إدلب – نورث برس
تُحيط بمهنة الصّرافة في إدلب مع غياب الضّبط الأمني، العديد من المخاطر، إذ تستهدف الجماعات المُسلحة وقاطعوا الطّرق أصحاب المهنة.
ففي منتصف تشرين الثّاني/ نوفمبر 2021، نجا كمال البلان (49 عاماً) وهو مالك لمكتب تصريف عملات في إدلب منذ 2018، من لصوصٍ تعرضوا له في وضح النّهار لسلب أمواله.
وحول التّفاصيل، يقول لنورث برس: “كنت في مكتبي الذي يقع في شارع فرعي السّاعة الثّامنة صباحاً، عندما دخل عليّ لصان وأشهرا سلاحهما في وجهي”.
ومن حسن الصّدفة أنّ جاره صاحب محل بيع الألبسة كان يقف خارجاً وشاهد الحدث، “دخل بسرعة وحاول الإمساك باللصين الذين رمياه أرضاً وهربا”.

وحاول المُتواجدون الذين استجابوا لصراخ جاره في المنطقة اللحاق باللصين، إلا أنهما استقلا سيارة فضية (فان) كانت بانتظارهما وابتعدا عن المكان، حسب “البلان”.
ولم يتمكن الرّجل من التّعرف على وجهيهما، لأنهما كانا يضعان أقنعة، “لا تظهر سوى اعينهما”، على حد تعبيره.
وسارع بعد تلك الحادثة لتقديم بلاغ عن محاولة السرقة “قيدت ضد مجهول”.
وهنا، لجأ لوضع كاميرات مراقبة وجهاز إنذار داخل المحل، “اشتريت سلاحاً فردياً لأدافع به عن نفسي وأتصدى لأي هجوم مُحتمل”.
دولارات مقابل حياة
وبجملة “كمية من الذّهب والمال كانت سبباً بإنهاء حياة ابني وائل”، يصف سامر هنانو (55 عاماً) النّازح من مدينة خان شيخون إلى إدلب، معاناته.
وكان المغدور (24 عاماً) في طريق عودته لمنزله على أطراف إدلب، برفقة شقيقه (12عاماً)، في السّاعة الخامسة مساءاً، واستوقفتهم مجموعة لصوص تذرعوا بأنهم حاجز أمني، حسب كلام “هنانو”.
وطلب اللصوص من ابنه إعطائهم ما بحوزته من نقود ومجوهرات، إلا أنه رفض وحاول المقاومة، الأمر الذي جعلهم يقتلونه ويسرقوا منه ممتلكات بقيمة 11ألف دولار اميركي تقريباً، كما قال.
ورغم أنه تقدم بشكوى ضد الفاعلين، إلا أنّ التّحقيقات لم تتوصل إلى أي شيء، حسب الرّجل.
ونتيجة لهذه الحادثة مضى عام على ترك الأب المفجوع عمل الصّرافة، “الصّرافة تحولت لمهنة تحاصرها المخاطر في ظل الانفلات الأمني”.
ويُحمّل الخمسيني مسؤولية فقدانه ابنه وتيتم حفيدته، لهيئة تحرير الشّام باعتبارها مسؤولة عن أمن المنطقة، “ولّت نفسها الوصاية على المدينة، وهي التي تتحمل مسؤولية ما يحدث لهذه المنطقة”.
تدخل غير مشروع
ويشتكي وليد النّزال (34عاماً) وهو اسم مُستعار لصراف من مدينة سرمدا منذ 2020، من تدخل هيئة تحرير الشّام بعمل الصّرافين، وسيطرتها على سوق العملات.
ويقول: “مؤسسة النّقد (تابعة لحكومة الإنقاذ) فرضت على الصّرافين الحصول على ترخيص عمل منها، مقابل دفع مبالغ تتراوح بين 2500 و 5000 دولار وتصل إلى 50 ألف أحياناً”.
وأضاف: “الأمر مُرتبط بالمكتب وطريقة عمله وتوسعه في المدينة، ويطلق على المبالغ المأخوذة المودعة، ويمكن استرجاعها في حال ترك الصّراف المهنة”.

وتفرض حكومة الإنقاذ يومياً الأسعار المخصصة للتداول، وتحيل غير الملتزمين بها، إلى اللجنة الأمنية التّابعة لهيئة تحرير الشّام، كما قال الثّلاثيني.
وهناك كثير يمتهنون “تزوير العملات” على حد وصفه، الأمر الذي صَعب المهنة، وجعلها تتطلب مهارات خاصة، إذ يقول الصّراف إنّ “التعرف على المزور بحاجة للخبرة والممارسة”.
ويرى أنّ مزاول هذا العمل يجب أنّ يكون “أميناً وذكياً” وقادراً على تمكين علاقاته مع أغلبية مكاتب العالم، لجذب الزّبائن وكسب ثقتهم.
وتشيد عائشة العبيد (48 عاماً) من سكان مدينة حارم، بمكاتب الحوالات المالية التي تتميز بالسّرعة والسّهولة في التّعامل بعيداً عن أي تعقيدات.
وتتلقى السّيدة الأربعينية من ابنها الذي سافر إلى المانيا مبالغ شهرية، عبر هذه المكاتب، وترى أنها مهمة لأنها “تسهل استلام الحوالات بين الأقرباء، وتصريف التّجار للعملات واستلام مستحقات العاملين في القطاعين الاعلامي والإغاثي”، حسب قولها.