منازل حي في حلب مضافةٌ لمسلحي لواء الباقر رغماً عن أصحابها

حلب نورث برس

على مرأى مصباح السّعيد (50 عاماً) وهو من سكان حي المرجة في حلب شمالي سوريا، يسكن آخرون، منزله الذي يحتضن ذكريات الطّفولة، بعد أنّ رفض مسلحو لواء الباقر تسليمه إياه، كغيره من سكان الحي الأصليين.

والآن يقف “السّعيد” مكتوف اليدين، غير قادرٍ على العودة، ويقول لنورث برس: “استغل مسلحو لواء الباقر غيابي عن منزلي، ليستضيفوا من خرج من قرى إدلب”.

وفي التاسع عشر من تموز/ يوليو 2018، أُجليَّ ما يقارب السّبعة آلاف شخص، من سكان بلدتي الفوعة وكفريا الشّيعيتين في ريف إدلب، واللتين خضعتا لحصار المعارضة السّوريّة.

وجهز عناصر الباقر في وقت سابق، المنازل في حي المرجة، من تمديدات المياه والكهرباء، والأثاث المنزلي، تحت إشراف فيلق المدافعين عن حلب، لإسكان نازحي إدلب فيها.

وبعد أنّ عاد “السعيد” وأسرته إلى الحي، يقول: “اليوم في الحي الذي وُلدت فيه اضطر لدفع خمسة وثلاثين ألفاً كإيجار”.

ونهاية عام 2016، خرج “السعيد” وأسرته من الحي إلى قرية المالكية في الريف الشّرقي، نتيجة قصف قوات الحكومة للأحياء.

ويقطن الرجل مع زوجته وابنته فقط، بعد أنّ هاجر أولاده الثلاثة إلى خارج البلاد.

وبجملة “عليك مراجعة مضافة الحاج خالد الحسين قائد لواء الباقر الحالي”، رفض سكان المنزل الجدد، التّفاهم مع المالك الخمسيني أو الإخلاء.

وفي 2014 تأسس لواء الباقر بدعم إيراني في ريف حلب، وينتمي مؤسسه خالد المرعي لعشيرة البكارة، والذي سعى إلى الانتقام لوالده الذي قتله الجيش الحر، بعد أن دخل حلب في 2012.

محاولات مقموعة

ولم يمل “السَّعيد” من المحاولة، إذ قدم معروضاً للمحكمة المدنية، وتابع الأمر مع قسم شرطة الصّالحين، وفي النهاية أصدرت المحكمة إبلاغاً بإخلاء منزله، كما أفاد.

وأثناء نهوضه على قدميه المملوءتين فقاعات جلدية، نتيجة إصابته بداء السّكري، لما شهده من لحظات خوفٍ جراء انتهاكات بحقهم، يكمل حديثه: “ما لبث هنا أنّ تدخل مسلحو لواء الباقر”.

ويقول: “أوقفوا التّبليغ بتهديدي بالتصفية أو الاعتقال، بتهمة أنني كنت من الحاضنة الشّعبية لمسلحي المعارضة”.

ويشعر “السعيد” أنه يعيش في وطنه بلا كرامة، معبراً عن ذلك بجملة “أنا ذليل”.

وفي الرابع عشر من تشرين الأول/ أكتوبر 2018، حاول السّكان الأصليون للحي إخراج ساكني منازلهم، إلا أنّ تدخل لواء الباقر بقوة السّلاح، أجبرهم على التزام الصّمت.

ويُشبه نضال الأسود (55 عاماً) وهو اسم مستعار لأحد سكان حي المرجة، حيهم بـ”السّوق السّوداء” بعد أنّ تحكم مسلحو الباقر بإدارة جميع المفاصل فيه.

وفي نهاية 2016 دخل مسلحو لواء الباقر الذي يضم عناصر مُتشيعين من أبناء القبائل، الحي وأقاموا  مضافة تشبه القلعة المُصغرة، يحميها عناصر اللواء.

ويعمل مسلحو هذا اللواء بتجارة أنواع المخدرات والممنوعات، حسب معلومات حصلت عليها نورث برس من سكان محليين.

وعاد “الأسود” مع زوجته إلى الحي في 2018، بعد سفر ابنيه، واصفاً هذه الخطوة بـ”غير المجدية” لأنه خسر منزله في قصف القوات الحكومية، وتدمر دكانه الذي كان مصدر رزقه.

ولم يبق للرجل سوى قطعة أرض في الرّيف الشّرقي يزرعها ويقتات منها، بحسب قوله.

ضيوف بالإكراه

وتملك أسرة “الأسود” ثلاثة منازل في الحي، تعود ملكيتها للأب، “اثنان منها استولى عليها مسلحو الباقر”.

وأما المنزل الثّالث، فيشير “الأسود” إلى أن شقيقه يقطن فيه، إذ لم يخرج منه عندما دخلت المعارضة، وهذا ما جعله “خارج سيطرة اللواء”.

وكغيره تقدم الرجل بشكوى لمختار الحي، الذي رفض مساعدتهم، نظراً لعدم وجود ملكية شخصية، ورد عليه بالقول: “لا شيء باسمك، وتريد منزلك”.

واعتمدت القوات الإيرانية على لواء الباقر لنشر المذهب الشّيعي، وتجنيد الأطفال، في حين أنّ ما يعزز سلطة اللواء، انتشاره الواسع في حلب ودير الزّور، وكون شقيق قائد لواء الباقر عمر الحسين عضو في مجلس الشّعب، حسب ما تداولته وكالات إعلام محلية.

وقال أحد السّكان القادمين من كفريا والذي رفض التّصريح عن اسمه لنورث برس، إنهم بانتظار نقلهم إلى الأبنية التي تقوم إيران بتجهيزها في حي جب الجّبلي عقب استلامها من الأوقاف السّورية، بموجب عقود إجار طويلة الأمد.

ولم يحدد الرّجل المدة الزّمنية لتنفيذ ذلك.

وخسر ربيع الحلو (40 عاماً) منزله في شارع المدارس، المؤلف من غرفتين بناهما بكده، وأُجبر على الخروج من منزله نتيجة قصف الطّائرات والمدافع في 2016، ليعود في 2017، ويجد المنزل منهوباً، فعاد أدراجه إلى أسرته في الرّيف الشّرقي، ليعمل بنجارة الباطون ويجمع المال بغية إعادة تجهيزه.

ورجا “الحلو” قائد عناصر لواء الباقر، ليعيد إليه المنزل الذي وجده مسكوناً بعد عودته لإصلاحه في 2018، ليرد عليه “جد أي بيت وأسكن فيه وسنساعدك، أما بيتك فلا نستطيع إخراج ضيوفنا وليس من عاداتنا ذلك”.

إعداد: معتز شمطةتحرير : هيلين محمد