من ليبيا إلى أوكرانيا.. كيف تستخدم تركيا مسلحي المعارضة السورية خدمة لمصالحها؟

دمشق – نورث برس

أفادت مصادر متقاطعة، مؤخراً، عن نية تركيا إرسال عناصر تم تجنيدهم من مقاتلي فصائل الجيش الوطني السوري، إلى أوكرانيا للانخراط في الحرب الدائرة في البلاد ضد روسيا، تحت مسميات قديمة استخدمت في ليبيا وأذربيجان.

وذكر مركز توثيق الانتهاكات في شمال سوريا، الجمعة، أن الجيش والمخابرات التركية عقدوا أكثر من اجتماع مع قادة فصائل موالية لها في منطقتي أعزاز وعفرين بريف حلب الشمالي آخرها كان يوم الثاني من آذار/مارس الحالي.

وطلبت تركيا من قادة الجماعات تجهيز قوائم اسميه لعناصر من فرقة الحمزة والسلطان مراد وفيلق الشام بالإضافة إلى فرقة سليمان شاه المعروفة باسم العمشات وأحرار الشرقية وفيلق المجد، استعداداً لنقلهم إلى أوكرانيا للقتال ضد روسيا. 

وبدأت فعلاً عمليات التجنيد، براتب ألف دولار أميركي شهرياً، بحسب مصادر المركز.

وسائل إعلام روسية بدورها تحدثت عن اجتماعات بين قادة أمنيين أوكرانيين برفقة المخابرات التركية مع قادة فصائل الجيش الوطني السوري، لمناقشة إمكانية تجنيد عناصر لصالح أوكرانيا.

ومنذ بداية الحرب السورية، دأبت تركيا على فرض نفسها على مجريات الأحداث في سوريا، وفي أيار/مايو 2017 مع اتفاق إنشاء مناطق خفض التصعيد بموجب اجتماع في أستانا برعاية روسية-إيرانية- تركية، بدأت تتضح معالم الصورة.

وتوالت هزائم الجيش السوري الحر حينها، وبدأ مسلسل التهجير ونقل السوريين الموالين لتركيا إلى مدينة إدلب، لتقوم تركيا في ما بعد باستخدامهم في معارك ضد الإدارة الذاتية، في شمال شرقي سوريا.

فمن عفرين إلى سري كانية (رأس العين) وتل أبيض، نفذت تركيا عمليات برية وجوية داخل الأرضي السوري مستخدمة العناصر السوريين بهدف تدمير السيطرة على مناطق ذات غالبية كردية على الحدود السورية التركية، (مناطق الإدارة الذاتية)، والتي تعتبرها تركيا خطراً على أمنها القومي.

تستخدمهم في الخارج

وفي ليبيا ومع اندلاع الحرب في نيسان/أبريل 2019، بين قوات قائد الجيش الليبي المشير خليفه حفتر وقوات موالية لرئيس حكومة الوفاق فايز السراج، بدأت تركيا بإرسال عناصر من المعارضة السورية إلى ليبيا، دعماً لمصالحها وحماية لحكومة الوفاق التي أبرمت اتفاقيات مع حكومة أردوغان.

ورغم النفي التركي، أكدت تقارير دولية إرسال تركيا آلاف العناصر من فصائل سورية مسلحة موالية لها، إلى ليبيا، لقتال قوات حفتر دعماً للسراج.

وحينها، نشرت صحيفة “غارديان” البريطانية مقالاً، استناداً إلى مصادرها، يفيد أن “حوالي ألفين من المقاتلين السوريين، ينشطون داخل وحدات أبرزها وحدة أطلق عليها اسم زعيم المقاومة الليبية عمر المختار في ليبيا”.

ومع وقوع قتلى في المعارك وأسر بعض العناصر السوريين على يد قوات حفتر، اضطر أردوغان للاعتراف بإرسال تلك الجماعات.

وأقر أردوغان، في شباط/فبراير 2020، خلال مؤتمر صحفي في إسطنبول، بإرسال “مرتزقة” سوريين مواليين لتركيا إلى ليبيا، إلى جانب مدربين من القوات التركية، لإجراء تدريبات هناك.

في حين فسر وزير خارجية حكومة الوفاق (حينها) محمد القبلاوي، في تصريحات صحفية، أن وجود هؤلاء العناصر، جاء في إطار إرسال تركيا خبراء عسكريين بهدف تدريب عناصرهم.

وكان هدف تركيا التي أبرمت اتفاقات مع حكومة السراج، “التمدد إلى مياه شرق المتوسط الغني بالغاز الطبيعي، فضلاً عن طمعها في الثروات الليبية”.

ورغم الاتفاقيات الدولية على وقف إطلاق النار في ليبيا ومنع إرسال المساعدات العسكرية إلى الجهات المتحاربة هنا، إلا أن تركيا تواصل إرسال المسلحين السوريين إلى ليبيا، وآخرها كانت في شباط/فبراير الماضي.

وضمت 150 مرتزقاً من لواء الفاتح المنضوي تحت مظلة الجيش الوطني السوري، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

تركيا والأزمات

وحيث تواجدت الأزمات تواجدت تركيا، لتوسيع مصالحها مستخدمة المسلحين السوريين في حروب خارجية.

وما أن اندلعت الحرب بين أرمينيا وأذربيجان في نهاية أيلول/سبتمبر 2020، حول إقليم ناغورني قره باخ، حتى بدأت تركيا بإرسال أولى طلائع المسلحين السوريين إلى أذربيجان للقتال ضد أرمينيا.

وكسابقتها في ليبيا ورغم النفي التركي، إلا أن عشرات التقارير الإعلامية تحدثت عن إرسال تركيا المسلحين إلى أذربيجان، ووقع العشرات منهم أسرى في يد القوات الأرمنية.

وكالة رويترز نشرت تقريراً لها في نهاية أيلول/سبتمبر 2020، ذكرت فيه أن مقاتلين اثنين من المسلحين السوريين، قالا إن” تركيا ترسل مقاتلين سوريين من المعارضة لدعم أذربيجان، مقابل راتب شهري يقدر بـ1500 دولار أميركي”.

وزجت تركيا بالمسلحين السوريين في حرب قره باغ، بهدف حماية مصالحها في المنطقة بحثا عن موارد تنعش الاقتصاد التركي المنهار، وفتح الطريق إلى آسيا الوسطى عبر بوابة زانجيزور، إلى جانب مواصلة مشروع الدول الناطقة باللغة التركية وهو البديل لمشروع العثمانية الجديدة.

وانتهت الحرب في قره باغ بالحسم لصالح أذربيجان وحليفتها تركيا، ليتم طرد المسلحين السوريين من المنطقة بعد أن كانوا تحصلوا على وعود بمنحهم الجنسية الآذرية.

وبغض النظر عن أن هؤلاء اختاروا أن يكونوا “مرتزقة” مقابل المال وبندقية تحت الطلب بيد تركيا تديرها حيث تشاء، لكن هل تعلموا هؤلاء الدرس رغم تعرضهم للخداع من قبل تركيا وقادت فصائلهم ولم يتحصلوا حتى على رواتبهم؟ وهل يضمنون الحصول على راتب آخر في أوكرانيا، إن تمّ فعلاً ذهابهم إليها؟”.

إعداد وتحرير: عدنان حمو