تحرير الشام تواصل تضييقها على السكان عبر معبرٍ شمال إدلب
إدلب – نورث برس
تتخوف سميرة الأحمد (35عاماً) وهو اسم مستعار لنازحة في مخيمات أطمة شمال إدلب، أثناء عملها في تهريب مادة المازوت من تعرضها للضرب أو مصادرة ما تحمله، من قبل عناصر هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة) سابقاً.
وتمنع الهيئة إدخال المحروقات وبعض أصناف الخضار عبر معبري دير بلوط والغزاوية إلى مناطق سيطرتها في إدلب حيث تحتكر شركات تابعة لها مثل “وتد للبترول” أسواق المحروقات وتتحكم بأسعاره.
وتقول “الأحمد” إنها اضطرت للعمل في هذه المهنة، بعد مقتل زوجها، حيث أصبحت مسؤولة عن إعالة ثلاثة أطفال، وعليها تأمين قوت يومهم.
وتقطع الشابة مسافة 2 كيلو متر، سيراً على الأقدام حيث تدخل إلى مدينة عفرين عبر المعبر الرئيسي، وتقوم بشراء المازوت، لتبدأ عملية تهريبه عبر الأحراش الزراعية “أحراش التليل”، التي تتخذها طريقاً لإيصال المادة إلى الطرف الآخر.
وفي العاشر من شباط/ فبراير الجاري، توفيت امرأة نازحة، متأثرة بجراحها جراء إطلاق نار عليها من قبل عناصر تحرير الشام وذلك أثناء عملها في نقل بضع ليترات من مادة المازوت قرب بلدة أطمة.
وقالت مصادر طبية، لنورث برس، إن “فاطمة عبد الرحمن الحميد البالغة من العمر (28 عاماً)، توفيت في مشفى باب الهوى الحدودي مع تركيا، بعد أن بقيت لأكثر من ثلاث ساعات في العناية المشددة”.
“ملاحقة أطفال ونساء”
ويلاحق عناصر الهيئة الأطفال والنساء اللواتي لا معيل لهن، بحسب “الأحمد”،
“في حين يقوم أشخاص بتهريب سيارات وأحمال من الدخان والمازوت بعد دفع مبالغ لهؤلاء العناصر لغض الطرف عنها”.
وتتقاضى “الأحمد” مبلغ 35 ليرة تركية (نحو عشرة آلاف ليرة سورية) لقاء تهريبها “غالون” بسعة 30 ليتراً من مادة الديزل، مستغلة فوارق الأسعار بين المنطقتين.
وأواخر العام الماضي، تداول ناشطون صوراً لثلاثة أطفال تعرضوا للتعذيب من قبل عناصر الهيئة، خلال قيامهم بتهريب الدخان من مناطق نفوذ الجيش الوطني في عفرين إلى مناطق تحرير الشام.
ومطلع الشهر الجاري، تعرض الطفل مصطفى ربيع (12عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مخيمات دير حسان الحدودية، للضرب والتعذيب من قبل عناصر الهيئة، أثناء عمله في تهريب بضعة علب من الدخان عبر الأحراش الزراعية الواصلة بين مدينتي عفرين وإدلب.
ويقول الطفل من مدينة معرة النعمان إن دورية تسمى “بحرس الحدود” أوقفته وصادرت جميع ما يحمله من علب الدخان التي لا تتعدى خمس “كروزات”، قبل أن يعمدوا إلى اعتقاله لأكثر من 12 ساعة وضربه.
ولم يُسمح للطفل طيلة فترة احتجازه بالطعام أو الشراب، فضلاً عن تهديده بالسلاح والقتل في حال عاد لتهريب الدخان مرة أخرى.
ويحصل “ربيع” على مبلغ 15 ليرة تركية (نحو أربعة آلاف ليرة سورية) لقاء تهريب كمية من الدخان.
غرامات وتأجيل السفر
تتعدد انتهاكات عناصر الهيئة وحواجزهم عند معبر دير بلوط شمال إدلب، متمثلة بعمليات اعتقال وضرب وإطلاق رصاص حي، وترويع المارين على هذا المعبر، مما يدفع العديد من السكان لتأجيل أو تعليق رحلاتهم مخافة المرور منه.
وتعرض فراس حجاج ( 45 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان مدينة إدلب، للاعتقال على معبر دير بلوط، بسبب تعبئة أكثر من 10 ليترات من المازوت في خزان وقود سيارته.
يقول “حجاج” إن عناصر الهيئة احتجزوا سيارته، وسجنوه لثلاثة أيام ليضطر لدفع مبلغ 100 دولار أميركي، مقابل خروجه من السجن، دون أن يعلم بالجرم أو الجناية التي ارتكبها حتى اللحظة.
ويقول رائد العيدو (35عاماً) وهو اسم مستعار لسائق من مدينة إدلب ويعمل على طريق عفرين- أطمة، إن “العديد من المسافرين يؤجلون رحلاتهم مخافة التشديد الأمني والعبور من المعبر”.
ويضيف “العيدو” لنورث برس، أنه يحتاج في بعض الأحيان للوقوف أكثر من ثلاث ساعات ضمن طوابير السيارات حتى يتمكن من العبور، وذلك بسبب عمليات التفتيش الدقيقة.
ويشير إلى أنه خلال انتظارهم يحدث أن يقوم عناصر الهيئة بحملة اعتقالات وإطلاق نار يتسبب بترويع المسافرين والمارة.
ولا تحاسب الهيئة عناصرها على جرائمهم وانتهاكاتهم المستمرة بحق سكان المنطقة، حسبما يقول رامي العبد الله (42 عاماً) وهو اسم مستعار لناشط حقوقي في مدينة إدلب.
ويشدد “العبد الله” على ضرورة وضع حد لتمادي عناصر هيئة تحرير الشام من خلال حملات واحتجاجات على السلطات القضائية التي لطالما “برئت قتلة ينتمون للهيئة”.