ديرك – نورث برس
صنابيرُ عدد كبير من منازل سكان مدينة ديرك، أقصى شمال شرق سوريا، لا تقطر إلا عندما يملأ الصّهريج الخزانات كل ثلاثة أيام، إذ ظهرت مشكلة انقطاع المياه في تلك المنطقة، بعد سنتين من بدء الأحداث السّورية.
ويقول جعفر سيفو (55 عاماً) من سكان حي الشّهيد خبات بديرك، إنّ زيادة عدد المنازل العشوائية، نظراً لتوافد النّازحين من مناطق الصّراع إلى الحي، “فاقم مشكلة قطع المياه أكثر”.
ويعاني سكان 150 منزلاً فقط في الحي من عدم وصول المياه إليهم، لذا يضطرون للذهاب إلى بلدية الشّعب، والحصول على الماء من الصّهريج.
ويرجع سكان محليون السّبب، في عدم وصول المياه، إلى ارتفاع الحي والانقطاع المُتكرر للكهرباء، إضافة لأن الصّهاريج الموجودة في المرآب لا توزع المياه كلها.
ولا يوجد في المرآب إلا صهريج واحد مخصص للتوزيع، يعبئ المياه من منهل، فيتأخر التوزيع، كما قال “سيفو”.
وكما في كل عام ومع اقتراب فصل الصّيف تتجدد معاناة السكان في شح المياه، إذ أنّ الحرارة في هذا الفصل تصل إلى أربعين درجة مئوية في بعض المرات، حسب سكان محليين من ديرك.
ويشير “سيفو” إلى أنهم تلقوا وعوداً من البلدية بحفر بئر منذ بداية عام 2021، إلا أنّ “العمل لم يكتمل”.
ويخدم مدينة ديرك 23 بئراً للمياه، على مدار 24 ساعة، وتشغل ثماني مولدات 12 بئراً منها فقط في حال انقطاع التّيار الكهربائي، إلا أنها لا تلبي حاجة المدينة، حسب مصدر مسؤول في دائرة المياه.
بانتظار الاكتمال
وفي أيلول/ سبتمبر 2021، حددت لجنة البلديات وحماية البيئة في القامشلي موقعاً لحفر البئر في حي الشّهيد خبات، بميزانية تقدر بأربعين ألف دولار، حسب مصطفى أحمد مدير دائرة المياه في ديرك.
وأضاف: “تم الإعلان عن مناقصة مرتين، لكن لم يتعاقد أحد من المُتعهدين، لذا قررنا العمل عن طريق الأمانة”.
وفي السادس والعشرين من تموز/ يوليو 2021، أعلنت بلدية الشّعب في ديرك عن المُناقصة الثّانية بالسّرعة الكلية، وهي لحفر بئر مع خزان عالي والخطوط في حي الشّهيد خبات.
وبالفعل بعد مباشرة العمل، يشير “أحمد” إلى أنَّ عمليات الحفر وصلت لعمق مترين، لتتوقف بعدها، نتيجة عدم وجود حفارة ملائمة لأن “البئر بحري، ويجب استعمال حفارة البرم، التي تقوم بالحفر عن طريق الدّوران، وتُحطم الحجارة بدون أن تنحرف عن مسارها”.
وأضاف: “يصعب الحصول على الحفارة المطلوبة، إذ بحثنا عنها في إقليم الجّزيرة عن طريق البلدية ومجلس الناحية والإدارة العامة في القامشلي”.
وبالنسبة لطبيعة الأرض في المنطقة فهي صخرية، وعلى أقل تقدير عمق البئر يجب أن يكون 200 متر، حسبما قال “أحمد” لنورث برس.
ويشكل ترك البئر مكشوفاً، “خطراً على الأطفال” من وجهة نظر “سيفو”، خشية وقوعهم فيه.
وما يزال مشروع إنجاز البئر “قائماً”، إذ تعاقدت الجّهات المعنية مع حفارة ستستكمل الحفر في الأيام القادمة، لكنها تعمل على إنجاز بئر آخر حالياً، بحسب مسؤول في دائرة مياه الحي.
بلا ماء
وفي الواحد والعشرين من تموز/ يوليو 2019، نقلت وكالات إعلامية، عن وجود مشروع تنفذه دائرة المياه التّابعة للإدارة الذّاتية في ديرك، لتوسيع شبكة مياه بطول 275 متراً في حي الشّهيد خبات، لتزويد حوالي 100 منزل بالمياه.
ومنذ أربعة أشهر، انقطعت مياه الشّبكة عن الحي بشكل متواصل، وتقول عاصمة معروف (57 عاماً) من سكان الحي، إنّ “أولادي يذهبون إلى البلدية كل أربعة أيام، وينتظرون أربع أو خمس ساعات للحصول على المياه”.
وتشير “معروف” إلى وجود بئرين ارتوازيين (شخصيين) في الحي، إلا أنّ واحداً منهما مياهه صالحة للشرب، أما البئر الثّاني فمياهه كلسية، “لا يستخدم للشرب أو إعداد الشّاي”، وبعض سكان الحي مجبرون على استخدامه للاستحمام أو إعطاءه للحيوانات فقط.
وتقول “معروف” إنّ البئر الأول “لا يغطي حاجة السّكان كافة”، لأن الكهرباء تأتي ساعة وتنقطع ساعتين.
ويحصل على المياه من البئر الجيران القريبون من منزل صاحبه عبر مُحرك “الدينمو” في ساعات قدوم الكهرباء، وبقية المنازل تعتمد على الصّهريج.
وبناء على ذلك، تطالب الخمسينية، البلدية بإيجاد حل لمشكلة انقطاع المياه، فهذه المشكلة لا تنحصر فقط بحي واحد، بل تعاني منها “عدة أحياء” في المدنية.
وتلجأ “معروف” لاستخدام جملة عامية تختزل مُعاناتها، “هذا هو حالنا بنواجه الهلاك، اليوم الصّبح ما في كاس مي نشربها لا عنا ولا عند الجيران”.