لماذا تخمد الاحتجاجات ضد “تحرير الشام” في إدلب؟

إدلب نورث برس

تشهد مدينة إدلب وريفها، شمال غربي سوريا، بين الحين والآخر، احتجاجات ضد ممارسات هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً)، لكن ما تلبث أن تقمعها الأجهزة الأمنية التابعة للهيئة بقوة السلاح، ما يعيد ذاكرة السكان إلى ما كانت تقوم به الأجهزة الحكومية بحقهم.

ولا تغيب عمليات الاعتقال والتهديد والترهيب بقوة السلاح عن احتجاجات إدلب، وخاصة تلك التي تندد بممارسات الهيئة، وغالباً ما تفرق بالرصاص الحي، دون أن تثمر عن شيء أو تحقق مطالب المحتجين.

وقبل أيام، جوبهت احتجاجات في مخيمات النازحين قرب بلدة أطمة شمال إدلب، والتي خرجت على خلفية إطلاق عناصر الهيئة الرصاص على امرأة تعمل بتهريب المحروقات من عفرين إلى مخيمات أطمة، بالرصاص، بهدف تفريق المحتجين.

الأمر الذي أدى إلى حالة من الخوف والذعر بين النازحين وخاصة الأطفال منهم.

كما هاجم عناصر الهيئة مخيمي “أم الشهداء وسفوهن” واعتقلوا عدة أشخاص بينهم ناشط إعلامي وأطلقوا رصاصاً عشوائياً تسبب بإصابة طفل في قدمه.

والخميس الماضي، أطلق عناصر يتبعون للهيئة، النار على مجموعة من النساء والأطفال أثناء تهريبهم ليترات من مادة المازوت على معبر دير بلوط شمال إدلب، ما أدى لإصابة امرأة بجروح خطيرة، تم نقلها إلى مشفى باب الهوى لتلقي العلاج.

مخاوف من ملاحقة أمنية

وخمدت الاحتجاجات التي دامت يومين فقط مسببة للمشاركين فيها مخاوف من تعرضهم للملاحقة الأمنية، وخاصة أنهم رفعوا شعارات مثل “هل المازوت أغلى من دمائنا؟”، و”دمائنا هدرها النظام واستباحتها تحرير الشام”.

في حين ووفقاً لمصدر من ذوي المرأة المصابة، فضل عدم نشر اسمه، فإن عناصر الهيئة يفرضون حراسة أمنية شديدة على غرفة المرأة المصابة في المشفى ويمنعون أي وسيلة إعلامية من الوصول إليها.

وذكر ذات المصدر، أن عناصر الهيئة أجبروا والد المرأة بعد أقل من ساعة من إصابتها على الخروج بفيديو مصور يدعو من خلاله أقاربه وغيرهم لعدم التدخل في القضية وتركها للقضاء.

ويقول محمد العمري، وهو اسم مستعار لصحفي من نازحي ريف حماة في إدلب، إن مخاوف السكان من الملاحقة الأمنية من قبل “تحرير الشام” تدفعهم لعدم الاستمرار في الاحتجاجات.

ويضيف الصحفي الذي فضل عدم نشر اسمه، خوفاً من تعرضه للاعتقال، أنه سابقاً من كان “يحرض على الخروج ضد الظلم هي المساجد، إلا أن خطبائها اليوم تابعين لتحرير الشام ومسيرين وليسوا مخيرين”.

ووفقاً لمصادر خاصة، فإن وزارة الأوقاف التابعة لحكومة الإنقاذ، كانت قد قامت مساء الخميس الماضي، أي بعد ساعات من حادثة إصابة المرأة، بتوزيع خطب يوم الجمعة على كافة المساجد في مناطق سيطرتها.

وتضمنت الخطب الحديث عن أهمية المعابر وعدم الانسياق وراء الفتن والأخبار التي يتم نشرها على وسائل الإعلام، كما دعت لحقن الدماء، متبعة بذلك سياسة “النظام السوري” في تلقين الخطباء لصالحه، بحسب ذات المصادر.

دعوة لمسيرات مسلحة

ويقول خالد الخميس (37 عاماً) وهو اسم مستعار لنازح من ريف حماة في أطمة، إن الجهاز الأمني في “تحرير الشام” يعمل على نظام زرع استخبارات خاصة به بين السكان.

ويضيف: “للأسف الشديد هناك آلاف المغيبين في سجون الهيئة لا يعلم ذووهم عنهم شيئاً منذ سنوات”.

ويعتقد “الخميس” أن الاحتجاجات ضد سياسة أبو محمد الجولاني، زعيم هيئة تحرير الشام لن تثمر، “وذلك لأنه ليس هناك قوة ضاربة تواجه الجهاز الأمني لديه، فالقيام باحتجاجات سلمية وحمل لافتات ضده لن تغني شيئاً”.

احتجاجات نازحين في مخيمات أطمة شمال إدلب- نورث برس

والحل الأمثل في إخماد سطوة الجولاني، حسبما يرى “الخميس”، هو استخدام السلاح وتجييش السكان ضده بمسيرات مسلحة، “ولا يتم كسر الحديد إلا بالحديد”، على حد تعبيره.

وأواخر الشهر الماضي، خرج العشرات من نازحي مخيمات تجمع الكرامة، شمال إدلب، في احتجاج للمطالبة بالإفراج عن معتقلين في سجونها.

وقبلها بعدة أيام، شهدت قرية دير حسان شمال إدلب، احتجاجاً مشابهاً، ولكن جهاز الأمن العام التابع لهيئة تحرير الشام، عمل على ملاحقة أشخاص شاركوا في الاحتجاج واعتقل شخصين.

ويستنتج “الخميس” من استخدام عناصر الهيئة للرصاص الحي في قمع الاحتجاجات، أن “النظام والهيئة وجهان لعملة واحدة وأن عناصر الهيئة هم شبيحة يعملون تحت إمرة الجولاني”.

إعداد: براء الشامي –  تحرير: سوزدار محمد