ارتفاع أسعار الأعلاف وندرة المراعي في الرقة يدفعان مربي الماشية للتخلي عنها
الرقة – نورث برس
يتذمر مصطفى الحسين (٣٨ عاماً) من سكان الرقة، شمالي سوريا، من غلاء أسعار علف المواشي، وقلة المراعي بالتزامن مع موجة الجفاف التي تتعرض لها المنطقة.
ويمتلك “الحسين” نحو ٥٣ رأساً من الأغنام، ويعمل في هذه المهنة منذ نحو اثنا عشر عاماً، إذ أنها تعد مصدر دخل رئيسي له ولعائلته.
ومنذ أعوام يتخذ “الحسين”، المساحات الخضراء القريبة من الأراضي الزراعية، في حيه المشلب في الطرف الشرقي من المدينة.
لكن تراجع الهطولات المطرية والجفاف في المنطقة أفقد تلك المراعي، عشبها ونباتاتها، على حد قوله.

وقال لنورث برس، إنه اضطر إلى شراء العلف من التجار بالتزامن مع تراجع أماكن الرعي، لكن لم يعد لديه القدرة على تأمين كافة مستلزمات تربية ماشيته بسبب ارتفاع أسعارها.
ودفع انخفاض معدلات الهطولات المطرية في مدينة الرقة وريفها، والنقص الكبير في المراعي، مربي المواشي إلى الاعتماد على العلف، مصدراً رئيسياً لتغذية الأغنام.
وارتفعت أسعار الأعلاف بشكل كبير خلال الأشهر الماضية، وذلك بعد الزيادة الواضحة في الإقبال عليها، الأمر الذي سبب حالة من الركود في أسواق بيع المواشي في مدينة الرقة، بحسب مربي ماشية.
أسعار تفوق الطاقة
وتنتشر تربية الأغنام في عموم ريف الرقة، وتعد مصدر دخل يومي لأغلب السكان، إذ يستفيد القسم الأكبر منهم في بيع مشتقاتها من الحليب والجبن في أسواق المدينة.
وقال “الحسين” إن ارتفاع أسعار الأعلاف لدرجة “تفوق طاقتنا” تسبب بكارثة لمربي المواشي في المنطقة، وشكلت تكاليف تأمين العلف عبئاً كبيراً على عاتقهم.
ويضطر أغلب مربي الأغنام لتأمين ما يحتاجونه من مواد علفية، إلى بيع رأس أو رأسين من اغنامهم لشراء ما يلزم لتغذية المتبقية بثمنها، على حد وصف “الحسين”.
وقال إن عدم اهتمام، ومراقبة الجهات المسؤولة لأسعار العلف، دفع أغلب التجار للتحكم بالأسعار كما يريدون.
ووصل سعر الكيلو غرام الواحد من مادة الشعير إلى نحو ألفي ليرة سورية، بينما كان يباع بـ ٦٠٠ ليرة سورية، العام الفائت، فيما وصل سعر الكيلو الواحد من مادة النخالة ١٥٠٠ ليرة سورية، بحسب تجار في سوق الماكف.
تهرب من تربيتها
تعتبر تربية الأغنام مهنة سائدة في المجتمعات الريفية في سوريا، لأنها تساهم في تحقيق الأمن الغذائي، ويستفاد من منتجاتها مثل اللحوم والحليب ومشتقاتها كالصوف، وتشكل مصدر دخل لكثير من الأسر السورية.
وقال بدر الحسن (٤٧ عاماً) من سكان قرية رقة سمرة ٨ كم شرقي الرقة وهو مربي أغنام، إن ارتفاع أسعار الأعلاف كان سبباً في هبوط أسعار المواشي بشكل كبير، وأعاق حركة البيع والشراء في الأسواق.
وتصل تكلفة ما يحتاجه الرأس الواحد من الغنم نحو ألفي ليرة سورية في اليوم الواحد، وهذا ما يشكل خسارة عند بيعه في حال الاستمرار بدفع تلك التكاليف، بحسب “الحسن”.
وأضاف لنورث برس أن أغلب مربي المواشي وتجارها في المنطقة، أصبحوا يتهربون من شراءها أو احتوائها، بسبب غلاء الأسعار والخسائر التي تلحق بهم، وتجنباً لخسارة رأسمالهم الذي دفعوه لتربيتها.

وأشار إلى أن الجمعيات التي تختص بالثروة الحيوانية في الرقة، لم تستلم مخصصات المربيين من لجنة الزراعة.
ومع غلاء أسعار العلف أيضاً، هناك ارتفاع كبير في الأدوية البيطرية التي أصبحت تباع بالدولار، ولا يوجد رقابة عليهم مما يثقل كاهل مربي المواشي في حال مرض أحد رؤوس الأغنام، بحسب “الحسن”.
وأشار حسين الإسماعيل (٤١ عاماً) وهو تاجر أعلاف في سوق الماكف بالرقة، إلى أن ارتفاع أسعار العلف ليس احتكار التجار، إنما التعامل بالدولار، مما يضطر التجار لبيعه بنفس العملة مع إضافة أرباحهم.
وقال إن حجم التكاليف المفروضة على التاجر عالية من تسويق وتخزين وهدر يطال العلف أثناء التخزين ورطوبة تلحق بأغلب المواد المخزنة، إضافة إلى تكاليف أجرة مستودعات التخزين، على حد قوله.
زيادة في الطلب
وقال منذر رفعت مدير مكتب الثروة الحيوانية في لجنة الزراعة بالرقة، إن أسعار الأعلاف ارتفعت بسبب كثرة الطلب عليها، ولعدم وجود مخلفات محاصيل زراعية يخزنها مربو المواشي لرعي قطعانهم.
والأسباب السابقة، بحسب “رفعت” هي التي دفعت تجار المواشي إلى اللجوء لتجار الأعلاف في أسواق الماكف بهدف شراء المواد العلفية.
ويبلغ عدد المواشي في الرقة، مليوناً و600 ألف من الأغنام والماعز، وستة آلاف و300 من الإبل وستة آلاف من الابقار بالإضافة إلى أعداد من الخيول والماعز الشامي. بحسب لجنة الزراعة في الرقة.
وأضاف “رفعت” لنورث برس، أن زيادة الرقابة على تجار الأعلاف في أسواق الماكف كانت “شديدة”، “لكنها انقلبت عكساً ودفعتهم “لتخزين الأعلاف وعدم بيعها لمربي الماشية، وهذا الأمر يجعل الأمور معقدة أكثر ويزيد من ارتفاع أسعارها”.
وفي حال أراد أي تاجر أو مستورد للأعلاف إدخالها من مناطق أخرى، تقدم له كل التسهيلات، في محاولة لدعم المواد في الأسواق وتسهيل وتخفيف الخسائر على التجار وأعداد الماشية في المنطقة، بحسب “الثروة الحيوانية”.
وفي الرابع والعشرين من شباط/فبراير الماضي، سمحت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، للتجار باستيراد المواد العلفية المخصصة للثروة الحيوانية، دون رسوم جمركية.
وقالت الإدارة الذاتية على حسابها في موقع “فيس بوك”، إن القرار جاء لدعم مربي الثروة الحيوانية ومراعاةً لما تمر به مناطق شمال شرقي سوريا من قحط وجفاف.