إدلب- نورث برس
باءت محاولات عبد الكريم الإسماعيل، (45عاماً) وهو نازح في مدينة إدلب شمال غربي سوريا، بالفشل، في معرفة أي معلومة عن ابنه المعتقل لدى هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً).
وفي العشرين من كانون الثاني/ يناير الماضي، اعتقلت الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة محمد الإسماعيل ويعمل كصحفي في المنطقة، من وسط مدينة إدلب، واقتادته إلى جهة مجهولة دون توضيح التهمة المنسوبة إليه أو حتى مكان الاعتقال.
وتستمر هيئة تحرير الشام في التضييق على صحفيين وإعلاميين في مناطق سيطرتها، وذلك من خلال عمليات مداهمات واعتقالات تطالهم دون توضيح الأسباب أو مكان الاعتقال، بحسب تقارير إعلامية.
ويعمل “الإسماعيل” (34 عاماً) كناشط إعلامي مع إحدى منظمات المجتمع المدني في إدلب.
وفي السابع عشر من الشهر الماضي، قامت هيئة تحرير الشام باعتقاله، أثناء مروره على أحد حواجزها، ليتم الإفراج عنه، ثم معاودة اعتقاله بعد يومين.
تكميم أفواه
وتعتقل هيئة تحرير الشام صحفيين وناشطين إعلاميين بشكل متكرر، لأسباب تتعلق بالرأي وانتقادات لسياساتها.
ويقول والد الناشط الإعلامي، والذي يسكن مدينة سراقب جنوب شرق إدلب، إنه “لم يتمكن حتى اللحظة من معرفة مصير ابنه “وغدا مصيره مجهولاً”، على حد وصفه.
وأضاف لنورث برس، أن جميع محاولاته لمعرفة مكان احتجازه بائت بالفشل، “بعد رفض محاكم الهيئة إعطاء أي معلومة عنه”.
وأشار إلى أن عناصر في الهيئة “صادروا معدات التصوير العائدة لابنه وهاتفه المحمول أثناء اعتقاله”.
ونهاية العام الماضي، تعرض يحيى كتلاتي (28 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح في مدينة الدانا شمال إدلب، للاعتقال من الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة أثناء تغطيته لاحتجاجات خرجت ضد سياسة تحرير الشام في مدينة إدلب.
ويستذكر الشاب لحظات اعتقاله، ويقول: “كانت الساعة الواحدة ليلاً حين كسر باب بيتي، الواقع في مدينة الدانا شمال إدلب، ليتم اقتيادي إلى أحد معتقلات الهيئة، وتبدأ بعدها رحلة الاعتقال التي استمرت لمدة شهر كامل”.
وتعرض “كتلاتي” لمختلف أنواع الضغوط النفسية والجسدية داخل السجن، بالإضافة للضرب وتوجيه الألفاظ النابية من قبل عناصر الهيئة.
وقال إنه “لم يعرض للمحاكمة طيلة فترة اعتقاله”.
وأشار إلى أنه اضطر للتوقيع على تعهد خطي بعدم مزاولة المهنة مقابل الإفراج عنه، مما دفعه للعمل سراً وبأسماء وهمية ومستعارة، مخافة اعتقاله مرة أخرى.
اقرأ أيضاً:
- هيئة تحرير الشّام في إدلب تحتكر مجال الإعلانات
- هيئة تحرير الشام تضيّق على عمل الصحفيين في إدلب
- صحفيات في إدلب يواجهن مضايقات وتحديات في عملهن
“تطبيل للهيئة”
ويقول صحفيون وإعلاميون، إن سلامة الصحفي مرتبطة بمدى “التلميع والتطبيل” لمؤسسات الهيئة وذراعها المدني المتمثل بـ”حكومة الإنقاذ”، في حين يتعرض الإعلاميون الذين يعملون خارج نصوصها للاعتقال دون إحالتهم للقضاء أو توضيح التهم المنسوبة إليهم.
وتتبع الهيئة عبر حكومتها “الإنقاذ” سياسات الترهيب ضد الصحفيين العاملين في مناطق سيطرتها، وذلك من خلال التضييق عليهم والتحكم في عملهم وفق ما يخدم سياستها، بحسب صحفيين.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، قد تحدثت إلى أربعة “نشطاء” محتجزين في سجن “العقاب” التابع لهيئة تحرير الشام، ونقلت عنهم جميعهم، تعرضهم لظروف سيئة وتعذيب وإساءة في المعاملة.
وقالت المنظمة الحقوقية إن “المحققين كانوا سوريين وتونسيين، حيث لم يتمكن أي من المعتقلين من مقابلة محامٍ أو استشارته، ولم يمثل سوى اثنان منهم أمام قاضٍ شرعي في محاكم الهيئة”.
وأضافت المنظمة أن هذه المحاكم “لم تحقق المستوى المطلوب بموجب القانون الإنساني، بحيث لا يجوز إدانة أي شخص أو إصدار أي حكم بحقه إلا بعد محاكمة عادلة، وهو ما لا يحدث في محاكم الهيئة”.
يقول محمد دياب (35عاماً) وهو اسم مستعار لناشط إعلامي يقيم في مدينة إدلب، إن “انتهاكات هيئة تحرير الشام بحق الإعلاميين والصحفيين واعتقالهم بشكل تعسفي أمر غير مقبول”.
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على عملية ممنهجة لتزوير الوقائع والحقائق والانتهاكات اليومية، بحسب “دياب”.
وأضاف أن معظم الإعلاميين والصحفيين يضطرون للعمل في الخفاء وبأسماء مستعارة خشية الاعتقال بسبب الترهيب الممارس بحقهم.
وأشار “دياب” إلى ضرورة سنِّ قوانين تشرع عمل الصحفي والإعلامي بحرية وحمايته من المخاطر التي يمكن أن تحيق به.