انعدام المراعي وغلاء الأعلاف يضعان الثروة الحيوانية بريف الحسكة على المحك

تل تمر –  نورث برس

يقف محمد حسن (35 عاماً) وهو مربي ماشية في ريف مدينة الحسكة، شمال شرق سوريا، أمام عدد من أغنامه النافقة بسبب الجوع، بينما يكتنفه القلق حيال قطيعه المتبقي الذي تتناقص أعداده تدريجياً.

ومنذ اندلاع الحرب السورية، حط محمد حسن الذي ينحدر من محافظة حمص، رحاله في ريف الحسكة كملاذ آمن لرعي أغنامه، كما أن توفر المراعي الطبيعية كانت تغنيه، كما باقي أقرانه، عن شراء العلف الصناعي.

ولكن هذا العام وبسبب غلاء الأعلاف في السوق السوداء وعدم حصوله عليها من قبل الإدارة الذاتية وقلة المراعي نتيجة ندرة الأمطار، خسر “حسن” أعداداً من أغنامه.

وتسبب تأمينه للعلف من السوق السوداء لفترة محددة، بتراكم الديوان عليه حيث بلغت 75 مليون ليرة سورية، دون استطاعته سدادها حالياً.

وتواجه الثروة الحيوانية في ريف الحسكة كما معظم مناطق شمال شرقي سوريا، تحديات كبيرة بسبب الاحتباس المطري في العاميين الأخيرين.

ويتكبد المربون خسائر يصفونها بـ”الباهظة” جراء غلاء أسعار العلف الصناعي في السوق السوداء وعدم توفرها بكميات كافية لدى قسم الثروة الحيوانية في لجنة الزراعة في بلدة تل تمر 40 كم شمالي الحسكة.

“الماشية تموت”

وفي قرية عب الناقة شرقي تل تمر، نصب “حسن”، خيمته على سفح أحد التلال المحيطة بالبلدة، يسرح بقطيعه الذي يتجاوز عدده الألف رأس من الغنم، بين الصخور السوداء لعله يجد ما يسد جوع القطيع في براري المنطقة.

ويقول لنورث برس بينما يشير بيديه إلى أغنامه، “الوضع سيء، كما ترى الماشية تموت، منذ أربعة أيام أغنامي بلا طعام، خسرت المئات من أغنامي خلال الأيام الماضية، فخسائري المادية لا تحصى”.

وقبل عامين، كان “حسن” يتفاخر بأعداد رؤوس الماشية التي كان يملكها والتي توارثها عن أبيه الذي ورثها بدوره عن والده .

ولكن حالة الجفاف، أدت إلى تراجع إنتاج الحليب واللبن لديه من عشرات الكيلوغرامات يومياً إلى “الصفر”، بحسب قوله.

وضمن حظيرة أغنامه المصنوعة من الأسلاك التي شيدها بالقرب من خيمته، يقوم المربي الثلاثيني بحقن أغنامه بعدما لحقت الأمراض بالكثير منها، بينما تسبب الجوع ببروز عظامها.

ويقول: “أسابيع قليلة وستموت باقي الأغنام إن لم تجد ما تأكله”.

وفي ظل المخاطر المحدقة بمصدر معيشته الوحيد، يواجه “حسن” صعوبات جمة في تأمين العلف لماشيته، بعدما أخبره قسم الثروة الحيوانية بتل تمر، بوضع اسمه في نهاية القائمة التي توزع العلف على المربين بالمنطقة.

وتحتضن منطقة تل تمر لوحدها أكثر من 200 ألف رأس من الأغنام و1500 رأس من الأبقار، وفق إحصائية رسمية لقسم الثروة الحيوانية في البلدة.

تأخر توزيع العلف

وأسبوعياً، يستهدف قسم الثروة الحيوانية عشرة من مربي المواشي فقط في ريف تل تمر، لتسليمهم العلف بكمية 10 كيلوغرامات لرأس الماشية الواحد، ويعتبر ذلك “قليلاً” مقارنة مع موسم الجفاف.

ووفقاً لقسم الثروة الحيوانية، فإن مربي الأغنام في 25 قرية، من أصل 270 في تل تمر، استلموا العلف حتى الآن، فيما ينتظر آخرون دورهم والذي قد يستمر لعدة أشهر.

وبحسب ذات المصدر، فإن عملية التوزيع ستعاد مرة ثانية بعد الانتهاء من استهداف جميع القرى.

وفيما يتعلق بمربي الماشية الوافدين إلى مناطق الإدارة الذاتية، سيتم توزيع العلف عليهم حين الانتهاء من استهداف مربي المنطقة الأصليين، بحسب خالد معمد، إداري في قسم الثروة الحيوانية بتل تمر.

ويتراوح سعر مبيع كيلوغرام التبن والشعير ما بين بـ 1200 و 1400 ليرة سورية في السوق السوداء، بينما بياع بسعر 450 ليرة لدى مؤسسات الإدارة الذاتية.

وأمام هذه الظروف الصعبة التي تواجه قطاع الثروة الحيوانية، ينتقد المربون مؤسسات الإدارة الذاتية، ويتهمونها في التقصير بالقيام بدروها تجاه هذا القطاع وتأخير عملية توزيع العلف.

وعلى وقع هذه الصعوبات، تشهد أسعار الماشية تدنياً كبيراً وهو ما يكبد مربوها خسائر كبيرة وعزوفاً عن تربيتها.

وفي سوق مخصص لبيع المواشي على أطراف تل تمر، يقول فيصل محمد الذي يملك 40 رأس من الأغنام، إنه يضطر أحياناً لبيع بعض الرؤوس من أغنامه ليتمكن من تأمين العلف للبقية.

ويشير إلى أن أسعار الماشية تراجعت كثيراً مقارنة مع العام الفائت، “سابقاً كنت أبيع النعجة بـ 900 ألف بينما الآن نبيعها مع خاروفها بـ 125 ألفاً، وأغلب الأحيان لا تباع أيضاً”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد