسة، رغم وجود قرارات حكومية تمنع ذلك وتفرض غرامات مالية على ما لا يلتزم بذلك.

وتتقاضى المعلمة على الجلسة الخاصة الواحدة لمدة ساعة 1500 ليرة، حيث يحضر الجلسة خمسة طلاب.

وتشير إلى أن الأجور التي تتقاضها بدل الدروس الخصوصية في الشهر الواحد تحتاج لأكثر من أربعة شهور لتتقاضاها من خلال راتبها بدل التدريس في المدارس الحكومية.

وبينما يصف أولياء تلاميذ وطلاب، المعلمين الذين يعطون الدروس الخصوصية بأنهم “ماديين”،  تعزو “السلامة” سبب توجهها لذلك إلى حاجتها لمساعدة زوجها في مصاريف المنزل.

وتقول إن عمل زوجها غير متوفر دائماً، كما أنه غير قادر على الحركة بين مدن وبلدات درعا بسهولة خوفاً من الاعتقال كونه مطلوب للخدمة العسكرية الاحتياطية.

عجز حكومي

وتعاني المحافظة من نقص حادّ في الكادر التعليمي، وخاصة مواد الاختصاص مثل الرياضيات واللغتين الإنكليزية والفرنسية، إذ هاجر البعض إلى الخارج هرباً من الحرب أو من الالتحاق بالتجنيد الإلزامي والاحتياطي.

كما أن قسماً منهم لجأوا إلى عمل آخر غير التدريس.

ورغم أن الرئيس السوري أصدر خلال السنوات الماضية، مراسيم وقرارات بزيادة على أجزاء من تعويضات ضمن رواتب المعلمين، إلا أن الزيادة الفعلية لم تتجاوز بضعة آلاف، خاصة وأن نسب تعديل الرواتب تم احتسابها وفق الأجر الشهري النافذ في العام 2013.

ويرى معلمون ومعلمات في درعا أن مديرية التربية تعجز عن إيجاد حلول للمشاكل التي يعاني منها المدرسون ومن بينها تأمين حافلات لنقلهم إلى مدارسهم للتوفير عليهم أجور المواصلات.

ويحذر أحمد سويدان وهو اسم مستعار لمدير مدرسة في مدينة درعا من تبعات استمرار توجه معلمين لتقديم طلبات الاستقالة، “ففي حال بقي الحال على ما هو عليه سنجد في السنوات القادمة تراجعاً في العملية التعليمية وفي أعداد المتفوقين.

كما سيشكل ذلك خطراً حقيقياً على الطلاب وخاصة ذوي الدخل المحدود الذي تعجز عائلاتهم عن تخصيص دورس خصوصية لهم”.

وتصل أجور الدروس الخصوصية لبعض المواد ومن بينها الرياضيات والفيزياء إلى ما يقارب أربعة آلاف ليرة للساعة الواحدة.

ويطالب “سويدان” مديرية التربية بدرعا بضرورة العمل بشكل أكبر، على إيجاد حلول للحد من ترك المعلمين لمهنة التدريس.

“طفح الكيل”

ويشير مدير المدرسة إلى أن معظم الخريجين الجدد يتوجهون إلى التدريس في المعاهد الخاصة أو يعتمدون على إعطاء دورس خصوصية.

وهو ما أدى إلى نقص في أعداد المدرسين في كافة المدارس الحكومية، في ظل استمرار تقديم الاستقالات.

ويقدر “سويدان” نسبة الخريجين الجدد الذين غادروا البلاد بأكثر من 50 بالمئة، وذلك بسبب  توقف تأجيلهم عن الخدمة العسكرية.

ومنذ نحو شهرين، فضلت ربى عللوه، اسم مستعار لمدرسة لغة فرنسية في مدرسة بنات درعا البلد تقديم استقالتها والاستغناء عن راتبها الشهري.

وعلى خلاف جمانة السلامة، تشير “عللوه” إلى أنها لن تبحث عن عمل آخر، بل ستتفرغ لأمور منزلها.

وتشير إلى أنها لم تكن تفكر أن تخطو هذه الخطوة في السنوات السابقة، “لكن طفح الكيل، فراتبي لم يعد يكفي أجور مواصلات للذهاب إلى المدرسة والعودة من منها”.

 إعداد: مؤيد الأشقر- تحرير: سوزدار محمد