"بلومبيرغ" الأمريكية: في سوريا تحطمت أحلام أردوغان "العثمانية" وتراجعت "معجزته" الاقتصادية.

واشنطن – هديل عويس – نورث برس

 

كتبت صحيفة بلومبيرغ الأمريكية، مقالاً تحليلاً يتطرق إلى أبعاد عودة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى عقد اتفاق مع بوتين لوقف إطلاق النار في ادلب، وذلك بعد محاولة من جانبه ولأول مرة، تحقيق ما يريد في إدلب السورية بالقوة العسكرية.

 

استنفاد الخيار العسكري

 

وتذهب الصحيفة إلى أن محاولة أردوغان استهداف الخطط الروسية في إدلب، أثر على حلمه في جعل تركيا دولة ذات نفوذ طاغي تضع القواعد السياسية في الدول العربية ودولاً في أفريقيا.

 

 وجاء في المقال الذي نشرته، أول أمس الجمعة، "عندما وصل أردوغان إلى الحكم، ثم عزز سلطاته في العام ٢٠١٨،أبدى الزعيم الفنزويلي نيكولاس مادورو أعجابه بالرئيس التركي، ووصفه بـزعيم القطب الجديد للعالم".

 

إلا أن تركيا ووفق "بلومبيرغ"، والتي لا تملك ترسانة نووية بدت كل الوقت خائفة من التوغل لتحقيق مرادها دون الاتكاء على دولة قوية في سوريا وليبيا، لذا عادت إلى عقد اتفاق لوقف إطلاق النار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعد أن "أظهرت الدفاعات الجوية الروسية ورغبة روسيا بالحرب، تهديداً عسكرياً وسياسياً للزعيم التركي أردوغان، تمثّل بمقتل جنوده واحتمالية تدفق ملايين اللاجئين الى بلاده، الأمر الذي أظهر عجز تركيا وعدم قدرتها على تحقيق ما تريده بالقوة".

 

تراجع الحلم

 

وترى الصحيفة أن أردوغان الذي نجح في جعل الدراما والثقافة التركية تنتشر أكثر من أي وقت في عدة بلدان حول العالم، وتمكّن من جعل شركات الطيران التركية واحدة من أكثر الخطوط ربحاً في العالم، لم ينجح في تحقيق حلمه بنقل تركيا الى مكانة سياسية جديدة مثلما نجح في الاقتصاد.

 

فبعد العام ٢٠١١ أراد الرئيس التركي أن يرى جيلاً من الحكام التابعين لأحزاب الإسلام السياسي تحكم في عدد من الدول العربية، ومحاكاة نموذجه في الحكم، إلا أن الحلم تبدد في مكان بعد الآخر، فمن الاطاحة بمحمد مرسي في مصر، إلى تنحي حزب النهضة الإسلامي في تونس، إلى الكلفة الباهظة التي تدفعها تركيا دون أن يتحقق حلم رئيسها أردوغان في كل من سوريا وليبيا.

 

"بوتين" أبرز التحديات

 

وبحسب "بلومبيرغ"؛  فإن روسيا بقيادة بوتين تشكل أهم عامل يسعى لتحجيم تركيا وأحلام رئيسها أردوغان الذي أراد منافسة روسيا والصين في ملء الفراغ الذي تتركه أميركا بتوجهها الانعزالي الجديد.

 

فبينما يواجه بوتين المشكلات بتحدٍ أكبر للعالم الرافض لنفوذ بلاده الجديد، يتردد أردوغان وتجعله الخسائر في كل من إدلب وليبيا يتردد أكثر، فيعود لطلب النجدة من حلف الناتو والحلفاء الغربيين غير الراضين أصلاً عن نفوذه الجديد.

 

 

استياء أوروبي

وتذهب بلومبيرغ إلى أن أوروبا تقف في وجه تهديداته بإرسال اللاجئين السوريين الى شواطئهم ولا تفعل شيئاً لحماية جنوده في إدلب ليكمل المعركة، كما أن أميركا ترفض تزويده بمنظومة الدفاع الجوي باتريوت، الأمر الذي بدأ يُظهر ضعف أردوغان وحجته لنشر نفوذ بلاده في المنطقة، عدا أنه خسر في هذه الأثناء نقاط قوى أخرى، بعد أن ركّز السلطات بيده وسحق الديمقراطية في بلاده، ما أوقف المعجزة الاقتصادية التركية، وقلّص قوة تركيا الناعمة.

 

 

ضيق الخيارات

وتخلُص الصحيفة الى أن المعضلة التي ستمنع أردوغان دائماً من تحقيق حلمه بإعادة النفوذ الامبراطوري لتركيا؛ هي أن الحلفاء الغربيين لن يكونوا هنا لدعمه في مغامراته أو تخليصه من أزماته، كما أن روسيا والحلفاء في محورها، والذين حقق تحدي الغرب تقارباً بينهم، فحتى وإن امتدحوه مثلما فعل الزعيم الفنزويلي مادورو، فإن المشكلة في هذا المحور الذي يرغب أردوغان التوجه نحوه، تكمن أنه جمهور لزعيم واحد هو "بوتين"، وهذا الزعيم لا يريد لأحلام أردوغان أن تتحقق، أو أن تصبح تركيا مؤثرة.