قلة المراعي وغلاء المواد الصناعية يهددان تربية النحل شمال الحسكة

تل تمر – نورث برس

بعناية فائقة يتفحص صالح سلو وهو مربي نحل في ريف مدينة الحسكة، شمال شرقي سوريا، لوحات الشمع لخلايا نحله واضعاً لها أغذية صناعية للحفاظ على تكاثرها في هذا التوقيت من الموسم رغم غلاء أسعار المواد.

وتشتهر المناطق الشمالية الشرقية كغيرها من المناطق السورية بتربية النحل وإنتاج العسل، إلا أن هذه المهنة باتت على المحك بعدما شحت الأزهار والتي أثرت على أسراب النحل إذ أنها لم تعد تجد ما يكفيها من رحيق النباتات بسبب تراجع المحاصيل الموسمية في المنطقة.

وخلال السنوات الماضية، كانت المحاصيل الموسمية تعد المصدر الأساسي لتغذية النحل، وتغني المربين عن شراء الأغذية الصناعية.

ولكن شح الأمطار خلال العامين الماضيين، وتراجع المراعي الطبيعية، شكل عقبات أمام المربين، لتتناقص أعدادهم رويداً رويداً بعدما أغلقت بعض المناحل أبوابها.

وفي قرية بوغاز 10 كم شرقي بلدة تل تمر شمال الحسكة، يقول “سلو” (43 عاماً) والذي يعمل في تربية النحل منذ سنوات طويلة، إن الإنتاج المحلي من العسل خلال السنوات الفائتة كان يؤمن احتياجات الأسواق المحلية وبكميات وافرة.

ولكن كل ذلك تغير في العامين الأخيرين، بعد عزوف كثيرين عن هذه المهنة بسبب الخسائر المادية التي لحقت بهم، وسط غياب الدعم من المنظمات والجهات المعنية، وفقاً لما ذكره “سلو”.

ويضيف الرجل الأربعيني لـنورث برس، بينما كان يرتدي لباس الحماية الأبيض الواقي من لسعات النحل، “في الفترة الفائتة جاءت الكثير من المنظمات لدعم المشاريع الصغيرة، لكن للأسف يتم تسجيل أسمائنا دون تقديم الدعم لنا”.

خطر القصف

ويضطر مربو النحل لشراء المواد الصناعية المغذية للنحل التي ارتفعت أسعارها أضعافاً مضاعفة، على وقع الأزمة الاقتصادية وانهيار قيمة الليرة السورية أمام الدولار الأميركي.

وعلى وقع تراجع أعداد مربي النحل، تفتقر مناطق الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا، لإحصائيات رسمية لأعداد المربين وكميات إنتاج العسل سنوياً.

وإلى جانب الظروف الاقتصادية والجوية، زاد القصف المستمر للقوات التركية وفصائل معارضة مسلحة موالية لها، والمتمركزين على تخوم البلدة شمالاً وغرباً، مخاوف إضافية أمام مربي النحل في نقل الخلايا إلى مناطق قريبة من خطوط التماس التي تكثر فيها المحاصيل المروية المعتمدة على مياه الآبار.

ويشدد مربو النحل في منطقة تل تمر على أن هذه الظروف تؤدي لتراجع تربية النحل عاماً بعد عام، دون وجود حلول بديلة تؤمن مصدر عيشهم.

ووفق التقديرات، فإن تربية النحل تراجعت بنسبة 70% في منطقة تل تمر وحدها، وسط مؤشرات بتدهور هذا القطاع بشكل أكبر مستقبلاً، إن لم تتوفر الظروف الملائمة لاستمراره.

تداعيات الإغلاق

وأدى إغلاق مناحل لأبوابها وتناقض عدد الخلايا لدى المربين إلى انخفاض الإنتاج المحلي من العسل في العامين الأخيرين، ما أدى لارتفاع أسعاره عدة أضعاف.

ويباع الكيلوغرام من العسل ما بين 30 و40 ألف ليرة سورية في الأسواق، بينما كان في السنوات السابقة يباع بـ 3500 ليرة.

وأدى ذلك إلى تراجع الطلب على شراء العسل إلى مستويات متدنية مقارنة مع السنوات الفائتة، نظراً للرواتب التي تبلغ وسطياً نحو 100 دولار أميركي، لشريحة كبيرة من العاملين في القطاعين العام والخاص.

ويقول سلمان معو وهو صاحب متجر للمواد الغذائية وسط شارع فلسطين في السوق الرئيسي ببلدة تل تمر، إنه خلال السنوات الماضية كان يبيع ما يقارب 250 كيلوغرام من العسل سنوياً.

ولكنه حالياً، يبيع ما يقارب 50 كيلوغرام فقط.

ويشير “معو” إلى أن أغلب الزبائن الذين يشترون العسل حالياً يستخدمونه كعلاج للمرضى وبكميات قليلة.

ويرى أن الوضع الاقتصادي له دور كبير على عملية بيع العسل، “لا يستطيع ذوو الدخل المحدود شراء كيلوغرام العسل بـ 35 ألف ليرة، وتلك القيمة تتكفل له بشراء مستلزمات حياتية ضرورية أهم من العسل”.

إعداد: دلسوز يوسف- تحرير: سوزدار محمد