إدلب – نورث برس
مؤخراً، عملت هيئة تحرير الشّام (جبهة النّصرة سابقاً)، على التّحكم بكافة القطاعات الاقتصادية والتّجاريّة الهامة في إدلب، ووصلت لمجال الإعلام والإعلانات الطَّرقيَّة عبر شركة “المُبدعون السّوريون” الخاصة، الأمر الذي عاد بالضّرر على الشّركات الأخرى.
ويقول مهند قرفص (32 عاماً) وهو اسم مستعار لصاحب شركة للدعاية والإعلان في مدينة الدّانا شمالي إدلب، إنّ عمل شركته تراجع بنسبة 80 بالمئة، منذ إعلان حكومة الإنقاذ احتكار القطاع في شركة واحدة تابعة لها.

ورغم أنّ الشَّركة التي أُنشأت في آذار/ مارس 2021، تنفي وجود أي صلة بينها وبين الهيئة، إلا أنّ اسمها لمع بعد فترة قصيرة من افتتاحها، بسبب التَّسهيلات التي تقدمها تحرير الشّام لها، إذ يعمل مراسلوها في كافة مناطق سيطرة الهيئة، إضافة لمناطق المعارضة شمال حلب.
وقال “قرفص” إنّ الشَّركة تمنع أي شركة خاصة أخرى، من تعليق اللافتات والإعلانات على الطّرق الرّئيسيّة كإدلب، سرمدا أو الدَّانا، ولا حتى على الدَّوارات والسَّاحات العامة أو الرّئيسية في أي مدينة في الشّمال السّوري.
“تسهيلات ودعم مالي كبير“
وفي السّابع من تموز/ يوليو 2021، أعلنت حكومة الإنقاذ في بيان، إرساء المُناقصة على شركة “المبدعون السّوريون”، من أجل ضبط التّلوث البصري والانتشار العشوائي للافتات الطرقات، بوصفها الجهة الوحيدة المخولة بإعادة تنظيم ورعاية اللافتات الطّرقية في شمال غربي سوريا.
وبناء على ما سبق، يشير “قرفص” إلى أنَّ الشّركة المحتكرة تسمح للشركات الأخرى بتعليق اللافتات في أماكن الحركة الضعيفة أو “الميتة” على حد تعبيره، الأمر الذي جعل عملهم مقتصراً على تصميم اللافتات للمحال التّجارية في القرى والبلدات الصّغيرة، وأعمال على الإنترنت لصالح مُنظمات ومُؤسسات تجاريَّة.
وفي حال استمر الوضع على ما هو عليه، يتوقع “قرفص” أنّ علمهم لن يستمر طويلاً، ولا سيما أنّ الشّركة المُحتكرة تتمتع بقوة كبيرة، إذ لا يمكن انتقادها أو توجيه الاتهام لأحد موظفيها.
ويضيف: “أحد المراكز الأمنية التَّابعة لحكومة الإنقاذ، دعاني منذ فترة قصيرة، بعد أن تقدم أحد موظفي شركة المبدعون السّوريون بشكوى ضدي، بسبب انتقاد عمل الشّركة”.
وبالرغم من أنّ الشّركة حديثة العهد، يرى “قرفص” أنها تمتلك دعماً مالياً كبيراً، يظهر من خلال أعمالها الضَّخمة على مستوى الشّمال السّوري، مما يؤكد تلقيها دعماً مباشراً من الهيئة، وهو ما تثبته الشّركة نفسها عبر سياستها التّحريريّة.
أسعار خيالية واحتكار علني
ومن جانبه، قال عمر حاج علي وهو اسم مُستعار لمدير مكتب العلاقات العامة في إحدى شركات الإنتاج والدّعاية والإعلان بمدينة إدلب، إنّ “المُبدعون السّوريون” تتلقى أجوراً عالية من العملاء، الذي يجبرون على العمل معها، نظراً لأنّه يمنع على غيرها وضع أي لافتة أو إعلان في الأماكن الهامة.
وأضاف: “دوار سرمدا والكرة وساحة السّاعة بإدلب، جميعها محصورة بإعلانات الشّركة المحتكرة، بأسعار تتجاوز الخمسين دولار أميركي لقاء عرض إعلان على الشّاشة الإلكترونيّة لمدة محدودة”.
وفي السّابق لم يكن يُكلف الإعلان ثلاثين دولاراً ويبقى لمدة أطول، نظراً لأن مجال المُنافسة كان مفتوحاً بين الشّركات، ولم يكن العمل حكراً بواحدة منها، حسبما قال “حاج علي”.
ويعتبر الرّجل أنه بالرَّغم من عمله في شركة كبرى سابقاً، لم يكن له علم بالمُناقصة الخاصة بتنظيم الإعلانات، إذ أنّ الموضوع كان أشبه بالسّري، ومما يتضح أنّ المناقصة رست على “المبدعون السوريون” قبل أن يُعلن عنها.

وخلال السّنوات الماضية، رخصت هيئة تحرير الشّام بشقيها العسكري والمدني، شركات خاصة تدعي أنها مستقلة، كشركة “وتد للبترول” التي تحتكر المحروقات والغاز، وشركة “الطاقة الخضراء” المُحتكرة لقطاع الكهرباء، وغيرهما.
وأشار يحيى نعسان وهو مسؤول ترويج في راديو محلي يعمل في مناطق المعارضة ومناطق تحرير الشّام، إلى أنَّ إدارتهم سبق ووقعت اتفاقاً مع حكومة الإنقاذ لنشر إعلانات الرَّاديو كالبرامج والتّرددات، في مختلف المناطق بإدلب.
وتغير ذلك بعد أنّ تسلمت شركة “المبدعون السّوريون” التابعة للهيئة زمام الأمور، والتي سمحت لقسم التّرويج بنشر الرّسومات والإعلانات في أماكن محددة، معظمها غير بارز، كما أفاد “نعسان”.
وأضاف أنّ الشّركة عرضت على الرَّاديو نشر إعلاناته على الطَّرق الرّئيسية، مقابل أجور شهرية أو أسبوعية باهظة جداً أو تعجيزية.
وقال: “سياسة الراديو لا تناسب الشّركة التي تنشر إعلانات عن الشّركات التَّابعة لتحرير الشّام مجاناً كراديو الثَّورة ومؤسسة الإعلام العسكري، اللتين تتبعان للهيئة بشكل مباشر”.